أكد رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة أمس الأربعاء بشرم الشيخ بمصر أن الجزائر "تثمن أيما تثمين" الموقف الثابت لحركة عدم الانحياز الداعم لتسوية عادلة ودائمة للنزاع في الصحراء الغربية. وقال الرئيس بوتفليقة في كلمته أمام رؤساء دول وحكومات حركة عدم الانحياز في قمتهم ال15 أن هذه التسوية "تمهد السبيل أمام ممارسة شعب هذا الإقليم حقه المشروع في تقرير مصيره". وأكد رئيس الجمهورية في هذا الصدد حرص الجزائر الوفية لهذا المبدأ الثابت على تجديد الإعراب مرة أخرى عن استعدادها لمواصلة تعاونها الكامل مع منظمة الأممالمتحدة من أجل مساعدة طرفي النزاع أي المملكة المغربية وجبهة البوليزاريو على التوصل إلى حل سياسي يرضي الطرفين على أساس لوائح مجلس الأمن وفي ظل احترام حق شعب الصحراء الغربية في التصرف في مصيره بكل حرية". وأضاف أن الجزائر تبقى "ملتزمة" بتقديم كل الدعم الضروري للأمين العام لمنظمة الأممالمتحدة ولمبعوثه الخاص من أجل الاضطلاع التام بالمهمة التي أوكلت لهما بموجب اللائحة 1754 الصادرة عن مجلس الأمن. وبشأن مسألة إصلاح منظمة الأممالمتحدة قال الرئيس بوتفليقة إنه لا يمكن فصله عن إحلال الديمقراطية في العلاقات الدولية وترقية نظام متعدد الأطراف منصف وموثوق مؤكدا أن هذا الإصلاح "لن يكون بداهة لا كاملا ولا مرضيا دون توسيع مجلس الأمن توسيعا يجعله أكثر تمثيلا ودون مراجعة جوهرية لمناهج عمله باتجاه جعله أكثر شفافية وأكثر فعالية". وأوضح أن إصلاح مجلس الأمن "ضروري وهام في الآن نفسه" لأنه يتبوأ موقعا مركزيا في نظام الأمن الجماعي الذي أسسه ميثاق منظمة الأممالمتحدة وهذا من أجل تمكينه كما قال من التصرف بأكبر قدر من الفعالية والإنصاف في صالح السلم والأمن الدوليين. ومن جهة أخرى أكد رئيس الجمهورية أنه يتعين على حركة عدم الانحياز أن تكون في الطليعة من أجل ترقية نظام دولي جديد تحمله "تعددية تجديدية قوامها تفتح كل طرف على الآخر والتفاهم والتضامن الفعال". وقال الرئيس بوتفليقة أمام قادة رؤساء دول وحكومات حركة عدم الانحياز أن هذه التعددية تسعى إلى "التقريب بين الحضارات والثقافات والشعوب في كنف الاحترام المتبادل والتسامح تعددية قوامها العالمية والنزعة الإنسانية والأريحية والازدهار المتقاسم". وأشار الرئيس بوتفليقة إلى تطور الحركة اللافت المسجل في السنوات الأخيرة الذي يعزز إرساءها على أسس جديدة ويزيد من رص صفوفها. "تطور كما قال تبينه في الآن نفسه إعادة تفعيل المساعي المشتركة والنشاطات الجماعية في المنابر الدولية". وأكد أن الجزائر التي تعتبر عدم الانحياز عنصرا مؤسسا لسياستها الخارجية تعتزم الاضطلاع على أتم وجه بالدور المنوط بها وبما يؤول لها من المسؤولية من أجل رفع التحديات الجسام التي نواجهها. وأضاف أن "الجزائر التي ما انفكت تؤمن بوجاهة الدور الذي تضطلع به حركة عدم الانحياز تغتبط بطبيعة الحال وهي ترى الحركة اليوم متمسكة أشد التمسك بوجهتها التشاورية والتضامنية وما تزال تحمل تطلعاتنا المشتركة إلى بناء عالم أفضل". كما أنها "تغتبط يضيف الرئيس بوتفليقة لكون صفوف الحركة قد تعززت أكثر والمشاركة في لقاءاتها