تنظَّم، منذ مطلع الأسبوع الجاري، بمدينة تكوت بولاية باتنة، الطبعة الثالثة للعيد السنوي للخريف، والذي يُعد موعدا للثقافة والشعر والفلكلور المحلي. وقد تخلل اليوم الثاني من الحدث تنظيم ورشة للرسم للأطفال، ومسابقة التلميذ الكاتب بمكتبة المطالعة العمومية، وأمسية شعرية بقاعة الاجتماعات بمقر البلدية، إلى جانب عرض لمسرح باتنة الجهوي. انطلقت التظاهرة التي تنظمها الجمعية الثقافية "أذلس تامزغا" بتكوت، تحت إشراف والي باتنة، وبالتنسيق مع بلدية تكوت، السبت الماضي، ببرنامج شمل عدة أنشطة ثقافية، واقتصادية وتجارية، وحفلا متنوعا أقيم بالمناسبة. وقد استُهل حفل الافتتاح بعروض الخيالة والبارود، والرحابة، والكشافة الإسلامية، وفرقة الشايب عاشوراء، وفرقة فلكلورية من التوارق تيكوبة، وفرقة أخرى فلكلورية من سيدي بلعباس، والفرق الرياضية النشطة في إقليم البلدية والحرفيين. وأقيمت بالمناسبة عدة معارض وأجنحة، من أهمها جناح خُصص للتراث والفلكلور، بالإضافة إلى عروض مسرحية استمتع بها الجمهور. كما قدم عدد من الأساتذة المختصين محاضرات بالمناسبة، تناولت البعد الثقافي لفعاليات هذه الطبعة في حضور مهتمين بالتراث، منهم أ.د رحماني سمير مسير جامعة باتنة، وأ.د.عبد السلام فريد كاتب، وأ.د مسرحي فارح من جامعة باتنة. وشهد الحدث إقبالاً كبيراً من المهتمين، قال في شأنه مهتمون ومختصون في التراث، سمح بخلق التواصل، وأبرز عادات سكان المنطقة. وتضمّن برنامج اليوم الثالث إقامة ورشة حول ترجمة القصة القصيرة للأطفال، مع تنظيم جولة سياحية إلى تكوت هانيجيث، أو تكوت الدشرة. ولقيت العروض المخصصة لمنتجات محلية، إقبالا، وعلى رأسها العسل الحر، والذي حرص على حضوره المنظمون. وأوضح رئيس جمعية مملكة جوالة الأوراس أحمد بوخلوف، أن التظاهرة عكس الطبعات السابقة، عرفت إقبالا كبيرا، وعروضا متنوعة لمنتوج العسل وعتاده. وشمل النشاط الفني تنظيم حفل نشطه ثلة من فناني المنطقة؛ أمثال جمال صابري، وميهوب، ونيوزيك، وبلحاج محمد من بوسمغون، وماسينيسا، والسبتي ثامورث، وحبيب سعيدي، وفرقة تيكوبا توارق. هذا الحدث الذي ينظم احتفاء بقدوم الخريف بحلول 15 غشط الأمازيغي الموافق ل 28 أوت من كل سنة، من بين أهم التظاهرات الثقافية والاقتصادية بالمنطقة؛ حيث تشهد بلدية تكوت ومنذ عدة قرون، تظاهرة عيد الخريف الاقتصادية الاجتماعية، والتي تقام كل سنة خلال أواخر شهر أوت؛ حيث يأتي التجار إلى سوق تكوت من كل الولايات لعرض وبيع سلعهم ومنتجاتهم الفلاحية من الخضر والفواكه؛ كالتين المجفف، والمرمز. وخلال هذه التظاهرة الشهيرة يجتمع أعيان العرش لدراسة أمورهم الاجتماعية؛ كشرط الزواج، والمعاملات التجارية المختلفة، إضافة إلى حل مشاكلهم عرفيا؛ سواء بينهم أو بين الأعراش الأخرى، لتختتم التظاهرة بحفلات وأعراس..الخ. وحسب ما هو متداول، يُجهل إلى حد الآن، تاريخ بداية أول ظهور لتظاهرة سوق عيد الخريف، إلا أن الراجح أنها تعود إلى القرن الثامن عشر أو التاسع عشر ميلادي، وفق ما ذهبت إليه بعض المراجع بخصوص اكتمال تركيبة عرش بني بوسليمان بجميع فرقه، التي توافدت على مناطق تكوت وإينوغيسن ووادي الأبيض خلال القرن السابع عشر. وبحلول القرن الثامن عشر، شرعوا في الأنشطة الفلاحية، لتتولد بعدها فكرة السوق الذي يُعد أساس الفكرة. كما تعرف هذه التظاهرة اجتماع أعيان الأعراش لدراسة وتسوية مختلف المشاكل والقضايا المطروحة وفق الشريعة والأحكام العرفية. ويكون التباحث حول آخر المستجدات والقضايا الراهنة؛ مثل المهر، وشروط الزواج، والدية، والنظر في المعاملات التجارية المختلفة. أما وعدة سيدي عيسى فتقام بمنطقة"جار الله" قبل 21 يوما على تظاهرة سوق الخريف. كما تتوفر المنطقة على عدة مناطق سياحية هامة؛ على غرار المسبح الروماني بشناورة، ومناظر معمارية رائعة بتكوت الدشرة، إضافة إلى مناظر طبيعية خلابة بكل من مضيق تاغيت، ومنطقة جار الله، وبوستة، والهارة، ورأس السراء. ويراهن شباب المنطقة على مبادرات السلطات المحلية للاستثمار في خصوصيات المنطقة، والاهتمام بالمواقع السياحية والتاريخية، ووجوب التدخل لإنجاز فندق بالمنطقة، خاصة أنها لا تبعد عن منطقة غوفي السياحية العالمية، إلا ب17 كلم، والتي يقصدها السياح للإقامة والتنزه.