تتسع دائرة الدعم الدولي لصالح تمكين الفلسطينيين من إقامة دولتهم المستقلة في إطار تنفيذ حل الدولتين الذي تنادي به كل المجموعة الدولية لرفع الغبن على شعب يعاني ويلات الاحتلال منذ أكثر من 75 عاما تحت وطأة التقتيل والتهجير وإنكار كل الحقوق حتى الحق في الحياة. غداة حصول فلسطين على مقعد رسمي في الأممالمتحدة في خطوة جد هامة على مسار إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، قال وزير خارجية النرويج، إسبن بارث إيدي، أمس، إن بلاده وجّهت نداء قويا إلى الدول الأخرى للمساهمة في الاعتراف العالمي بفلسطين. وأضاف بأن النرويج كانت تعمل لأعوام كثيرة من أجل الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وأجلت الأمر، لكنها تقوم به الآن "لبناء دولة فلسطينية.. ولإظهار المزيد من المساواة والعدل بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي". وكان وزير الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، الذي تعتبر بلاده من بين الدول الأوروبية القليلة التي وقفت في وجه الكيان الصهيوني ودعمت بقوة حقّ الفلسطينيين في إقامة دولتهم، بأن الخطوات التي تحقّقت حتى الآن باتجاه الاعتراف بدولة فلسطين "مهمة ولكنها غير كافية". جاء ذلك في مؤتمر صحفي بالعاصمة مدريد، قبيل انعقاد اجتماع مجموعة الاتصال المشكلة من منظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية بشأن التطوّرات في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة. وخلال المؤتمر الصحفي، قال الوزير ألباريس إن "حلّ الدولتين (فلسطينية وإسرائيلية) هو الحل الوحيد للسلام والاستقرار في المنطقة"، مؤكدا أنه "لا بد من إطلاق مسار سلام تحت رعاية الأممالمتحدة وإلزام الأطراف المعنية بالصراع بالمشاركة فيه". واحتضنت العاصمة الإسبانية مدريد، أول أمس، اجتماعا لوزراء من دول إسلامية وأوروبية إلى جانب مسؤول الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي لمناقشة كيفية المضي قدما نحو حلّ الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وتم خلال الاجتماع، الذي حمل عنوان "من أجل تنفيذ حل الدولتين"، مناقشة الإجراءات اللازمة لضمان فاعلية لحلّ الدولتين. وخرج ببيان مدريد المشترك بشأن تنفيذ هذا الحلّ باعتباره السبيل الوحيد لتحقيق السلام والأمن الدائمين. ومن بين المشاركين أعضاء في مجموعة الاتصال الوزارية العربية الإسلامية، بينهم وزراء خارجية فلسطين ومصر والأردن وتركيا، إضافة إلى الممثل الأعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، ووزراء خارجية النرويجوسلوفينيا وإيرلندا وهي الدول الأوروبية التي أعلنت مؤخرا اعترافها بدولة فلسطين. وبينما أدان البيان "جميع أشكال العنف والإرهاب"، دعا إلى التنفيذ الموثوق وغير القابل للتراجع لحل الدولتين وفقاً للقانون الدولي والمعايير المتفق عليها، بما في ذلك مبادرة السلام العربية، لتحقيق سلام عادل ودائم يلبي حقوق الشعب الفلسطيني ويضمن أمن إسرائيل ويحقّق علاقات طبيعية في منطقة يسودها الاستقرار والأمن والسلام والتعاون. وذكر البيان بأنه "خلال سنوات عملية السلام، حدّدت الأطراف والمجتمع الدولي مرجعيات ومعايير لتنفيذ حلّ الدولتين، استنادًا إلى قرارات مجلس الأمن ذات الصلة وقواعد ومبادئ القانون الدولي ومبادرة السلام العربية"، مضيفا أنه "بدلاً من ذلك، تسبّبت الإجراءات الأحادية غير القانونية والمستوطنات والتهجير القسري والتطرّف في إحباط آمال الشعبين في تحقيق السلام". وأكد أنه "منذ السابع من أكتوبر، تتكشف أمام أعيننا مأساة غير مسبوقة من المعاناة الإنسانية والانتهاكات الصارخة للقانون الدولي، ما يقوض السلم والأمن الدوليين". كما ذكر بأنه "بعد مرور 33 عامًا على مؤتمر السلام الذي عقد في نفس المدينة، لم تتمكن الأطراف والمجتمع الدولي من تحقيق هدفنا المشترك، والذي لا يزال قائماً، وهو إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، بما في ذلك القدس الشرقية، الذي بدأ في عام 1967، وتحقيق واقع تعيش فيه دولتان مستقلتان وذات سيادة، إسرائيل وفلسطين، جنبًا إلى جنب بسلام وأمان، ومندمجتان في المنطقة، على أساس الاعتراف المتبادل والتعاون الفعّال لتحقيق الاستقرار والازدهار المشترك". ورحّب البيان بالرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية في 19 جويلية الماضي، مجددا التأكيد على ضرورة تمكين