مرت سنين .. بل مرت قرون ومازال "الكوجادور" أو تمثال الصياد قائما بساحة الجمهورية، وسط مدينة جيجل شاهدا على تحركات سكانها، مسجلا انبهارات زوارها، ومخلدا لجميع محافلها، حتى أصبح الكثيرون يطلقون عليه اسم "تمثال الحرية" بجيجل. أنجز هذا التمثال الذي يعد معلما تاريخيا بالولاية من قبل النحات الايطالي "غوغايلمي" سنة 1888 بمصنع للسباكة، ورغم مرور الزمن مازال الصياد المنهمك في خياطة شباكه يحفظ اسم النحات في جزء من أجزائه، في حين غابت تفاصيل اخرى عن هذا العمل الفني الراقي، ولعل هناك من يسأل عن سر هذا الموجود هنا منذ قرن مضى؟ إنه صياد يرتدي قبعة حمراء ترمز للحرية لدى الشعوب القديمة، جالس يخيط شباكه ويروي للأجيال العلاقة الحميمية التي تبرط "الجواجلة" بالصيد وعشقهم اللامتناهي للبحر، كما به دلالة كبيرة على الطابع السياحي للمدينة. وحسب مصادرنا بمديرية السياحة، فإن تمثال الصياد الواقع وسط مدينة جيجل قبالة النافورة الرئيسية، تعرض إلى عوامل الزمن المختلفة، حيث كاد أن يهدم منذ 48 سنة في ظل نشوة الاحتفال بالاستقلال، إثر تصفيات وقعت بالسلاح بين أنصار المحافظة على هذا المعلم وآخرين معارضين لوجود أي أثر للاستعمار الأجنبي، ومنذ 05 سنوات أولت السلطات الولائية اهتماما خاصا بهذا التمثال، حيث قامت بهدم الأكشاك المنصوبة حوله ليتراءى للعيان، وقامت بتلميعه لاسيما وأنه كتلة من البرونز مبنية على حجارة مصقولة على علو 4 متر، وبإمكان العوامل الطبيعية أن تفسد وتنقص من طابعه الجمالي مع ظهور كتل الصدأ. وفي ظل الاهتمام بالتراث وحماية المناطق الأثرية التي تشرف عليها مديرية الثقافة، أكيد أن تمثال الحرية يعد واحدا من هذه الآثار التي هي في حاجة إلى عناية خاصة، ليظل ملهم الشعراء ومغازل المصطافين بالولاية، والشاهد الوحيد على قصص الحب بين العشاق لاسيما العرسان الجدد الذين توارثوا عادة التقاط صور تذكارية مع "الكوجادور".