تسببت موجة الحر الشديدة التي تجتاح البلاد في الفترة الأخيرة في نشوب أكثر من 35 حريقا في الغابات خلال ال48 ساعة الأخيرة عبر عدة ولايات شمالية دون أن تسفر عن وقوع خسائر بشرية، فيما أعلن المدير العام للحماية المدنية عن استعداد مصالحه لتدريب فرق تطوعية لدعم المصالح المتخصصة من خلال المساهمة في عمليات التحسيس والتوعية. فحسب البيانات الصادرة عن مصالح الحماية المدنية فإن عدد الحرائق المسجلة نهاية الأسبوع تجاوز ال35 حريقا يمكن وصفها ب"الكبيرة"، عبر مختلف الولايات الشمالية للجزائر منها أكثر من 17 حريقا في شرق البلاد و12 آخر في الوسط و6 حرائق في غرب البلاد، بينما أشارت المديرية العامة للغابات من جهتها أن نحو 6 آلاف هكتار ومنها 2772 من الغابات طالتها الحرائق خلال الفترة الممتدة من الفاتح جوان إلى منتصف شهر جويلية الجاري. وقد مست الحرائق المندلعة ولايات تيبازة، برج بوعريريج، تيزي وزو، البليدة، بجاية، سيدي بلعباس، عين الدفلى، سطيف، مستغانم، تبسة، معسكر، تلمسان، البويرة، غيلزان، الشلف، الطارف وجيجل. فبولاية البليدة أتت الحرائق على أكثر من 100 هكتار من المساحات الغابية، وأشارت محافظة الغابات للولاية، إلى أن موجة الحرارة التي تجتاح الولاية كانت السبب الرئيسي في نشوب 30 بؤرة حريق عبر تراب الولاية أغلبها بالجهة الشرقية كحمام ملوان وصوحان وبوقرة والأربعاء، مؤكدة بأن أعوان المحافظة والحماية المدنية مجندين لعملية إخماد هذه الحرائق ومنع وصولها للحظيرة الوطنية للشريعة. كما سجل اندلاع سبع بؤر حرائق بمختلف بلديات ولاية عين الدفلى، أدت إلى إتلاف أكثر من 100 هكتار من الغابات على مستوى بلديات بويحية ومليانة وعين التركي وجليدة وعين لشياخ، وكانت آخر حصيلة أعدتها محافظة الغابات للولاية في 18 جويلية الجاري، أشارت إلى اندلاع 61 حريقا منذ بداية جويلية بتسع بلديات، أتت على مساحة فاقت 760 هكتارا من الأحراش والأدغال والصنوبر الحلبي. من جانب آخر فقد تطلب التحكم في الحرائق الأربعة التي شبت ببلديات العوانة وأوجانة وسيدي معروف، بولاية جيجل نشر وسائل تدخل هامة من بينها رتل متحرك. واستمرت تدخلات أعوان الحماية المدنية بعد ظهر أمس بالقرب من سيدي معروف، بعد أن تم التحكم في الحرائق الثلاثة الأخرى التي أتلفت 10 هكتارات ببلدية أوجانة، لتبقى منطقة العوانة تخضع للمراقبة وذلك بالنظر إلى وجود سكنات بالقرب من الغابات. وبولاية الطارف تم تسجيل حريقين على مستوى الصنوبر البحري ببلدية القالة وعين كرمة، وسخرت مصالح الحماية المدنية ومحافظة الغابات وكذا الحظيرة الطبيعية للقالة وسائل بشرية ومادية هامة لمكافحة هذه الحرائق، ومنع انتشارها بسرعة كبيرة وسط غابات الصنوبر الحلبي الذي يعتبر خشبا قابلا للاحتراق بسهولة. وقد لاحظت المصالح المذكورة بأن حريق عين كرمة تسببت في جزء منه عملية حرق نفايات بمفرغة فوضوية بالقرب من الغابة، دون اتخاذ الاحتياطات المطلوبة. ويجدر التذكير بأن ما زاد في انتشار هذه النيران هو اشتداد الحرارة التي بلغت منذ بداية الأسبوع 40 درجة في المدن الشمالية على غرار العاصمة وباقي المدن الساحلية، وتجاوزت 46 درجة في الولايات الداخلية للوطن، حيث أوضح العقيد مصطفى الهبيري المدير العام للحماية المدنية في هذا الإطار أن السبب في اندلاع غالبية الحرائق المسجلة راجع لموجة الحرارة التي تجتاح مناطق الوطن، مشيرا في حديث لوكالة الأنباء الجزائرية إلى أن مصالح الحماية المدنية مدعومة بفرق متنقلة للمطافئ مدربة ومجهزة بعتاد خاص بمكافحة حرائق الغابات لا تزال تكافح النيران في الميدان. وذكر المتحدث أن مصالحه سجلت منذ بداية فصل الصيف من 20 إلى 25 حريقا للغابات يوميا، تعود أسباب بعضها أيضا إلى لا وعي بعض الأشخاص بأهمية هذه الفضاءات الغابية، مشيرا في نفس السياق إلى تسجيل العديد من الحرائق بالبساتين وواحات النخيل، بسبب لامبالاة أصحابها. وبخصوص الإمكانيات المتوفرة لدى الجزائر لمجابهة الكم الهائل من الحرائق، أكد السيد لهبيري أن مصالح الحماية المدنية قادرة على السيطرة على أي نوع من الحرائق بفضل التكوين الجيد الذي تلقاه الأعوان، والتجهيزات المطابقة للمقاييس الدولية، مشيرا إلى وجود حوالي 12 فرقة متنقلة تتشكل من نحو 6000 ضابط ورجل إطفاء تلقوا تدريبا جيدا من قبل ضباط تكونوا في فرنسا في إطار اتفاقية تعاون تم توقيعها في 2006 بين البلدين، وتتوفر على عتاد خاص بمكافحة حرائق الغابات، مهمتها تقديم الدعم ومساعدة مصالح الحماية المدنية عبر مختلف الولايات. كما أبرز المدير العام للحماية المدنية دور الجيش الوطني الشعبي ومحافظات الغابات في مكافحة هذه الكوارث في الوسط الغابي، وأعلن بالمناسبة عن استعداد الحماية المدنية للمشاركة في إنشاء وتكوين مجموعات تطوعية من شأنها المساهمة في التحسيس بأهمية الغابات ومكافحة الحرائق في الفضاءات الطبيعية. وحول استخدام الوسائل الجوية في مكافحة حرائق الغابات، اعتبر السيد لهبيري أن اقتناء طائرات الإطفاء لا يعود بالفائدة على بلد مثل الجزائر، لأنها لا تتوفر على غابات كثيفة، واستعمالها لن يتعدى 20 يوما في السنة، كما أن المكافحة الجوية الفعالة للحرائق تقتضي حسبه أسطولا يتكون على الأقل من 15 إلى 20 طائرة إطفاء وطيارين مؤهلين وسهولة الحصول على الماء. ولدى تطرقه إلى أهم الإجراءات الوقائية ضد الحرائق، أبرز المدير العام للحماية المدنية أهمية إعادة تشجير الغابات بمختلف مناطق البلاد والاعتناء بالشجيرات طيلة نموها مع تخصيص مساحات تحول دون امتداد الحرائق وتسمح للمصالح المعنية باقتحام الغابة ومكافحة حرائق محتملة. وذكر العقيد لهبيري في الأخير بأن مصالح الحماية المدنية التي تعد حاليا 35 ألف عنصر، تطمح إلى مضاعفة عددها خلال السنوات الأربعة المقبلة لبلوغ 70 ألفا في 2013 .