تحل اليوم الذكرى الأولى لعملية "طوفان الأقصى"، وقد مرّ عام كامل على حرب إبادة صهيونية أقل ما يقال عنها إنها جنونية ومرعبة أودت، في حصيلة أولية لا تزال مرشحة للارتفاع، بحياة ما لا يقل عن 41 ألفا و870 شهيد وأكثر من 97 ألف مصاب ناهيك عن 10 آلاف مفقود لا زالوا تحت الأنقاض أو ملقاة جثامينهم في الشوارع والطرقات بنسبة دمار بلغت 85%. تؤكد كل الإحصائيات والمشاهد القادمة من غزة، والتي توثّقها مختلف التقارير الحقوقية منها والإنسانية، أن غالبية ضحايا هذه الحرب المدمّرة على مدار عام كامل هم أطفال ونساء عزل لم يتمكن العالم أجمع بكل قواه العظمى والتي تدعي الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان ومنظماته الدولية والأممية وأجهزته وأدواته الردعية والقانونية، من حماية حتى رضيع في حضن أمه أو توفير علبة حليب وقطرة ماء ورغيف خبز وحبة دواء تسكن آلامهم ووجعهم. بقراءة سريعة لأرقام هذه الحرب المروعة، يتضح جليا هول المأساة الإنسانية التي تسبّبت فيها "المحرقة" الصهيونية المتواصلة فصولها على المباشر في غزة وتنقلها يوميا شاشات التلفزيون في كل العالم وكأنها مسلسل رعب حلقاته لا تنتهي. ففي عام من هذه المحرقة ارتكب جيش الاحتلال الصهيوني، الذي يتقوى فقط على المدنيين العزل، 3654 مجزرة راح ضحيتها 51 ألف و651 شهيد وقرابة 97 ألف جريح، نحو 70% منهم أطفال ونساء. ومن بين أبشع جرائمه، قتله 710 طفل أعمارهم تقل عن عام و171 رضيع ولدوا واستشهدوا خلال حرب الإبادة، بينما استشهد 36 طفلا نتيجة المجاعة وهؤلاء ممن تمكن أهاليهم من إحضارهم إلى المستشفيات. ولأن الأطفال هم أكثر الفئات هشاشة وضحية مقصودة في هذا العدوان الهمجي، تشير الأرقام إلى 25 ألفا و973 طفل في غزة من دون والديهم أو بدون أحدهما يعانون ظروف الحياة القاسية التي فرضتها إسرائيل على قطاع غزة وتسببت في نزوح مليوني شخص ضاقت بهم كل السبل تحت القصف والحرمان من أدنى متطلبات العيش. خروج 23 مستشفى عن الخدمة ويعد قطاع الصحة واحدا من القطاعات التي سعى الاحتلال منذ اليوم الأول من عدوانه على استهدافها بطريقة ممنهجة تسبّبت في انهيار المنظومة الصحية في القطاع بما أدى إلى خروج 23 مستشفى من أصل 38 عن الخدمة، بينما بلغ عدد شهداء القطاع الصحي 986 شهيد من الكوادر الصحية والأطباء الأخصائيين. واعتقلت قوات الاحتلال 310 على الأقل منهم وخروج 130 مركبة إسعاف عن الخدمة نتيجة استهدافها وتضررها خلال العدوان الصهيوني المتواصل على القطاع فيما تعمل بقية المستشفيات، التي تعرّضت إلى تدمير جزئي أو كلي بقدرة محدودة وتحت ظروف قاسية وسط نقص حاد في الأدوية والمعدات الطبية. وأشار البرش إلى أن تدمير المستشفيات والمراكز الصحية تسبّب بانتشار أوبئة في صفوف أهالي القطاع خاصة النازحين في المخيمات بمناطق الجنوب، موضحا أن الأوبئة المنتشرة تشمل شلل الأطفال والسحايا والأمراض الجلدية بمختلف مسمياتها. كما لفت إلى نقص في الموارد والمستلزمات الطبية وحتى الطواقم الصحية العاملة في قطاع غزة، وذكر