أشاد كل من الأمين العام لجامعة الدول العربية السيد عمرو موسى ورئيس المجلس الدولي للمياه السيد "لويك فوشون" أمس بالتجربة الجزائرية في استغلال وتسيير الموارد المائية على الصعيد الوطني في إطار المشاريع المشتركة مع دول الجوار، ودعيا كافة الدول العربية إلى الاقتداء بها واتباع نفس التوجه في الحفاظ على هذه الثروة الثمينة على اعتبار أن "عهد المياه السهلة قد ولى". وجاء تنويه المسؤولين بالجهود التي تبذلها الجزائر من أجل ضمان تسيير عقلاني لمواردها المائية في أعقاب العرض الذي قدمه السيد عبد المالك سلال وزير الموارد المائية في افتتاحه لأول دورة للمجلس الوزاري العربي للمياه بقصر الأمم نادي الصنوبر بالجزائر، حول التجربة التي أطلقتها الجزائر خلال السنوات العشر الأخيرة بقيادة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في مجال تسيير الموارد المائية، من خلال برنامج كبير ومتكامل من الإنجازات رصدت لها أغلفة مالية ضخمة، وتوجت بنتائج معتبرة، حيث بلغت نسب الشبكة العمومية بمياه الشرب والتطهير على التوالي 93 بالمائة و86 بالمائة بينما وصلت حصة المواطن اليومية من المياه 168 لترا، وهو ما يؤكد حسب الوزير بأن الجزائر تجاوزت وبمسافة بعيدة أهداف الألفية للتنمية التي حددتها الأممالمتحدة، وصار الحق في المياه حقيقة ملموسة لكل الجزائريين. أما على صعيد العمل العربي المشترك فقد أشار الوزير إلى التجربة المشتركة بين كل من الجزائر وليبيا وتونس لاستغلال مياه الحوض المائي الجوفي المشترك بالصحراء الكبرى واعتبرها تجربة رائدة في التعاون الأخوي، مؤكدا بالمناسبة أهمية توحيد الرؤى العربية بشأن القضايا المتعلقة بالمياه، لتعزيز مكانة الدول العربية على المستوى الإقليمي والدولي وتمكينها من إبراز قضاياها واهتماماتها والتعبير عن انشغالاتها. وبعد أن أبرز أهمية إنشاء مجلس وزارء المياه العرب الذي سيسمح حسبه بتشكيل إطار تكاملي فعال من شأنه إعادة تأهيل وعقلنه استخدام الموارد المائية على الصعيد العربي، دعا السيد سلال جميع الفاعلين وشركاء الشأن المائي من حكومات ومنظمات عربية وإقليمية ودولية وكذا مؤسسات التمويل المتعددة إلى المساهمة في تنفيذ الخطط والبرامج ذات العلاقة بموضوع المياه ومرافقة المجلس الوزاري العربي للمياه في تنفيذ المهام المنوطة به. وبالمناسبة ثمن السيد لويك فوشون رئيس المجلس الدولي للمياه، المشاريع الجارية بالجزائر لضمان الاستغلال العقلاني للموارد المائية ومن أبرزها مشروع تحويل مياه عين صالح إلى تمنراست، مؤكدا بأن هذا الأخير يتطابق بشكل كامل مع مبدأ التقاسم الذي يعتبره المبدأ الأساسي والصحيح الذي ينبغي أن ترتكز عليه أية استراتيجية لمعالجة القضايا والمشاكل المتعلقة بالمياه، كما دعا إلى ترقية ثقافة التعامل مع الماء في أوساط المجتمع ولا سيما عند الأطفال، بينما نوه السيد عمرو موسى من جهته بالتجربة المشتركة بين الجزائر وتونس وليبيا لاستغلال المياه الجوفية للصحراء الشمالية، معتبرا التجربة نموذجا رائدا للتعاون العربي في مجال إدارة الموارد المائية، مما يستدعي العمل على متابعته من قبل كافة الدول العربية، ولاسيما الدول الأربع (فلسطين، سوريا، لبنان والأردن) التي ينبغي لها أن تنسق عملها للتخطيط حول سبل استرجاع مياهها المستغلة من قبل الاحتلال الإسرائيلي. وبالمناسبة اعتبر الأمين العام لجامعة الدول العربية انعقاد الدورة الأولى للمجلس الوزاري العربي للمياه حدثا تاريخيا، يسجل في حركية العمل العربي المشترك الذي يسعى إلى مطابقة أجندته مع الجهود الدولية الرامية إلى إيجاد حلول للقضايا الحساسة، على غرار قضية المياه والبيئة والمناخ والأمراض الجديدة وغيرها من القضايا التي تشغل البشرية، مشيرا إلى ان أبرز أهداف هذا الاجتماع الذي ينعقد بدعوة من القمة العربية الإنمائية التي احتضنتها الكويت في جانفي الماضي، تمتد إلى غضون 2025، وتشمل جملة من الخطط الهادفة لمواجهة العجز المائي وتحقيق تنمية مستدامة في الوطن العربي. وينبغي حسب السيد موسى أن تتضمن هذه الخطط الرامية أيضا إلى الحفاظ على المصالح المشتركة للدول العربية في مجال المياه وضع نظام معلوماتي عربي متكامل وتطوير البحث العلمي ونقل التكنولوجيات واستعمال البحث العلمي في مواجهة التغيرات المناخية مع الأخذ بعين الاعتبار الاستخدام المفرط للمياه وكلفة التلوث. كما شدد المتحدث على ضرورة توطين الموارد المائية والتسيير الدقيق للمياه وإعادة استخدامها في مجال السقي مع رفع الوعي البيئي والمائي لدى المجتمع العربي، واستغلال المنابر الإقليمية لدعم التعاون مع البلدان غير العربية في مجال استغلال وتسيير الموارد المائية. وتجدر الإشارة إلى أن افتتاح الدورة الأولى لمجلس وزارء العرب للمياه تم بحضور وزير الشؤون الخارجية السيد مراد مدلسي، وقد تواصلت أشغال الاجتماع في جلسات مغلقة، ناقشت جملة من المسائل المتصلة بإعداد الاستراتيجية العربية لتحقيق الأمن المائي، ولا سيما منها الدفاع عن المصالح العربية المتعلقة بالمياه، واستغلال التكنولوجيات الحديثة والطاقات المتجددة في تسيير هذه الموارد.