تحوّلت سلسلة أنفاق مدينة وهران الواقع أهمها بحي سيدي الهواري العتيق، إلى محور استقطاب للجزائريين من داخل الوطن وخارجه، بعد الكشف عن أول نفق وتهيئته بمبادرة من ولاية وهران ومديرية الثقافة. النفق الأرضي التاريخي الواقع أسفل حي سيدي الهواري والذي يربط ميناء وهران بقصر الباي عبر سلسلة أنفاق متداخلة، يشهد، يوميا، زيارات افتراضية عبر وسائل التواصل الاجتماعي بعد الكشف عن مجموعة فيديوهات، وصور عن النفق بعد تهيئته واستفادته من الإنارة التي زادت جماله، واستقطاب المواطنين، وحتى المؤرخين. وحقّقت الفيديوهات المنشورة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، عن النفق، مساعدات وتعليقات قياسية، وصلت لدى البعض إلى حوالي نصف مليون مشاهدة، وما بين 150 و200 ألف مشاهدة وتعليق، وهو ما يؤكّد حجم الاهتمام التي يبديه المواطنون بالمعالم التاريخية لولاية وهران، في انتظار افتتاح النفق رسميا، ووضعه حيز الخدمة، واستقبال المواطنين والسياح. وفي جولة ل"المساء" داخل النفق الواقع أسفل شارع مسجد الباشا، يستقبلك المنظر الجميل للنفق بعد استفادته من عملية تنظيف شاملة، وإنارة خاصة باللون الأصفر؛ ما زاد من جمال منظر النفق. ويستقبلك في مدخله سلسلة سلالم في شكل ملتو حلزوني، ممتدة لعدة أمتار إلى الأسفل، توصلك إلى مدخل النفق. والغريب في الأمر أنّ النفق ورغم وجوده بنحو 40 مترا تحت الأرض، غير أنّ درجة الحرارة تنخفض كلما نزلنا إلى الأسفل بفعل تيار هوائي بارد وقوي، قادم من تحت. وحسب ما عُلم، فإنّ هذه الفتحات كانت في وقت سابق، أنفاقا أيضا، ومسارات، تتّجه نحو ميناء وهران. غير أنّه تم إغلاقها لتفادي دخولها والتيهان فيها؛ بسبب طولها. وتعقد مساراتها. وقد تم فتح جزء من الجدران التي بُنيت؛ للسماح للهواء بدخول النفق. ويمتاز النفق بسلسلة تفرعات وشبه متاهات متناسقة، تتخللها قاعات متوسطة الحجم بمساحة لا تتجاوز 10 أمتار مربعة، ممتدة على طول المسارات. كما يتميز النفق بتقنية بنائه المعتمدة على صخور خاصة وُضعت في الممرات، وفوق الممرات؛ لتحصينها. غير أنّ الجانب العمراني والجمالي للنفق تم تشويهه بفعل استخدامه من طرف السلطات الفرنسية، كملجأ خلال الحرب العالمية الثانية؛ حيث تم وضع الإسمنت المسلح على الأسقف، الذي أخفى الحجارة التي بُنيت بها. كما تم استحداث مصعد خاص على طول 30 مترا، ممتد من أحد مخارج النفق نحو قصر الباي. وقد تم بناؤه خلال فترة الحرب العالمية الثانية، لنقل المؤن والقيادات الحزبية خلال الحرب العالمية الثانية. وقد وعد والي وهران خلال زيارته النفق، بإعادة إنجاز المصعد للمساهمة في الترويج للسياحة، والسماح للمواطنين وكبار السن بدخول النفق وزيارته. كما تم تخصيص جناح لعرض صور قديمة عن النفق خلال استعماله كملجأ حرب، ووضع شاشة خاصة داخل إحدى الغرف؛ لعرض أفلام وثائقية عن تلك الفترة، ضمن مساعي تحويله إلى معلَم سياحي ضمن مسارات وهران.