صدرت مؤخر عن دار "القصبة"، الطبعة العربية لكتاب "إصلاحات التربية في الجزائر.. رهانات وإنجازات" لوزير التربية الوطنية أبو بكر بن بوزيد، الذي استعرض من خلاله مختلف مراحل الإصلاح التي باشرتها وزارته في المنظومة التربوية. واستهل بن بوزيد كتابه بخطاب رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، الذي ألقاه بمناسبة تنصيب اللجنة الوطنية لإصلاح المنظومة التربوية بتاريخ 13 ماي 2000 بقصر الأمم، قبل أن يحدّد السياق السياسي لهذا الإصلاح الذي بدأ بإنشاء اللجنة الوطنية لإصلاح المنظومة التربوية المكوّنة من 157 عضو، والتي كلّفت سنة 2000 بإجراء تشخيص شامل للمنظومة التربوية للخروج بمقترحات حول مشروع سياسة تربوية جديدة، وبعد مرور تسعة أشهر، قدّمت اللجنة تقريرها لرئيس الجمهورية الذي عرضه على الحكومة. وبعد دراستها للمشروع عبر خمسة اجتماعات، أقرّت الحكومة تشكيل فريق كلّف بضبط خطة عمل لتنفيذ الإصلاح التربوي تمّ عرضها على مجلس الوزراء، الذي أصدر في اجتماع 30 أفريل 2002، مجموعة من القرارات تضمّنت ثلاثة محاور كبرى تناولت "إصلاح المجال البيدغوجي"، "إرساء منظومة متجدّدة للتكوين وتحسين مستوى التأطير البيداغوجي والإداري"، وأخيرا، "إعادة التنظيم الشامل للمنظومة التربوية". ولاستعراض كلّ ذلك بشكل أكثر تفصيلا، قسّم الوزير كتابه الذي يمتد عبر 348 صفحة إلى ستة فصول رئيسية، عنون أوّل فصل منه ب" إعادة صياغة الفعل البيداغوجي"، تناول من خلاله هذه الإعادة عبر إصلاح المناهج الدراسية، واستعمال الترميز الدولي والمصطلحات العلمية بلغة مزدوجة، وترقية المواد الدراسية المساهمة في بناء شخصية التلميذ ( اللغة العربية، التربية الإسلامية، اللغة الأمازيغية، التاريخ والتربية المدنية)، تحسين طرائق تدريس بعض المواد، لا سيما الفلسفة والتربية البدنية، تعزيز المواد الدراسية العلمية والتقنية، بإدراج مادة التربية العلمية والتكنولوجية ضمن برنامج السنة الأولى من التعليم الابتدائي وإدراج مادة الإعلام الآلي، وترقية تدريس اللغة الأجنبية عبر الإدراج المبكر للغتين الفرنسية والانكليزية، التركيز على التربية البيئية والمواطنة، وأخيرا، إعداد الكتب المدرسية الجديدة. أمّا الفصل الثاني فقد خصّصه بن بوزيد للحديث عن "إنشاء نظام جديدي للتقييم" الذي تناول عبره مجمل التدابير المتّخذة على مستوى القطاع التربوي، في إطار تجديد نظام التقييم وشتى الجوانب المتعلّقة بمتابعة عمليات الإصلاح التربوي.. مستهلا ذلك بإطلالة على نظام التقييم في عهد ما قبل الإصلاح التربوي، ثم علاقة الإصلاح التربوي بالتقييم البيداغوجي، لينتقل بعده إلى تقييم مكتسبات التلاميذ وتقييم الكتب المدرسية. في الفصل الثالث، توقّف المؤلّف عند "تجديد نظام التكوين والتدريب البيداغوجي والإداري"، الذي تطرّق من خلاله إلى خمس نقاط بداية بالتكوين الأولي، التكوين أثناء الخدمة، مواصلة تدعيم وتحسين المستوى، وأخيرا، التكوين المتخصّص، ليقدّم في الفصل الرابع "إعادة تنظيم المنظومة التربوية" تناول فيه التعميم التدريجي للتربية التحضيرية، إعادة هيكلة التعليم الإلزامي وما بعد الإلزامي، التعليم الخاص وضرورة إضفاء الطابع الرسمي عليه، الجوانب التنظيمية عبر إصلاح مديريات التربية والمصالح الإدارية.. وغيرها.. أمّا الفصل الخامس، فقد قدّم استعراض المؤلف لمجمل التدابير والإجراءات العملية لمتابعة وتدعيم تطبيق الإصلاح، والدعم الذي قدّمته مختلف المؤسسات الدولية على غرار اليونيسكو واليونيسيف ومشروع الأممالمتحدة للتنمية. واختتم الوزير كتابه بفصل سادس ركّز فيه على عدد من المؤشّرات المتعلّقة بتشخيص مميّزات المنظومة التربية، وعلى ما تحقّق من تقديم ملموس على شتى جبهات الإصلاح التربوي، مع الإشارة إلى بعض النقائص في ميدان التطبيق الفعلي. وفي تحديده للهدف الأساسي لكتابه هذا، الذي يضاف إلى سلسلة من الأعمال التي أصدرها أبو بكر بن بوزيد في مجال الإنتاجات العلمية والتقنية، أكّد وزير التربية الوطنية أنّه يقدّم حوصلة أولية لما تحقّق من الإصلاح إلى غاية 31 ديسمبر 2008 ويعرض مجموعة ما تحقق من أعمال في إطار تنفيذ قرارات مجلس الوزراء. يذكر أنّ وزير التربية الوطنية أبو بكر بن بوزيد حائز على شهادة دكتوراه دولة من المعهد متعدّد التقنيات بأوديسا الروسية، تولى لسنوات طويلة مهمة البحث والتدريس في تخصّص الأوتوماتيكية وتقنيات المعلوماتية بوسائل الاتصال، قبل أن يعيّن عميدا لجامعة البليدة ، كما تقلّد العديد من المسؤوليات السياسية، حيث كان نائبا في المجلس الشعبي الوطني ثمّ وزيرا للتعليم العالي والبحث العالمي فوزيرا للشباب والرياضة وأخيرا وزيرا للتربية الوطنية.