أكد الروائي والإعلامي جواد رستم تواتي، أن حرية الإبداع يجب أن تصاحبها، أيضا، حرية النقد، وهو ما تفتقده الساحة الأدبية الجزائرية، التي تتربع عليها أسماء محددة، صنعها الإشهار، والضفة الأخرى من المتوسط. وقال إن من ينتقد ما يكتبه بعض الكُتّاب الذين يعتبرون أنفسهم "أسياد الأدب الجزائري"، يُتّهم بالغيرة، أو بأنه عدو للنجاح؛ لهذا فقد قلّ، بل انعدم النقاد الأدبيون في وقت برزت فيه أسماء "أدبية" تكتب عن مجتمعها بشكل فظ. وترى نفسها من خلال مرآة المستعمر، وفي نفس الوقت ترفض رفضا قاطعا، أيّ نقد موجَّه لها. وتابع تواتي الذي قدّم بالنادي الأدبي "مدينة الورود" لمدرسة الفنون "كريشاندو" روايته التي صدرت حديثا بعنوان "بؤس الأدب" عن دار "أبيك"، أنه مع حرية أن يكتب كل كاتب ما يريد، وأن ينتقي الوصي عليه الذي يبتغي، لكن عليه أن يتقبل، أيضا، النقد؛ لأن الكاتب إنسان، والإنسان خطّاء.. فنعم لحرية الإبداع، ونعم لحرية النقد أيضا. وفي إطار آخر، قدّم جواد رستم بعض التفاصيل عن روايته التي أراد منها تسليط الضوء على روائيين جزائريين تربّعوا على الساحة الأدبية الجزائرية بدون حق، علاوة على تمجيدهم الفترة الكلونيالية بالجزائر، مقدّما بذلك مقتطفات من كتاباتهم في عمله الأدبي هذا. وقال إن روايته تحكي قصة لينا، شابة تعشق المطالعة، وتنشّط ناديا أدبيا. تطّلع في يوم ما على ديوان شعر لشاعر اسمه نذير سراج تحت عنوان "الإلياذة الجزائرية"، فتشعر بالدهشة؛ إذ تكتشف قصيدة نقدية عن وجود أدباء جزائريين "مخضرمين" يمجّدون المستعمر الفرنسي من خلال كتاباتهم، ويرفضون رفضا قاطعا كل نقد موجّه لهم، فتصاب بالصدمة، خاصة أنها استضافت البعض منهم في ناديها بالجامعة، مدركة في السياق نفسه، ضرورة القراءة بين السطور. وهكذا قررت لينا بمساعدة نذير أن تكتب أول رواية لها، والتي عرفت نجاحا كبيرا سواء من ناحية الجمهور أو النقّاد؛ لأن صاحبتها امرأة وشابة وشجاعة. شجاعة لأنها كتبت ملامح عن الحب كقبلة من هنا وهناك. وتشعر لينا ببعض الأسى، وتقرر كتابة رواية أخرى، كان حظها أسوأ من الأولى التي تعرضت لبعض ضربات مقص الرقابة، فأما الثانية فقد مزّقها مقص دار النشر، بل طلب منها صاحب دار النشر أن تكتب عملا آخر، ومع ذلك فقد استطاعت رواية لينا النجاة، لتصدر، وتلقى ترحيبا من الجمهور، في حين تتلقى اللعنات من الإعلام والنقاد. وبالمقابل، تتطور علاقة لينا ونذير طيلة أحداث الرواية، ومعها تتطور أيضا نظرة الشابة الأدبية. وفي رده على سؤال "المساء" حول كتابة رستم رواية عن بعض الأسماء الجزائرية التي تمجد الكولونيالية وتعتبر نفسها سيدة الساحة الأدبية الجزائرية بدلا من كتابة دراسة حولها، قال الروائي إن هذه الأسماء لا تستحق أن تُكتب عنها دراسة، مضيفا أنه أراد أن يبرز تأثيرها على الكُتّاب الشباب ضمن هذه الحرب الإيديولوجية. كما طالبهم بمواصلة قراءة أعمال ياسمينة خضرا، وكمال داود، وبوعلام صنصال، وأمين الزاوي لكن بتمعّن.