الكثير من العائلات الجزائرية لا تعتبر العطلة الصيفية حدثا مهما، إذ يراها بعضهم مجرد انقطاع عن الدراسة، أو العمل، ليتم الخروج بين الحين والآخر لزيارات عائلية أو النزول إلى الشواطئ، لتبقى قلة قليلة تلك القدرات المالية، وأحسن وضعا عن سابقاتها، تصب اهتمامها حول مختلف البرامج الصيفية والعروض التي تطرحها الوكالات السياحية في هذا الموسم الصيفي، بعضها محلية وأخرى أجنبية، وللاطلاع على العروض المقترحة هذا الصيف، سجلت "المساء" ارتفاعا جنونيا في الأسعار، بعدما عرفت تذاكر الطيران والفنادق زيادة في تكاليف خدماتها، فيما تبقى العروض المحلية الخيار الذي يتيح إمكانية كسر روتين السنة، دون التضرر ماديا. غيرت جائحة "كورونا" الكثير من المفاهيم، وأدت الأزمة الاقتصادية والمالية التي انجرت عنها إلى تغيير موازين القوى، وأصابت بذلك القدرة الشرائية للكثيرين، لاسيما ذوي الدخل المتوسط والمنخفض، الأمر الذي دفع ببعضهم إلى التخلي عن بعض الكماليات والتركيز على الأساسيات، ولعل من تلك الكماليات، أو بالأحرى ما كان يشكل رفاهية المجتمع، ممثلا في السفريات، وباتت في السنوات الأخيرة رفاهية، إلا لمن استطاع إليها سبيلا، وأصبحت قلة قليلة من العائلات التي تسمح لها مداخيلها باختيار وجهة محددة، لقضاء عطلتها الصيفية رفقة العائلة. للتحقيق في هذا الموضوع، كان ل«المساء"، لقاء مع بعض أصحاب وكالات السفر بالعاصمة، في البداية كان لنا حديث مع مولود باسطي، صاحب وكالة سياحة وسفر، الذي أشار إلى أنه رغم العروض المختلفة التي تضعها الوكالة في حوزة الزبائن، غير أن الإقبال عليها قليل جدا، مقارنة بالسنوات السابقة، لاسيما قبل أزمة "كورونا"، مشيرا إلى أن تراجع القدرة الشرائية للزبون، وكذا الارتفاع المحسوس في تكاليف الخدمات، دفع بالكثيرين إلى إعادة التفكير في ترتيب أولوياته، ليجعل من السفر آخر اهتماماته، رغم رغبته الكبيرة في ذلك، وباتت الخرجات العائلية تتطلب التخطيط بشكل أكثر جدية. من جهة أخرى، وفي وكالة سياحة حمزة بركان، أشار إلى أن البعض من زبائنه الأوفياء الذين يقصدون تركيا أو تونس، أو حتى مصر، كل سنة، خلال العطلة الصيفية، ترددوا هذه السنة بسبب ارتفاع التكاليف، وهذا ما جعلهم يؤجلون رحلتهم إلى بداية شهر سبتمبر، خصوصا أن الدخول المدرسي سيتأخر، حسب ما دار من أحاديث بين الأولياء، وأضاف أن شهر سبتمبر يعرف عادة انخفاضا نسبيا في التكاليف، لاسيما بالنسبة للأفراد الذين يسافرون رفقة عائلاتهم، فالتكاليف ستكون ضعفا أو ثلاثة أو أربعة أضعاف، حسب عدد أفراد العائلة. من جهتها، أكدت فريال، عاملة بوكالة أخرى في دالي إبراهيم، أنه أكثر ما يشد اهتمام العائلات خلال هذه الفترة؛ الوجهات المحلية، الأمر الذي وجه اهتمام مديري الوكالة إلى التركيز على السياحة المحلية، وأكدت أنه من السهل الترويج للوجهات الداخلية خلال فصل الصيف. وأضافت المتحدثة، أن بعض العروض عبارة عن جولات كاملة بين عدد من الولايات، على سبيل المثال، غربا، جولة بين وهران وتلمسان إلى غاية الحدود الغربية للبلاد، على غرار شاطئ مرسى العربي بن مهيدي، والتي تتراوح تكلفتها بين 12 ألفا و15 ألف دينار وفق برنامج الرحلة، كما تقدم الوكالة عرضا لزيارة عنابة وكذا بجاية، وغيرها من الخرجات الموضوعة وفق متطلبات الزبائن، إذ أن بعضها موجهة للشباب وأخرى للعائلات، تضيف المتحدثة. وعن أكثر ما تروج له الصفحات هذا الموسم؛ وجهة مصر، تشكيلة بين القاهرة وشرم الشيخ، حيث تعددت برامج الوكالات السياحية لهذه الوجهة، وهذا راجع لتكاليفها مقارنة بوجهات أخرى كلاسيكية اعتاد عليها الزبون، هذا ما ردده هشام، صاحب وكالة ببرج الكيفان قائلا: "أصبحت مصر أكثر وجهة مفضلة خلال هذه السنة، تجمع بين متطلبات الزبون الجزائري والسعر، فبعدما اعتاد الزبون مثلا، وجهة أنطاليا خلال الصيف، أصبحت تكاليف هذه الأخيرة بنفس نوعية ما تمنحه فنادق مصر، ضعف الأسعار، وهذا ما يجعل تكلفة السفر إلى أنطاليا يفوق توقعات العائلات الجزائرية، وبالرغم من ارتفاع تكلفة السفر إلى مصر هذه السنة، إلا أنها تبقى أحسن توليفة تحصلت عليها الوكالات، إذ يتراوح سعرها بين 170 ألف دينار و240 ألف دينار للغرف المزدوجة والثلاثية، وقد يرتفع السعر وفق الفندق، وهذا بالنسبة لفنادق خمسة نجوم، نظير خدمة كاملة للوجبات.