تعد المجاهدة "عائشة رحيل" ابنة "مينرفيل"، الثنية حاليا، إحدى مجاهدات ولاية بومرداس، التي كانت إبان الثورة التحريرية مقسمة بين الولايتين التاريخيتين الثالثة والرابعة، جالستها "المساء" واستمعت لها، وهي تحكي عن مسار أسرتها الثورية.. وكيف كلفها ذلك الاختطاف من طرف "الجنود الفرنسيس" كما تسميهم-، وكيف مكثت تحت التعذيب والاغتصاب لأشهر متتالية.. حتى قالت عن نفسها "أنا الآن.. حية ميتة"... جلست في المقاعد الأولى بالمكتبة الرئيسية في مدينة بومرداس، لتحضر العرض الشرفي لوثائقي "صهاريج الموت"، الذي عرض فضائع التعذيب الوحشي للجزائريين الغيورين على قضيتهم العادلة في استرجاع السيادة الوطنية.. لكن سرعان ما خرجت بعد دقائق فقط من بدء العرض.. قالت إنه لا يمكنها مشاهدة صور التعذيب، فهي نفسها كانت ضحية تعذيب وحشي مازالت صوره راسخة في ذهنها...إنها المجاهدة "عائشة رحيل" البالغة من العمر 80 سنة.. حكت ل"المساء"، تفاصيل ما وقع لها سنة واحدة بعد اندلاع الثورة المجيدة في عام 1954، وكيف اختطفها جنود الاستعمار وحولت إلى مركز "لاشيديت" ببلدية تيجلابين، أين عذبت بوحشية وهي ابنة 9 سنوات فقط.. قالت المجاهدة، إن والدها الشهيد "احمد رحيل" كان مسؤولا عن جمع المؤونة لمجاهدي الثورة التحريرية بمنطقة بني أعراب في جبال مينرفيل (الثنية)، ولما وصلت أخباره لجنود الاحتلال، قاموا بخطفها وهي بنت 9 سنوات فقط، للضغط عليه وعلى مجاهدي المنطقة. وقالت المجاهدة إن "الفرنسيس" مارسوا عليها كل أنواع التعذيب من الاغتصاب إلى الضرب المبرح، حتى كانت تتقيأ دما، ثم يغمى عليها. في بداية الأمر، اقتيدت إلى مركز "لاشيديت" الواقع بإقليم بلدية تيجلابين، أين مكثت تحت التعذيب لثلاثة أشهر، وقالت إنها كانت تغتصب عدة مرات في اليوم، ثم حولت تحت الحراسة إلى مركز يسمى "الرول" بإقليم "مينرفيل" -بلدية الثنية حاليا-، أين مكثت تحت التعذيب لأشهر متتالية، وتتعرض للضرب المبرح طوال الوقت، حتى تعترف بمكان تواجد والدها وأخيها اعمر أحد مجاهدي الثورة حينها.. كما لفتت إلى أنها كانت تبقى دون أكل أو شرب لأيام متتالية، بعدها حولت إلى العدالة، لينظر في أمرها وأكدت أنها اقتيدت تحت حراسة مشددة، حتى لا يختطفها المجاهدين.. وحدث أن أخلي سبيلها بفضل أحد موظفي العدالة، جزائري الأصل، الذي حاول بكل الطرق استعطاف القاضي، لإخلاء سبيلها كونها قاصر.. وفعلا، أطلق صراح الخالة عائشة، حيث سلمها الموظف الجزائري إلى موظفة أخرى تعمل معه، تسمى "زهرة بومرداسي"، والتي مكثت عندها تداوي وتعالج إلى الاستقلال... تقول الخالة عائشة، إن ذاكرتها مازالت تحتفظ بكل صور وأساليب التعذيب الوحشي، وهي بين يدي "الجنود الفرنسيس".. وعند إعلان الاستقلال، لم تع حقيقة مشاعرها، هل تفرح أم تبكي حزنا على فقدان كل أفراد أسرتها، وهي اليوم الشاهد الوحيد في عائلة رحيل، على فظاعة الاستعمار. لكن ذلك جعلها توثق شهادتها وفظاعة التعذيب في كتاب بعنوان "حرب عائشة رحيل"، صدر باللغة الفرنسية في الجزائر العاصمة وباريس، يحكي قصة الحرب التي خاضتها ضد المستعمر، من وجهة نظرها..