أضحى المخزن يعيش على فوهة بركان بعد إصراره على دوس كافة حقوق الشعب المغربي، مقابل انغماسه في قضايا الفساد التي نخرت دواليب السلطة ومختلف القطاعات التي أثرت سلبا على الوضع الداخلي للبلاد، مما ينبئ بمستقبل مجهول مفتوح على كافة الاحتمالات والسيناريوهات التي كرّستها سنوات القهر والتعسّف الممارس على المواطنين المغاربة، فضلا عن الصراع حول العرش الذي لن يدفع ثمنه سوى البسطاء المغلوبين على أمرهم. يظهر جليا من خلال حالة الغليان التي تشهدها المملكة المغربية هذه الأيام، خاصة أن المخزن قد عجز عن الخروج من عنق الزجاجة بسبب تراكم مشاكله منذ عقود من الزمن وانهماك خدام البلاط الملكي في نهب ثروات الشعب المغربي، غير آبهين بتداعيات السياسات المتهورة التي لم تسهم سوى في زيادة الاحتقان والتصعيد الشعبي، الذي عبرت عنه المظاهرات واحتجاجات الشارع اليومية، المطالبة بأبسط حقوق العيش الكريم . ولم يكن مفاجئا أن يشهد المغرب هذا الوضع المضطرب في ظل صم حكومته آذانها إزاء المطالب الشعبية المشروعة، لتجد نفسها في مواجهة تصعيد خطير ساهمت بشكل أو بآخر في صناعته دون الاخذ بعين الاعتبار تداعياته التي قد تنقلب عليها كالعاصفة الهوجاء، التي من شأنها أن تقضي على الأخضر واليابس. وما كان المخزن ليتصوّر أن يعيش مثل هذه الأوضاع الخطيرة، كون تراكمات الماضي التي مازالت تكبر يوما بعد يوم ككرة الثلج المتدحرجة، باتت تهدّد أمنه الاجتماعي في ظل معاناة الشعب المقهور من القمع وغياب العدالة الاجتماعية، مقابل إصرار الحكومة على فرش البساط الأحمر للفساد الذي سيودي حتما بالبلاد إلى الهاوية. فقد أكدت إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط المغربية في آخر مذكرة لها، أن أكثر من 80% من الأسر المغربية أبلغت عن تدهور مستوى معيشتها خلال 12 شهرا الماضية وأن نحو 15% فقط استقر وضعهم المعيشي خلال الفترة ذاتها. وتشير إحصائيات المندوبية إلى أن أكثر من 42% من المغاربة استنزفوا مدخراتهم للسنوات الماضية خلال الثلاث سنوات الأخيرة، في حين هناك من لجأ منهم للاقتراض لتغطية مصاريفه اليومية، كما يتوقع حوالي 98% من المغاربة أن اقتناء السلع المستديمة بات شبه مستحيل في ظل الظروف الراهنة ومع الزيادات المتوالية في كل الأسعار. وبات الفساد السمة الغالبة على الحكومات المتعاقبة في المغرب، غير أنه زاد حدة في الآونة الأخيرة بسبب المشاكل التي يعيشها البلاط الملكي بناء على تقارير إعلامية دولية تحدثت عن ما يحاك داخل دائرة الحكم، من قبل أجنحة تخطط في الظلام لهزّ أركان العرش والإعداد لمرحلة ما بعد محمد السادس الذي قلّل في الفترة الماضية بشكل كبير من ظهوره العلني، قبل أن يظهر منذ أيام منهكا بسبب المرض الذي يضاهي حدة الصراع الذي ينخر دواليب حكمه. وبلا شك فإن الصراع على العرش بين أفراد من العائلة المالكة، يلعب فيه الكيان الصهيوني دورا بارزا منذ أمد بعيد، حيث نسج خيوطه باتقان منذ سنوات عبر اعتماده لسياسة المساومة وحيازته لملفات خطيرة ترهن أي تحرك للعاهل المغربي ضده. ويكفي أن نستدل في هذا الصدد بتطبيع النظام المخزني مع هذا الكيان رغم أنف الشعب المغربي. ويعد هذا التطبيع بمثابة التوقيع على شهادة وفاة الهوية المغربية، مما زاد في حنق المغاربة الأحرار الذين لم يستسيغوا ارتماء حكومتهم في أحضان كيان غريب لم يغتصب فقط حقوق الشعب الفلسطيني بل بات يمارس سياسته الاستيطانية على المواطنين المغاربة الذين طردوا بين ليلة وضحاها من بيوتهم بعد مطالبة اليهود العائدين إلى المغرب بممتلكاتهم التي تخلوا عنها منذ 50 عاما. كما أصبح المناهضون للرشوة واختلاس المال العام في المغرب متهمون بالخروج عن القانون، على غرار ما حدث مع رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها محمد بشير الراشدي الذي كان ضحية هجوم كبير رفقة فاعلين مدنيين وحقوقيين آخرين، في حين تعمل حكومة المخزن على إغلاق ملفات الفساد خدمة لمصلحة لوبي متخصّص في نهب المال العام والترويج للمخدرات. موازاة مع ذلك، يواصل النظام المخزني في تقنين سياسة التعسّف واستعباد مواطنيه عبر إقراره لمشاريع قوانين تتناقض مع المواثيق الدولية، بهدف ممارسة المزيد من القهر والتضييق على الحريات وتكميم الأفواه، ما يجعل المغرب جراء هذا الوضع الخطير يعيش على صفيح ساخن معرض في أي لحظة للانفجار، ستصل شظاياه بالتأكيد إلى صناع قراره.