أن نزوح الأطباء القسري إلى الجنوب واعتقال الجيش الصهيوني آخرين، فرضا واقعا صعبا على مستشفيات القطاع، مؤكدا أن الجرحى يحتاجون إلى عمليات تأهيل وزراعة أطراف لم تنجز بسبب الإمكانيات المحدودة. الدفاع المدني يطالب بإدخال المعدّات وعدم استهداف عناصره لا يخفى على أحد أن العدوان الصهيوني أتى على الأخضر واليابس في قطاع غزة، حيث لم يسلم منه لا الإنسان ولا الحجر وقضى على كل مقوّمات الحياة بما فيها تلك التي تقوم بدور إنساني وإغاثي على غرار جهاز الدفاع المدني الفلسطيني. هذا الجهاز الذي قدّمت مديريته في مؤتمرها الصحفي حصيلة الخسائر والأضرار البليغة التي لحقت به خلال عام وجعلته يعمل فقط بطاقة لا تتجاوز 20% من قدرته الأساسية وهو الذي فقد خلال الحرب 85 عنصرا من طواقمه وأصيب 292 أخرون. وعلى مدار سنة من حرب الإبادة، إلا أن طواقمه التي ترافقها الطواقم الطبية تمكنت من انتشال 37 ألفا و210 شهيد من تحت ركام المنازل وفي الشوارع والأماكن المستهدفة، بينما أعاق الاحتلال انتشال آلاف الجثامين الأخرى التي لا زالت تحت الأنقاض المدمّرة. وتواجه طواقم الدفاع المدني ومقدّمو الخدمة الإنسانية في قطاع غزة منذ بداية هذه الحرب، تحديات كبيرة زادتها صعوبة تهرّب المؤسسات الدولية من واجباتها. وهو ما جعل هذا الجهاز يطالب بتوفير قطع الغيار الخاصة بمعدات ومركبات الدفاع المدني لتستطيع إصلاح المعدات والمركبات المتعطلة لاستمرار عمل فرق التدخل الإنساني. كما طالب بتوفير الحماية لعناصره أثناء القيام بواجبها الإنساني وعدم استهداف مركباته ومعداته المتهالكة أساساً. انتهاكات "غير مسبوقة" بحقّ المعتقلين واستشهاد العديد تحت طائلة التعذيب صعّدت قوات الاحتلال الصهيوني بشكل "غير مسبوق" من وتيرة الانتهاكات والاعتداءات ضد الأسرى الفلسطينيين في سجونها منذ بداية حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، وحوّلت مصير هذه الشريحة من "نقطة بداية" تنطلق منها جولات التفاوض لوقف العدوان إلى "نقطة نهاية" توثق استشهاد عشرات المعتقلين داخل الزنزانات جراء التعذيب. وكشفت معركة "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر الماضي عن الوجه المظلم أو الخفي لما يحدث بحق الأسرى وراء جدران السجون الصهيونية، حيث لم تكن هذه الانتهاكات وليدة العدوان على غزة وإنما كانت قبل ذلك ولو بدرجات تعسفية أقل مما وصلت إليه وحشية السجان الصهيوني بعد بداية الحرب. 175 شهيد في صفوف الصحافين ارتفع عدد الشهداء من الإعلاميين في غزة إلى 175 منذ اندلاع حرب الإبادة الجماعية على القطاع في 7 أكتوبر الماضي. وذكر المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، في بيان أمس، أن المصور الصحفي حسن حمد ارتقى شهيدا جراء قصف الاحتلال الصهيوني منزله في مخيم "جباليا" شمالي القطاع. وباستشهاد حسن حمد يرتفع عدد الشهداء من الصحفيين مع نهاية العام الأول لعدوان الاحتلال الصهيوني على غزة إلى 175 بينهم 12 صحفية، فيما أصيب 80 صحفيا بجروح بعضهم بترت أطرافه.