مهرجان نيويورك للأفلام المضادة هو حدث ينظَّم لأول مرة في الولاياتالمتحدةالأمريكية؛ في إجراء احتجاجي ضدّ مهرجان نيويورك السينمائي الدولي الذي يحتفي بدورته 62. مهرجان نيويورك السينمائي أحد أبرز المهرجانات السينمائية الدولية التي تنظم في الولاياتالمتحدة. اختُتمت فعالياته أمس. ومهرجان نيويورك للأفلام المضادة الموازي يمثل جزءاً من أنشطة احتجاجية أخرى، موجهة ضد إدارة المهرجان؛ بهدف حثها على اتخاذ موقف ضد الجرائم الإسرائيلية، وقطع علاقاتها بالمؤسسات الداعمة لإسرائيل. ويُشرف على تنظيم المهرجان الموازي عدد من المجموعات الناشطة في مجال السينما. وتتوزع عروضه على ثمانية أماكن في قلب مدينة نيويورك. وتشارك في هذه العروض أفلام قصيرة وروائية، يُعرض بعضها لأول مرة دولياً؛ مثل فيلم "الدودة الخفية" للمخرجة الفلسطينية روزاليندا النشاشيبي، وهو فيلم قصير مدته 17 دقيقة. وتضم قائمة العروض أيضاً فيلم "أنيمالز بارادوكسا" للمخرج التشيلي نايلز عطا الله، الذي انسحب من مهرجان أمستردام الدولي للأفلام الوثائقية في وقت سابق من هذا العام؛ احتجاجاً على إسكات الأصوات المؤيدة لفلسطين. ولم يكن المهرجان الموازي هو الشكل الوحيد للاحتجاج ضد مهرجان نيويورك السينمائي؛ إذ وجّه العشرات من صناع الأفلام والعاملون في مجال السينما، عدداً من البيانات والرسائل إلى إدارة المهرجان؛ لحثها على قطع علاقاتها بالمانحين الداعمين لإسرائيل. وحث الموقعون على هذه البيانات والرسائل، الجهات المنظمة لمهرجان نيويورك، على إنهاء شراكتها مع مؤسسة بلومبيرغ للأعمال الخيرية التي يشرف عليها الملياردير مايكل بلومبيرغ المعروف بمواقفه الداعمة لإسرائيل. وحسب أحد هذه البيانات، فإنّ مركز بلومبيرغ لديه صلات تعاونية مشبوهة مع عدد من المؤسّسات العاملة في مستوطنات إسرائيلية في الضفة الغربيةالمحتلة. ويصفها البيان بأنّها كيانات غير قانونية. وطالب الموقعون على هذه البيانات والرسائل، مهرجان نيويورك السينمائي بقطع علاقاته التعاونية بصحيفة "ذا نيويورك تايمز" و"بنك أوف أمريكا"، وبنك "نيويورك ميلون"، و"سيتي غروب "، وهي مؤسّسات مؤيّدة ومتعاونة مع الكيان الصهيوني، حسب الموقعين. وقد أعلن العديد من صناع الأفلام الذين وقّعوا على هذه البيانات، عن دهشتهم من الصمت المخيّم على إدارة مهرجان نيويورك السينمائي في الوقت الذي يتعرّض سكان غزة للإبادة الجماعية، وتمادي إسرائيل في توسيع نطاق جرائمها، لتشمل الضفة الغربية، ولبنان. وفي بيان لعدد من المُشاركين في المهرجان الرسمي، أعلن الموقعون رفضهم الصمت والرقابة التي تُمارَس على الأعمال والأصوات المؤيدة للنضال الفلسطيني. وقد جاء في نص البيان: "بصفتنا صناع أفلام وعاملين في المجال الثقافي، نعلن رفضنا توظيف أعمالنا لتبييض جرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل، خاصة أن العديد من أفلامنا المعروضة في مهرجان نيويورك هذا العام، يسلط الضوء على العنف الذي تمارسه الدولة. وتُطالب بالعدالة في مواجهته". وندّد الموقعون على البيان أيضاً، بما تعرّض له المخرج الفلسطيني باسل عدرا بسبب موقفه ومساهماته الإبداعية؛ إذ كانت قوات الاحتلال الإسرائيلي اقتحمت بيت عدرا في الضفة الغربية، واختطفوا والده، وقيدوه، وعصبوا عينيه، واحتجزوه في مكان مجهول قبل أن يُفرج عنه لاحقاً. يُذكر أن باسل عدرا هو مخرج فيلم "لا أرض أخرى" الفائز بجائزة أفضل فيلم وثائقي في مهرجان برلين السينمائي الدولي هذا العام. وفي بيان آخر أصدره تحالف من العاملين الموسميين في مهرجان نيويورك السينمائي، جاء: "نحن نقف متضامنين مع صناع الأفلام والعاملين في مجال السينما في دعوتهم مجلس إدارة المهرجان ومديريه، إلى مراجعة علاقاته المالية مع مؤسسة بلومبيرغ الخيرية، وإنهاء علاقته بها؛ نظراً لارتباطها بالمستوطنات الإسرائيلية غير القانونية في الضفة الغربية. كما نحثّ مجلس إدارة مهرجان نيويورك السينمائي وقيادته، على الدعوة إلى وقف إطلاق النار الدائم، ودعم حقوق الفنانين والناشطين والعمال الذين يدافعون عن فلسطين". وطالب البيان الأخير أيضاً، إدارة المهرجان بقطع علاقاتها مع كل المانحين المؤيدين لإسرائيل؛ مثل ديفيد روبنشتاين، وبيل أكمان، وديفيد جيفن. كما طالبوا المهرجان بالانضمام إلى الأصوات الداعية إلى حظر تصدير الأسلحة إلى إسرائيل. ويذكر العاملون في بيانهم أنّهم على علم تام بأن مهرجان نيويورك السينمائي ليس المهرجان الوحيد في الولاياتالمتحدة أو العالم، الذي يتلقى الدعم من مؤسسة بلومبيرغ الخيرية، ومن شركات وأفراد آخرين متواطئين في جرائم الحرب الإسرائيلية. وفي الوقت الذي يدرك العاملون، حسب هذا البيان، الصعوبة التي ينطوي عليها فك الارتباط بهذه المؤسسات المانحة، يطالبون مهرجان نيويورك السينمائي بالانحياز إلى العدالة؛ لكي يكون نموذجاً لغيره من المهرجانات. كما وجّه هؤلاء العاملون رسالة إلى زملائهم في مجالات الفنون في المؤسّسات الأخرى، يطالبونهم فيها بالضغط على مؤسّساتهم؛ لاتّخاذ موقف أخلاقي بشأن الحرب في الشرق الأوسط. ولفت العاملون في بيانهم الانتباه إلى التحديات التي تواجهها صناعة السينما في نيويورك؛ من جراء الرقابة والملاحقة التي يتعرض لها صناع الأفلام الذين يدعمون فلسطين علناً.