الحكومة الفلسطينية من أداء جميع واجباتها في كافة أنحاء قطاع غزةوالضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية. وجدّد المشاركون دعوتهم لوقف إطلاق النار في قطاع غزة والإفراج عن الرهائن والأسرى وفرض السيطرة الفلسطينية الكاملة على معبر رفح الحدودي بين غزة ومصر وبقية الحدود وانسحاب كامل للقوات الإسرائيلية المحتلة من غزة بما في ذلك من ممر فيلادلفيا. التمدّد الاستعماري للكيان الصهيوني في الضفة.. تهديد لمواقع التراث الفلسطينية حذّر تقرير أعده المكتب الفلسطيني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان من أن التمدّد الاستعماري الصهيوني في الضفة الغربية يهدّد مواقع التراث الفلسطينية المدرجة على قائمة التراث العالمي للبشرية، في ظل تضاعف نشاطات الاحتلال الاستعمارية في ظروف الحرب. أوضح المكتب في تقرير الاستيطان الأسبوعي الصادر أمس، أن إقامة البؤرة الاستعمارية الجديدة "ناحال حيليتس" على أراضي قرية "بتير" في محافظة بيت لحم، والتي أعلن عنها الاحتلال بداية الشهر الجاري، ليست مصدر القلق الوحيد للمواطنين، فسريعا ما أصبحت هذه المستعمرة التي يجري التخطيط لبنائها بجوار القرية مصدر قلق أكبر، كونها تخرق القيود المفروضة عليها في إطار قوانين حماية مواقع التراث العالمية. ويكمن الخطر، وفق التقرير، في كونها تقع داخل منطقة "بتير" المحمية من منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو". وهي واحدة من المواقع الأربعة المدرجة على قائمة التراث العالمي للبشرية في الضفة الغربيةالمحتلة ويؤمن إدراجها على هذه القائمة مساعدة فنية وقانونية ومادية لحفظها من أي خطر. وأشار التقرير إلى أن "حيليتس" هي واحدة من خمس مستعمرات في عمق الضفة الغربية وافق عليها الاحتلال في 27 جوان الماضي، ويهدف من خلالها ربط مدينة القدس ومستعمراتها بمجمّع مستعمرات "غوش عتصيون"، الأمر الذي يعني عزل "بتير" بتراثها الحضاري والقرى الفلسطينية المجاورة عن مدينة بيت لحم وبقية الضفة الغربيةالمحتلة في خرق واضح للميثاق العالمي للحفاظ على مواقع التراث العالمية، الذي وقّع عليه الكيان الصهيوني في عام 1999 وانسحبت منه بعد سبع سنوات، كردة فعل على مواقف المنظمة الأممية من عضوية فلسطين في المنظمة ودفاعها وفق القوانين الدولية والتزاماتها عن مواقع التراث الفلسطينية المهددة بالخطر. وتعتبر "مدرجات بتير" الزراعية المدعومة بجدران من الحجارة وبرك ري قديمة تجمع المياه المتدفقة من الينابيع وفيها قنوات ري قديمة يعود عمرها لأكثر من 2000 عام ما أكسبها امتياز إدراجها على قائمة التراث العالمي في عام 2014. وأوضح التقرير أنه من أجل بناء تلك المستعمرة نشرت سلطات الاحتلال خارطة للمنطقة بمساحة تقريبا "600 دونم" وخصصتها لإقامتها داخل حدود "غوش عصيون". ويأتي ذلك في إطار بناء المستعمرات الأربع الأخرى التي صادقت عليها سلطات الاحتلال منذ بدء العدوان على قطاع غزة في السابع من أكتوبر الماضي وما رافق ذلك من بناء أكثر من 8 آلاف وحدة استعمارية في مستعمرات قائمة على منطقة تبلغ مساحتها 24 ألف دونم كانت سلطات الاحتلال قد صنفتها أراضي دولة. وأشار التقرير إلى أن هذه المستعمرة الجديدة، التي يجري التخطيط لبنائها، تقع في مواقع تراث فلسطينية وهي واحدة من 5 مستعمرات وافق الاحتلال قبل شهرين على إقامتها بالضفة الغربية، ردا حسب زعمها، على توجّه الجانب الفلسطيني إلى المحافل الدولية ضد دولة الاحتلال وردا على اعتراف كل من النرويج وإسبانيا وإيرلندا في ماي الماضي وبعدها بشهر سلوفينيا وأرمينيا بدولة فلسطين. وحسب التقرير، في الوقت التي أعلنت فيه لجنة التراث العالمي التابعة "لليونيسكو"، في جويلية من عام 2021، ثلاثة قرارات هامة بخصوص حالة الحفاظ على المواقع الفلسطينية المدرجة في قائمة التراث العالمي تحت الخطر والتي تشمل مدينة القدس القديمة وأسوارها وموقع فلسطين أرض الزيتون والعنب المشهد الثقافي لمدرجات جنوبالقدس- بتير والخليل- البلدة القديمة، بدأ استهداف المستعمرين الفعلي للمنطقة. وهذه الاستيلاءات لأغراض عسكرية لها معنى واحد وهو فرض طوق حماية أمنية على مستعمرة ينطلق منها الإرهاب ضد بلدات وقرى جنوب مدينة نابلس. ومنها انطلق الإرهابيون في ليلة "الكريستال" في حوارة في مارس من العام الماضي. وهو طوق أمني يمنع أصحاب الأراضي من الوصول إلى أراضيهم بفعل الوجود الدائم لقوات الاحتلال.