حادث تحطم طائرة أذربيجانية: منصوري توقع على سجل التعازي بمقر سفارة أذربيجان بالجزائر    اختتام البطولة العربية العسكرية الثالثة للملاكمة للاتحاد العربي للرياضة العسكرية    ورقلة..صالون دولي حول الاستثمار في الفلاحة الصحراوية في يناير القادم    سوناطراك: الجمعية العامة تعتمد مخطط التنمية للفترة 2025-2029    ولاية قالمة تحيي الذكرى ال46 لوفاة الرئيس هواري بومدين    منظمة التعاون الإسلامي تدين اقتحام مسؤول صهيوني للمسجد الأقصى المبارك    المديرية العامة للاتصال برئاسة الجمهورية تعزي في وفاة الصحفي الطاهر بوجمعة    وهران.. مشاركة حوالي 30 روائيا وشاعرا في معرض الكتاب    وزير البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية في زيارة تفقدية إلى ولاية البويرة    صحة: السيد سايحي يبرز مجهودات الدولة لتوفير الهياكل الصحية عبر مختلف ربوع الوطن    حيداوي يشرف على افتتاح الطبعة ال20 للمهرجان الوطني لمسرح الأطفال    حوادث الطرقات: وفاة 54 شخصا وإصابة 245 آخرين خلال أسبوع    طاقات متجددة: الدعوة إلى توحيد جهود جميع الفاعلين    السيد بلمهدي يؤكد حرص الدولة على دعم الزوايا في إرساء قيم الوسطية والاعتدال    رياضات قتالية: ''الدوشينكي" ابتكار جزائري في انتشار متواصل بين الشباب    سوناطراك: تنظيم المسابقة الوطنية للتوظيف من 29 ديسمبر إلى 4 يناير    قطع الأشجار في الأوساط الحضرية.. ظاهرة مخيفة    مختصون يطلقون صفارات إنذار بمخاطر الإدمان    ظاهرة الغش والاحتيال تنتشر بين التجّار    الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني تدين جرائم الحرب الصهيونية بحق الصحفيين الفلسطينيين    2024 : سنة حافلة بالإنجازات الرياضية    نحو تمديد عُطلة الأمومة في الجزائر    مجلة الشرطة تستحضر مآثر ثورة التحرير    ولّاة يُثمّنون توجيهات رئيس الجمهورية    حجز 71 كيلوغرام من المرجان الأحمر بالعاصمة    رقاة يروّجون لخلطات عبر منصات التواصل    السودان يتحوّل إلى بؤرة سوداء    حصاد عام الدماء والدمار 2024    اللجنة الوطنية للممتلكات الثقافية : المصادقة على تصنيف عدة معالم ومواقع أثرية    للاطمئنان على وضعه الصحي..زهير بللو في زيارة للبروفيسور محمد المصطفى فيلاح    كتاب جديد يُوثّق جرائم المخزن    هذه قصة سيّدة من سيّدات الجنة..    بن مولود تعلن عن تسجيل أزيد من 500 مشروع    الشروع في تجسيد المرحلة الثانية من الإصلاحات    هؤلاء اللاعبون الأعلى أجرا في ليفربول    جلسة عامة للأسئلة الشفوية تخص 8 قطاعات    إحباط محاولة إدخال قنطارين من الكيف عبر الحدود مع المغرب    وزارة الخارجية تصدر بيانا حول مسابقات التوظيف    محاكاة حادث أمني بمطار هواري بومدين الدولي    إبراز فضائل الحوار لتحسين الخدمة العمومية للصحة    مشروع لتوليد 1000ميغاواط من طاقة الرياح    الجيش يطوّر 3 مشاريع لطائرات بدون طيار    قرار اللجنة الطبية في الاتحاد الفرنسي يحدّد مصير بن طالب    قمة في العاصمة.. المولودية للتدارك وبلوزداد للتصالح مع الأنصار    رحلة في أعماق التحديات النفسية بعد الحرب    ألوان وعطور ومسّرات أخرى    ضبط 20 كيلوغراما من الشمة المرحية    قتيل وجريح في حادث بالشبلي    الشرطة توقف مروجي ممنوعات    تسويق الأسماك من المنتج للمستهلك بوهران    إسرائيل تعطّل التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار    "الأهلي" المصري يصرّ على ضم بونجاح    تعزيز الثقافة الوقائية وتقوية المنظومة الصحية كفيلان بالتصدي للجوائح    بللو يُشجّع القراءة    صادي يلتقي حراز    ظاهرة الغش والاحتيال تنتشر بين التجّار    دعاء : أدعية للهداية من القرآن والسنة    حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة في الإسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مؤرخون: من الصعب إحصاء ضحايا تجارب رقان النووية
