❊ الهيئة الأممية تتمسك بإدراج القضية الصحراوية من خانة تصفية الاستعمار ❊ خيبات المخزن تتوالي ومحاولات تغليط الرأي العام الدولي تسقط في الماء وضع آخر تحديث للخرائط، نشرته الأممالمتحدة والذي شمل الحدود الحقيقية للجمهورية العربية الصحراوية، حدا لمراوغات نظام المخزن الذي يتمسك بأحقيته في هذا الاقليم المحتل، ضاربا عرض الحائط، لوائح الشرعية الدولية، بل أن خريطة الهيئة الأممية، فضحت بما لا يدع مجالا للشك، الاطماع التوسعية التي أحياها المغرب في الفترة الأخيرة للاستيلاء على أقاليم دول الجوار، مما يجعله خطرا محدقا على أمن كل المنطقة واستقرارها. شكل هذا التحديث، صفعة موجعة للرباط ورسالة واضحة تجاهها بأن الأممالمتحدة لن تغير موقفها إزاء القضية الصحراوية المدرجة ضمن قضايا تصفية الاستعمار، رغم المحاولات الفاشلة للوبيات المخزن داخل أروقة الأممالمتحدة، الساعية للضغط من أجل تحريف مسار ملف هذا النزاع الذي طال أمده، من خلال تبني سياسة رشاوى لشراء ذمم ومواقف دول داعمة لأطماعه التوسعية. ويأتي منشور الأممالمتحدة في الوقت الذي يحاول فيه النظام المخزني تغليط الرأي العام الدولي في الاجتماعات الدولية التي يحرص على تنظيمها في المغرب، بخريطة غير معترف بها دوليا، تبرز سيادته المزعومة على الأراضي الصحراوية. ولم يتردد المخزن في سياق هذه النزعة في التلاعب بخريطة "الأقلام الملونة" من خلال رسم خريطة تضم أقاليم جديدة من دول الجوار في تحد للشرعية الدولية. كما تأتي خطوة الأممالمتحدة، أسابيع فقط بعد الحملة التي روج لها المخزن عبر أبواقه الإعلامية، حيث تحدثت مديرة الوثائق الملكية عما أسمته ب"الصحراء الشرقية"، في إشارة إلى جزاء من الأراضي الجزائرية التي تصر العقيدة التوسعية للمخزن على الترويج لها وهي مخطئة في حساباتها. غير أن المسؤولة المغربية ما لبثت أن وقعت في فخ تناقض مزاعمها عندما أقرت بمعطى تطوّر الحدود عبر العصور والتي لم تكن ثابتة في المنطقة، في الوقت الذي حاولت فيه التطاول على دولة موريتانيا، مما يعد تعديا على سيادة الدول، وخرقا واضحا لكل القوانين والأعراف الدبلوماسية، خاصة تلك التي يقوم عليها الاتحاد الإفريقي، والتي تنص على احترام الحدود الموروثة عن الاستعمار. فقد نجح مبدأ احترام الحدود الموروثة الذي أقره ميثاق الأممالمتحدة إلى حد بعيد في تفادي نشوب حروب ونزاعات ثنائية بين الدول الإفريقية، إلا أن جار السوء ما انفك يحاول إحياء هذه النعرات، بداية باحتلاله لأراضي الصحراء الغربية وتعديه في كل مرة على الجزائروموريتانيا، انطلاقا من مادة مسمومة تضمنها دستوره مازالت تحلم بما تسميه ب"الحدود الحقة" وليس الحدود القانونية أو المعترف بها دوليا. وما يبرز التناقض في سياسة النظام المخزني هو أن الملك محمد السادس سبق له أن وقع شخصيا على قانون يعترف فيه رسميا بعدم مغربية الصحراء، حيث أكد خلال امضائه على القانون التأسيسي للاتحاد الافريقي رقم 01.17.01 لسنة 2003 وبحكم البروتوكول المعدل سنة 2017 الذي يسمح للمملكة المغربية بالانضمام الى منظمة الوحدة الإفريقية، أنها دولة مستقلة تحت اسم، الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية. ورغم ذلك يتهرب المغرب من تطبيق قرارات الاتحاد الإفريقي لترسيم الحدود مع جيرانه، حيث شدّدت الجزائر على انشغال العديد من الدول الأعضاء في المنتظم الإفريقي بخصوص هذه المسألة، خلال أشغال الاجتماع الوزاري لمجلس السلم والأمن للاتحاد المخصص لتقييم تنفيذ استراتيجية المنظمة القارية للإدارة المتكاملة للحدود بين الدول الأعضاء سنة2021. وتؤكد الجزائر على ضرورة تسريع وتيرة ترسيم الحدود بين الدول الأعضاء في الاتحاد الافريقي، باعتبار ذلك "خطوة حاسمة للوقاية من النزاعات"، مع "الالتزام الصارم" بعدم المساس بالحدود الموروثة عند نيل الاستقلال في تسوية جميع الخلافات المتعلقة بالحدود على مستوى القارة. غير أن الأطماع المغربية تقع في كل مرة في غيها، من خلال الترويج لانتصارات المخزن بخصوص القضية الصحراوية، حيث لم تترك الرباط أي هيئة سياسية أو اقتصادية أو رياضية إلا وحاولت عبرها اعتماد الخريطة المزعومة. بيد أن عديد الهيئات العالمية تفطنت للمكيدة وسحبت البساط من هذا المشروع التضليلي ولا أدل على ذلك ما فعلته شركة "لاكوست" الفرنسية المتخصصة في خياطة الملابس الجاهزة، حيث طرحت قمصانا للبيع تحتوي على خريطة المغرب الحقيقية منفصلة عن الجمهورية العربية الصحراوية، ما أثار غيظ ابواق المخزن التي عاشت فترات هيجان غير مسبوقة، لدرجة أنها هددت برفع احتجاجها بتهمة المساس بوحدة المملكة المغربية، دون ذكر أي جهة ستقصدها، خاصة إذا علمنا أن الأممالمتحدة لا تعترف إلا بالخريطة التي استحدثتها مؤخرا، وهو نفس الموقف الذي يتبناه الاتحاد الأوروبي. ولا ندري ما إذا كان المغرب سيتعظ، أمام خطوة الأممالمتحدة التي قزمت أحلامه لتجسيد ما يسميه ب"المغرب الكبير" الممتد من طنجة إلى سان-لويس السينغالية، أم أنه سيواصل اللعب بأوراق أخرى لصرف أنظار الرأي العام الدولي، عما يجري داخل أراضيه من انتهاكات لحقوق الإنسان وفقر وسوء تغذية وعبودية واتجار بالبشر.