يتوجه الناخبون الأتراك اليوم، الى صناديق الاقتراع لاختيار رئيس للبلاد في انتخابات رئاسية هي الأكثر تنافسية تشهدها تركيا، أهم مرشحيها الرئيس المنتهية عهدته، رجب طيب أردوغان، ذو التوجه الإسلامي ومنافسه العلماني، كمال كليشدار أوغلو. وأكد متتبعون عشية هذا الاستحقاق الانتخابي الحاسم الذي سبقته حملة انتخابية محمومة، صعوبة التكهن باسم المرشح الذي سيفوز بهذه الاستحقاق بالنظر الى حظوظ المرشحين أردوغان وكليشدار أوغلو، المتقاربة وإمكانية فوز هذا الأخير اذا ما تم التسليم بنتائج استطلاعات الرأي التي أظهرت أن منافس أردوغان العلماني يتقدم عليه بفارق طفيف، وبأنه على وشك تجاوز عتبة الخمسين بالمئة من الأصوات اللازمة لتفادي اللجوء إلى تنظيم دور ثان يوم 28 ماي الجاري. وبرأي نفس المتتبعين فإن انسحاب المرشح محرم إنجه، الذي مثل إلى غاية يوم الخميس الماضي، قوة ثالثة في اللعبة الانتخابية قبل إعلان انسحابه المفاجئ من السباق كون مشاركته كانت قد تغير الكثير من المعطيات وخاصة في سياق إضعاف موقع كليشدار أوغلو الذي يأمل في الحاق أول هزيمة انتخابية بالرئيس التركي الحالي الذي يحكم البلد منذ عقدين. وهو ما جعل أردوغان البالغ من العمر 69 عاما، الذي أقر بصعوبة استمالة القاعدة الناخبة من الشباب الذين لا يتذكرون الفساد والفوضى الاقتصادية التي كانت سائدة في ظل الحكومات العلمانية في تركيا في التسعينيات، يحذّر أنصاره من احتمال دفعهم "ثمنا باهظا" إذا تمكن منافسه العلماني من الفوز. وتجنب أردوغان على غير عادته توقع نتيجة الانتخابات الأشد تنافسية في تركيا في العصر الحديث، حين رد على سؤال من صحفي على التلفزيون ما إذا كان سيفوز في الانتخابات بالقول "صناديق الاقتراع ستقرر الأحد". وقال حول ما إذا كان سيسلم الحكم إذا خسر الانتخابات، "هذا سؤال سخيف، نحن أتينا إلى السلطة بوسائل ديمقراطية، واذا قررت أمتي خلاف ذلك فسأفعل ما تطلبه الديمقراطية منّا وسنعتبر كل نتيجة يفرزها صندوق الاقتراع شرعية"، مضيفا أن "المعارضة لا تكف عن إطلاق الشائعات المسيئة للديمقراطية قبل الانتخابات وبعدها". ويرى متتبعون أن تصريحات أردوغان الصريحة ناجمة عن إدراكه المتزايد بأنه قد لا يكون قادرا على استخدام أوراقه الرابحة، وهو الذي خسر تدريجيا دعم شرائح رئيسية من الشعب التركي التي التفت حوله خلال العقد الذي عرفت فيه تركيا ازدهارها عقب وصوله إلى السلطة عام 2003. وأظهرت استطلاعات للرأي أن شريحة الشباب الذين لم يعرفوا رئيسا غير أردوغان في حياتهم تؤيد منافسه الرئيسي. وحتى الأزمة الاقتصادية الأسوأ في تركيا منذ ربع قرن والتي تنسب بمعظمها إلى آراء أردوغان الاقتصادية التي يصفها البعض بغير التقليدية، دفعت بمجموعات أخرى إلى فقدان الثقة بحكومته. وهي معطيات لم تترك أمام الرئيس المنتهية عهدته خيارات كثيرة سوى محاولة حشد مؤيديه القوميين والدينيين المتشددين للمشاركة والتصويت بأعداد كبيرة، مناشدا أنصاره "إغراق صناديق الاقتراع" بعد أن إتهم الغرب بتمويل منافسيه في محاولة لتقويض سيادة تركيا. وفي مقابل ذلك فقد استشعر، كيليشدار أوغلو، البالغ من العمر 74 عاما مؤشرات السخط السائدة في أوساط مختلف شرائح المجتمع التركي، مما جعل هذا الموظف الحكومي السابق يخوض حملة شاملة تجاهل فيها الهجمات الشخصية التي شنها أردوغان ضده متعهدا بتقوية النظام الاقتصادي والحريات المدنية. وأكد خلال حملته الانتخابية أنه سيعمل بمجرد انتخابه على نزع بعض الصلاحيات من يد رئيس الجمهورية التركية التي احتكرها الرئيس أردوغان، عندما حول النظام السياسي في بلاده من نظام برلماني إلى نظام رئاسي. وقال المرشح العلماني بأنه يريد إعادة السلطة إلى البرلمان بما يتطلب فوز المعارضة في الانتخابات التشريعية التي تجري أيضا تزامنا مع الانتخابات الرئاسية.