ثمّنوا مساعي الدولة لتطهير مسرح الجريمة
نشر في المساء يوم 17 - 02 - 2024

أكد مختصون في التاريخ أن رغم الاختلاف في التسميات الفرنسية حول التفجيرات النووية في منطقة رقان من خلال تسميتها ب "التجارب" و "الاختبارات" ؛ للتضليل الإعلامي، غير أن المؤكَّد الذي يحتاج للترويج له في كل مرة تحل ذكرى هذه الجريمة البشعة، أنها "جريمة مكتملة الأركان"، المجرم فيها المستعمر الفرنسي. والضحيةُ الجزائريُّ الإنسان، والطبيعة، والحيوان. ولأن الجريمة لاتزال مستمرة والضحية شاهد على بشاعتها؛ إذ مازالت تحصد المزيد من الضحايا بفعل الإشعاعات النووية وما خلّفته من أمراض سرطانية، يجري، في كل مرة، مطالبة، وبإلحاح، فرنسا، بتسليم الخرائط الطوبوغرافية، ليتسنى تحديد أماكن هذه السموم، ووقف استمرار الجريمة. بعدها يتم المطالبة بالتعويضات.
أكد الدكتور بن يوسف تلمساني رئيس المجلس العلمي لمتحف المجاهد عند إشرافه على تنشيط ندوة تاريخية احتضنها ببلدية أولادي عيش، في الذكرى 64 للتفجيرات النووية الفرنسية، أن الدولة الجزائرية تسعى في صمت، لتطهير وتنظيف المناطق الملوثة برقان، من مخلفات التفجيرات النووية.
وحسبه، فإن الحديث عن رقان يقود إلى الحديث عن منطقة "اين يكر" التي تبعد عن تمنراست بحوالي 150 كلم، والتي شهدت، هي الأخرى، تجارب نووية؛ ما يؤكد بشاعة المستعمر، مشيرا إلى أن فرنسا عندما ضاقت بها السبل، انتقلت من رقان إلى منطقة "اين يكر" للقيام بجريمتها، وادّعت أنها أخذت كل الاحتياطات، وأن التفجيرات كانت باطنية، غير أن هذه التفجيرات خرجت وتسببت في كارثة إنسانية لم يَسلم منها لا الإنسان، ولا الحيوان، ولا النبات، لافتا إلى أن الدولة الجزائرية، من خلال مركز الدراسات والبحث في الحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر، فتح هذا الملف لأول مرة، موضحا أن قبل 1996 سكان منطقة رقان لم يكن لديهم وعي؛ حيث كانوا يتعاملون مع النفايات التي تركتها فرنسا بدون وعي، فتم استغلالها في قضاء حوائجهم بدون إدراك مدى خطورتها؛ ما يتطلب وجوب التركيز على الندوات والملتقيات؛ للتعريف ببشاعة التفجيرات، وحمل المستعمر الفرنسي على تحمّل مسؤولياته أمام بشاعة هذه الجريمة.
مساعٍ حثيثة للدولة الجزائرية لتطهير المنطقة من السموم
من جهته، أشار الدكتور عبد الفتاح بلعروسي، مختص في علوم التاريخ من جامعة تلمسان، في تصريح خص به "المساء" ، إلى أن الدولة الجزائرية أعطت اهتماما كبيرا بقضية التفجيرات في رقان. وهي تعمل جاهدة على تنظيف المنطقة، والمساهمة في الحد من الإشعاعات النووية التي تعكس بشاعة المستعمر، مشيرا إلى أن اهتمامه بقضية التفجيرات راجع إلى كونه من أبناء المنطقة، وعايش المراحل التي تم خلالها الوقوف على ما خلّفه الاستعمار الفرنسي بمنطقة رقان من مخلفات سامة، وما أعقبها من مساع حثيثة للسلطات الجزائرية لتنظيف المنطقة؛ من خلال تسييج المنطقة في 2008؛ بغية حماية السكان، والشروع في تشجيرها؛ لتساهم الأشجار في امتصاص الإشعاعات، والحد من تأثيراتها السامة على الساكنة.
