صدر للمؤلف عبد الكريم قادري، مؤخرا، كتاب عنوانه "جمالية التلقي في السينما الوثائقية"، عن دار "جسور" للنشر والتوزيع، بدعم من "جمعية السينما"، ضمن منشورات "مهرجان أفلام السعودية" في دورته العاشرة. يتناول الكتاب، حسب صاحبه عبد الكريم قادري، بالتحليل والنقد، أبعاد الفيلم الوثائقي بمدارسه وتوجهاته وتياراته المتعددة وأقطابه ورواده، إضافة إلى تقديم إطلالة شاملة على سماته الجمالية، وأهميته كجنس سينمائي مستقل، من منطلق النظريات التي رصدت أركانه وأبعاده، مع إبراز دوره الحضاري والثقافي في الكشف عن الحقائق المخبأة، وتقديمها أمام المتلقي في ثوب جديد، انطلاقا من الشرط التاريخي والجمالي. ووفقا للكاتب أيضا، فقد قدم قراءات وتحليلات لأفلام مهمة وراهنة، شكلت فلتات تاريخية وجمالية، انطلاقا من تشكيلها الفني وبعدها الفلسفي، مع رصد أهم المتغيرات التي طرأت على هذا الجنس السينمائي، من خلال قوالب التجديد المتعددة، ومحاولة تخليصه من القوالب القديمة، على عدة مستويات ونواحي، أهمها البناء وطريقة تقديم المعلومة ورصد الصورة وتشكيلها البصري، إضافة إلى متغيرات أخرى، وهي المنطلقات الأساسية التي رصدها الكتاب في مختلف فصوله. جاء في كلمة غلاف الكتاب مايلي؛ "تحتاج السينما الوثائقية إلى عين ترى ما خلف الجدران السميكة، إلى مخرج رائي يجيد اكتشاف العادي، ويعرف كيف يستخرج الجمالية والحقيقة من التفاصيل الصغيرة، ينحت في الضوء ليولد المعنى الجاذب، ويحرك الكاميرا ليعثر على الشعرية التي تسمو بالروح، ويغمض عينيه ليرى المجاز الذي يوصل إلى الوعي، ولن يحدث هذا إلا إذا آمن بأهمية الوثائقي كجنس سينمائي، يصنع الفارق بين الفنون، ويعطي الإضافة التي تضمن البقاء، فيعيد تشكيل الواقع والوقائع عن طريقه، بعد أن يستدرج اللاشيء ويصنع منه أشياء، وهي منطلقات أساسية يجب الإحاطة بها، للحفاظ على هذا الفن السامي من جهة، ومن جهة ثانية، لفهم المُتلقي ومتطلباته وشروطه الجمالية، وبهذا الوعي المسنود بالمعرفة، يتم تشكيل أرضية مناسبة، تقود لأفلام وثائقية مشبعة بالرؤى والأحلام، تعبر عن الماضي والحاضر وحتى المستقبل، بمعنى أنها أعمال خالدة لا تصدأ، تحافظ على نظارتها وفتنتها وأهميتها للآتي". جاء كتاب "جمالية التلقي في السينما الوثائقية" ليقدم إحاطة لهذا الجنس السينمائي، انطلاقا من مفهوم "التلقي" الذي يحدد العلاقة بين الفيلم الوثائقي والجمهور، انطلاقا من النظريات المعرفية والمصطلحات الحديثة، ولم يذهب صاحبه صوب التهويمات النظرية والأكاديمية ومتاهاتها المتعددة، بل استأنس بها وحافظ على عمقها، حتى لا يتم تكريس نوع من الفرقة والنفور، بالتالي يتم التعتيم على مفهوم "التلقي" بدل تشكيل مسار تنويري من خلاله، لهذا تم التطرق إلى العديد من الجوانب التاريخية للسينما الوثائقية، مع تقديم قراءات لبعض الأفلام والمسارات والمدارس المهمة، لتصبح في مجملها مادة عملية أمام صناع هذه النوعية من الأفلام، وفي نفس الوقت، تكون نقطة ارتكاز يمكن أن تساعد على تقديم سينما أفضل وفهم أشمل لها. عبد الكريم قادري كاتب وناقد سينمائي جزائري، من مواليد سنة 1982، ينشر المقالات والدراسات السينمائية والثقافية في الكثير من المجلات والجرائد والمواقع الدولية المتخصصة بشكل منتظم، كما حاضر وحكم في العديد من مهرجانات السينما، من بينهما "أيام قرطاج السينمائية" بتونس، "مهرجان وجدة للفيلم المغاربي" بالمغرب، "مهرجان شرم الشيخ للسينما العربية والأوربية" بمصر و«مهرجان الفيلم المتوج" بالجزائر. وقد صدر له العديد من الكتب النقدية في السينما، من بينها: "سينما الشعر/ جدلية اللغة والسيميولوجيا في السينما" عن منشورات المتوسط بإيطاليا 2016، و«سينما الرؤى/ قراءات ودراسات في السينما العربية" عن منشورات مهرجان وهران للفيلم العربي 2017، و"السينما الشعرية / أسئلة البناء والدلالة" عن مهرجان أفلام السعودية 2022، ويعد كتابه "جمالية التلقي في السينما الوثائقية" الكتاب الرابع الذي تناوله فيه موضوع السينما.