أضحت مطلوبة مثلما يدل عليه العدد المتزايد من البلدان والمنظمات التي تحضر أعمالنا بصفة ملاحظ". وأكد أن الفضل في هذه "الصدقية الأكيدة إنما يعود في الآن نفسه إلى نبل رسالة الحركة وسداد مواقفها ومشروعية مطالبها". وقال أن عدم الانحياز "كرؤية وكمشروع وكتجمع يطمح إلى أن يكون قوة اقتراح في تدبير العلاقات الدولية ومثالا للمقاربة البناءة في البحث عن الحلول لكبريات المشاكل في عصرنا وترقيتها". وتطرق رئيس الجمهورية إلى تداعيات الأزمة الاقتصادية الحادة وغير المسبوقة منذ الحرب العالمية الثانية التي يعيشها العالم موضحا أن تحذيرات الحركة المتكررة من اختلالات النظام الاقتصادي والمالي الدولي "تثبت مرة أخرى وجاهته". وقال إن هذه التحذيرات "تتردد في الآن نفسه بصفتها تنديدا بهذا النظام ودعوة إلى صحوة الضمائر بشأن الأخطار التي تهددنا ومناشدة من أجل عمل جماعي يقي بصفة دائمة البشرية من عودة أزمات تكون في كل مرة أكثر تدميرا لا سيما بالنسبة للبلدان الفقيرة". وأوضح أن المعاينة التي تفرض نفسها بالإجماع اليوم بهذا الشأن هي أن الرد على خطورة هذه الأزمة الهيكلية "لا يمكنه أن يكتفي بإصلاحات ظرفية". فالمطلوب الآن قد كشفته الأزمة هذه على رؤوس الأشهاد يضيف الرئيس بوتفليقة هو تغييرات ذات بال تحمل منطقا تنمويا حقا يتساوق مع الحقائق الاقتصادية والاجتماعية التي لا يمكن تجاهلها وتكون في مستوى التحديات البيئية والمناخية الكبرى". وقال أن الأمر يتعلق كذلك "بقطيعة مع المقاربات الجزئية والسطحية" المنتهجة لحد الآن والتي فضلا عن أنها أثبتت فشلها في الوقاية من هذه الأزمات المتكررة أصبحت "لا تطابق بتاتا واقع العالم من حيث أنه يتم اتخاذ القرار بشأنها داخل دوائر ضيقة لا تمثل بالقدر الأوفى مصالح المجموعة الدولية برمتها". وأكد رئيس الجمهورية أنه لا يمكن الاستمرار في تهميش بلدان حركة عدم الانحياز وإقصائها من دوائر اتخاذ القرارات التي تتحكم في السياسة الاقتصادية العالمية مشددا على أن مشاركة بلدان الحركة في مسار التفكير في العلاقات الاقتصادية الدولية وإعادة صياغتها أضحت بالفعل "حقا" في ظرف عالمي تطبعه العولمة "بل مطلبا يفرضه المنطق السليم". وأضاف أن هذه المشاركة تمليها ضرورة "التسيير الشفاف والمسؤول والفعال والمتضامن لعلاقات التبعية المتبادلة بما يتيح فضلا عن اقتسام الأضرار الاقتصادية استفادة الجميع من منافع النمو والازدهار". وأكد أن الرهان الذي لابد أن تكسبه دول حركة عدم الانحياز على الإطلاق "رهان مزدوج" يتمثل في "وضع حد للفوضى الاقتصادية العالمية وللانكماش اللذين يثبطان طموحاتنا الفردية والجماعية إلى التنمية والرقي وفي العمل". كما يتمثل في العمل بالتشاور وبكل عزم من أجل أن تكون العولمة في خدمة الجميع بما يتيح للدول النامية الاستفادة من المد المذهل لتدفق المبادلات والاستثمارات الذي نجحت في دفعه. وأوضح أن مثل هذه الخيارات "قد تكون لها نتائج مفيدة على المدى القصير والمتوسط والطويل بالنسبة لكافة البلدان إذ أنها تتفادى بفضلها مختلف مظاهر التشنج والمزايدة والنزاعات الحمائية التي تضر بسعينا المشترك إلى بناء عالم عادل ومزدهر ومتضامن".