وحسبه، فإن التجارب النووية التي حدثت في المنطقة أخذت فرنسا تسميتها من "حيوان الجربوع" الذي يعيش في المنطقة ويتحمل البيئة القاسية للصحراء؛ حيث تم إقرار مخطط اليرابيع، الإجرام الفرنسي على النحو التالي: " اليربوع الأزرق في 13 فيفري 1960. واليربوع الأبيض في الفاتح أفريل 1960. واليربوع الأحمر في 27 ديسمبر 1960. واليربوع الأخضر في 25 أفريل 1961 " .
من جهة أخرى، أشار المتحدث إلى أن المؤرخين من أبناء المنطقة يثمّنون الدور الهام الذي تقوم به الدولة الجزائرية. ويطالبون بأن تقدم فرنسا الأرشيف. كما طالبوا بتسطير خطة استثنائية لفائدة المصابين بالأمراض السرطانية بالمنطقة، الناتجة عن الإشعاعات؛ لتحسين التكفل الصحي بهم، وكذا الاهتمام بالدعم الفلاحي، خاصة أن المنطقة تضررت بفعل الإشعاعات التي لم تسلم منها حتى البيئة، لافتا إلى أنهم كمتخصصين، أخذوا على عاتقهم مهمة التعريف بهذه الجريمة البشعة إعلاميا ودوليا، وإقرار منصات إلكترونية تُظهر بشاعة المستعمر، معربا عن أسفه لأن العالم يتذكر تفجيرات هيروشيما و "نغازاكي" ولكن لا أحد يذكر ما حدث في رقان، وبالتالي الحاجة لاتزال ملحّة إلى التعريف بجرائم فرنسا التي طالما تغنت بحقوق الإنسان!
من الصعب إحصاء ضحايا جريمة لاتزال مستمرة
يرى الدكتور عبد السلام كمون، من جامعة ادوار ورئيس قسم التاريخ والآثار، أن فرنسا ادعت أن ما وقع من تفجيرات نووية، كان عبارة عن تجارب سلمية بعيدة عن الجانب العسكري والمخاطر، غير أن المتصفح للموضوع يظهر له جليا وجود شراكة بين وزارة الحربية ومحافظة الطاقة النووية؛ ما يعني أنه مشروع عسكري بعيد كل البعد، عما هو سلمي. ويردف المتحدث: "وإنما استُخدم لإبادة شعب بأكمله، أن فرنسا في تلك المرحلة كانت تعاني من العديد من الضغوطات الناتجة عن الانتصارات التي حققتها جبهة وجيش التحرير الوطني، كل هذا جعلها تبحث عن سبيل للثأر من الثورة، لا سيما أنه بعد التأسيس لخطي شار وموريس وإغلاق معظم الحدود الجزائرية، عانت الثورة من نقص في السلاح، فاهتدى تفكير القيادة الثورية إلى نقل الثورة إلى الجنوب؛ حيث تم التأسيس للجبهة الجنوبية لجلب السلاح من مالي والنيجر، وبالتالي ما كان من فرنسا إلا أن أقدمت على جريمتها النووية، وادّعت أنها اتخذت كل التدابير السلمية ".
وحسب المتحدث، فإن ما حدث في رقان عبارة عن جريمة ممتدة الأثر، لاتزال تبعاتها مستمرة، وأن من الصعب إحصاء ضحاياها؛ لأن السلاح النووي سلاح فتاك وخطير لا يكتفي بإبادة ضحاياه في تلك الفترة، وإنما يبقى ممتدا؛ حيث مسّ حتى الجينات؛ ما يعني أن الجريمة خلّفت موت موروث، وجعلها غير قابلة للتقادم، مشيرا إلى أنهم "كمختصين وأبناء المنطقة يطالبون في كل مرة تحل فيها الذكرى، فرنسا الاستعمارية قبل المطالبة بالتعويض، بتسليم الخرائط الطبوغرافية لمعرفة أماكن تواجد المعدات والأجهزة المستخدمة في رقان، ومنه الاستمرار في عملية التنظيف، وإزالة كل المخلفات المسمومة، بعدها يأتي الحديث عن التعويض. والسؤال المطروح: من نعوّض؟ من استشهدوا، أم ضحايا ما بعد الاستقلال، أم من لم يولَدوا بعد ؟". ويختم المختص في التاريخ بالقول: " تفجيرات رقان لاتزال بحاجة إلى الترويج لها؛ من خلال إبرام الملتقيات والندوات، خاصة أن الإرادة السياسية موجودة "، لافتا إلى أن بمنطقة رقان لا توجد عائلة ليس لديها مصاب بالسرطان؛ ما يعني أن الحاجة ملحّة لإقرار استراتيجية تكفل صحي، خاصة بالمنطقة، لفائدة ضحايا الإشعاعات النووية".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.