تشهد شوارع العاصمة، هذه الأيام، ومنذ الارتفاع المحسوس لدرجات الحرارة غير المسبوقة، التي تشهدها الولاية، وعدد من ولايات الوطن، حركة غير عادية، ميزها غياب الزحمة في الشوارع وفي الأماكن العامة، وباتت تصرفات المواطن تتسم بالحذر المدروس، لتجنب ما قد تفرزه هذه الحرارة من تبعات على الصحة، بالنسبة للأشخاص المسنين وذوي الأمراض المزمنة والأطفال، وحتى بالنسبة للأصحاء وهي تصرفات تزامنت مع توجيهات وإرشادات وجهتها مصالح ولاية الجزائر للمواطنين بتفادي الخروج من المنازل الا للضرورة القصوى. تبدو شوارع العاصمة، هذه الأيام مهجورة، فلا كبار السن ولا حتى الأصحاء ولا الأطفال أيضا، باتوا يشكلون ديكور الأحياء والأزقة مثلما جرت عليه العادة، بالنظر لدرجات الحرارة غير المسبوقة التي ضربت البلاد، مما دفع إلى الالتزام بالبيوت لتفادي أمراض الصيف، ولم تسلم من هذه الهجرة فضاءات التسوق، التي تكاد تكون خالية من المتسوقين، فالكل حرص على البقاء في مكانه، لدرء خطر لفحات الحر الحارقة، وما قد ينجر عنها من أخطار صحية. الاستعجالات الطبية تستقبل الأصحاء والمرضى أكد جل المواطنين، في تصريحاتهم ل"المساء" أن توخي لفحات الحر أمر ضروري، لأن تبعات ذلك وخيمة على جسم الانسان، فلا أحد يمكنه تحمل هذه الحرارة، إذ بات المنزل بالنسبة لهم، الملاذ الأفضل للوقاية منها. وحسب ممرض، يعمل بمصلحة الاستعجالات الطبية، بمستشفى مصطفى باشا، في تصريح ل"المساء"، أن الحذر لم يعد يقتصر على كبار السن والأطفال والمرضى، وإنما على الأصحاء أيضا، لأن الحرارة المرتفعة التي تشهدها العاصمة، تؤثر كذلك على صحة الاصحاء، وما تسجله مختلف المصالح الاستشفائية في العاصمة، من اقبال عليها، دليل على ذلك، ويضيف المتحدث، أن المصالح التي يعمل بها، تستقطب يوميا مواطنين لا يعانون من أي مرض، تأثروا بالحرارة وهم في طريقهم الى مقرات عملهم، عبر وسائل النقل المختلفة. موظفة بمؤسسة عمومية، اكدت من جهتها ل"المساء"، أن اضطرارها للذهاب الى مقر عملها في ظل ارتفاع الحرارة، بالعاصمة وتجد نفسها، أوقات الذروة خارج المنز، وتسير بخطى متثاقلة، للالتحاق به، لأخذ قسط من الراحة، ومن ثم تحضير الأكل للأسرة، وهي تفضل في هذه الفترة، تحضير السلطة دون الاكلات الساخنة، ولحسن حظها، لا تجد أي تذمر أو احتجاج من طرف الزوج والأطفال، فالجميع يفضل المشروبات الباردة من مياه وعصائر، بالإضافة الى الفواكه. سيدة أخرى، أكدت حرص والدة زوجها، على البقاء في المنزل، وتغيرت تصرفاتها، بفعل الحرارة من تلك التي تواظب على الصلاة في المسجد، والخروج إلى التسوق، إلى التي تستحسن البقاء في المنزل، درءا لخطر الحر، الذي لا تحتمله في الأوقات العادية، خاصة، وانها تعاني من السكري. شواطئ مكتظة عن آخرها تشهد كل شواطئ العاصمة، إقبالا متزايدا وكثيفا من قبل المواطنين، وباتت هذه الفضاءات، المخصصة للاستجمام، تستقطب مئات المصطافين، على غرار شاطئي عروس البحر 1، وعروس البحر 2، ببلدية برج الكيفان بشرق العاصمة، التي باتت تتوشح منذ الساعات الأولى، وعلى غير العادة بعشرات المظلات الشمسية، وقد عمد بائعو المثلجات المصطفون على طول الكورنيش، مثلما لمسناه، الى وضع طاولات وشمسيات للمصطافين على طول هذا الفضاء، الذي تحول الى نقطة استقطاب. كما يشهد شاطئ الكتاني ببلدية باب الوادي بغرب العاصمة، اقبالا كبيرا من قبل المصطافين، القادمين من مختلف البلديات، وما سهل عليهم ذلك، حسب تصريح إحدى السيدات، توفر وسائل النقل. وما يميز الشواطئ في هذه الفترة الزحمة غير المعهودة، وهو ما اصبح يعتبره، البعض بالإعاقة التي حالت دون تمتعهم بالجو اللطيف، الذي يفترض أن يتوفر في الشواطئ. فيما تقل الحركة في أماكن التنزه المكشوفة الأجواء على غرار منتزه الصابلات، والذي عادة ما يكون، مكتظا، عن آخره في مثل هذه الفترة من السنة. في حين تظل المساحات الغابية، المقصد المحبذ في مثل هذا الوقت.