طلبت وسائل الإعلام الرئيسية الألمانية، أمس، من حكومة الاحتلال الإسرائيلي تمكينها من الدخول إلى قطاع غزة الذي يتعرض لواحدة من أبشع حروب الإبادة الجماعية المستمرة منذ قرابة العام، وخلفت لغاية الآن حصيلة ضحايا جد ثقيلة تخطّت عتبة 41 ألف شهيد وقرابة 96 ألف جريح. أدانت نحو 15 مؤسسة إعلامية ألمانية، تضم صحافة مكتوبة وإذاعات وتلفزيونات ووكالات أنباء، في رسالة مفتوحة "الإقصاء شبه الكامل لوسائل الإعلام الدولية في أمر غير مسبوق في التاريخ الحديث". وكتبت أنه "بعد نحو عام من الحرب، نطلب من الحكومة الإسرائيلية السماح لنا بالدخول إلى قطاع غزة". كما طالبت من مصر السماح لها بالدخول إلى قطاع غزة عبر معبر رفح الحدودي مع الجانب الفلسطيني والذي يحتله ويغلقه الاحتلال منذ 133 يوم ويمنع دخول المساعدات الإنسانية وخروج الجرحى والمرضى للعلاج في الخارج. وتقول وسائل الإعلام الألمانية إن "أي شخص يجعل التقارير المستقلة عن هذه الحرب مستحيلة يدمّر مصداقيته"، متهمة بطريقة ضمنية إسرائيل بانتهاك حقوق الإنسان، حيث جاء في الرسالة أن "كل من يمنعنا من العمل في قطاع غزة يخلق الظروف لانتهاك حقوق الإنسان". وأضافت أن الرسالة المفتوحة الموجهة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، والرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، تم تسليمها أول أمس، مؤكّدة أن الجميع يشهد على أن لديهم عقودا من الخبرة في إعداد التقارير في مناطق النزاع، مشدّدة "نحن ندرك المخاطر.. وعلى استعداد لتحمّلها.. امنحونا إمكانية الوصول إلى قطاع غزة. فلنعمل، من أجل مصلحة الجميع". ومن بين الموقّعين رؤساء تحرير كل من صحف "دير شبيغل" و"دي ويلت" والقنوات العمومية "أ آر دي" و"زاد دي أف" ووكالة الانباء الالمانية وجمعية الصحافيين الألمان. ويأتي طلب وسائل الإعلام الألمانية بالدخول إلى غزة في وقت يواصل فيه الاحتلال الصهيوني لقرابة عام كامل، حرب الإبادة الجماعية في حقّ المدنيين العزل في القطاع، حيث يواصل قصفهم يوميا بالطيران الحربي والمدفعية وإلقاء مختلف أنواع الأسلحة والقنابل والصواريخ المحرمة دوليا، ويفرض عليهم حصارا مطبقا يحرمهم من أدنى متطلبات الحياة من ماء وغداء ودواء وكهرباء. والمفارقة أن هذا الاحتلال الذي يروّج لرواية كاذبة مفادها أنه يحارب من يصفهم ب"الإرهابيين" في إشارة إلى المقاومة الفلسطينية التي تدافع عن أرضها وعرضها وشرف كل الأمة الاسلامية، لا يسمح حتى للإعلام الغربي من الدخول إلى غزة مخافة أن ينفضح وتتكشف حقيقته الدموية، كونه احتلال همجي لا يحمل أدنى المبادئ ولا يعير للقوانين الدولية والانسانية ولا آداب الحرب أدنى اعتبار. وبذلك وجد الإعلام الغربي نفسه بين مطرقة ما كان ينادي ويتغنى به دائما باحترافيته وموضوعيته وبين انحيازه المفضوح للرواية الصهيونية، متجاهلا حقّ شعب بأكمله يعيش ويلات الاحتلال منذ 76 عاما تعرض فيها ولا يزال يتعرض لكل أنواع الانتهاكات والخروقات من تنكيل وتقتيل وتعذيب وتشريد وتهجير وأسر ونهب للأراضي والممتلكات وتعد على المقدسات.. وهو يحاول تبييض صورة المحتل الصهيوني، جاءت عملية "طوفان الأقصى" في السابع أكتوبر من العام الماضي لتسقط القناع وتفضح ازدواجية المعايير التي يتعامل معها هذا الإعلام الغربي عندما يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية. وتسبب ذلك في تنامي الانتقادات الحادة الموجّهة له لانحرافه عن المهمة الإعلامية وكونه مجرد أداة في يد كيان محتل. وكان لشبكات التواصل الاجتماعي دورا لا يستهان به في نقل حقيقة ما يحدث في غزة من حرب ابادة جماعية، أصبح العالم أجمع يتابع فصولها على المباشر. وغيّرت من نظرة شرائح واسعة في الشارع الغربي الذي انتفض دعما لفلسطين في مظاهرات ومسيرات عارمة تجوب أهم العواصم والمدن الغربية من باريس الى لندن مرورا ببرلين ومدريد وصولا الى واشنطن ونيويورك وغيرها. والسؤال الذي يطرح نفسه هل سيقبل الكيان الصهيوني بفتح القطاع أمام وسائل الإعلام الغربية التي بدأت تتفطن لحقيقية ما يجري، وسبق وطالبتها حركة المقاومة الإسلامية "حماس" بالذهاب إلى غزة وفضح الإبادة التي تسعى إسرائيل لإنكارها، أم أنه سيلتف كعادته وسينظم كما فعل في إحدى المرات زيارة لوسائل إعلام غربية تحت حماية الجيش الصهيوني الذي قاد الوفد الإعلامي الغربي وفق برنامجه وأراه ما أرد ومنعه من أداء مهمته كما يقتضي الواجب الإعلامي وذلك بشهادة الصحافيين الأجانب الذين كانوا ضمن الوفد.