يُجمِع مهنيو قطاع الفلاحة أن الموسم الجديد سيكون واعدا وأكثر تحديا، كون الرهان الذي بدأ يتحقق في السنوات الأخيرة، خاصة العام الماضي، جعل كل الأنظار تتجه نحو هذا القطاع، والآمال معلقة عليه، لارتباطه بالأمن الغذائي، الذي تسعى الدولة إلى ضمانه، لتخفيف فاتورة الاستيراد، وما تشهده أسعار المواد واسعة الاستهلاك من تقلبات في الأسواق الدولية.. وفي هذا الملف يتحدث فلاحون مستثمرون وخبراء في القطاع ومسؤولو غرف فلاحية عن خصوصية الموسم الفلاحي الجديد، حيث يستبشرون بانطلاقة مغياثية واعدة، غابت لسنوات طويلة، ويأملون أن تلتزم الهيئات والمؤسسات ذات الصلة بتوفير احتياجات الفلاحين، في ظرف سيكون فيه القطاع "تحت مجهر السلطات العليا"، لأنه يشكل تحديا لربح معركة الإنتاج، خاصة في مادة القمح الصلب التي ستكون بداية "ثورة فلاحية" تضع القطاع على السكة الصحيحة. مؤكدا أن الفلاحة في الجنوب مربحة وواعدة.. المستثمر سفيان بلحاج: وفِّروا لنا الكهرباء وسنضمن لكم الاكتفاء يُجمِع المستثمرون في مجال زراعة المحاصيل الكبرى بالجنوب الكبير، أن المستقبل الفلاحي والاقتصادي ببلادنا واعد ومشجع، إذا استمرت الدولة في توفير الشروط اللازمة للإقلاع الحقيقي، من دعم مالي وكهرباء وماء ومسالك وتجهيزات اتصال، مؤكدين أن تحقيق الاكتفاء الذاتي صار على مرمى حجر، إذ يكفي أن تستمر الدولة في الاعتناء بهذا القطاع ودعمه بما يلزم، كون هذه الأرض الطييبة سخية ومصدر كل خير. أوضح المستثمر الفلاحي سفيان بلحاج، الذي نجح في زراعة الحبوب بالجنوب الكبير، أن النشاط الفلاحي في الصحراء مربح وواعد، مفيدا أن العديد من الفلاحين وأصحاب رؤوس الأموال، وجدوا ضالتهم في الأراضي الصحراوية الشاسعة لتحقيق أهدافهم المالية، رغم قساوة المنطقة وصعوبة ظروف العمل، ونقص الضروريات وعلى رأسها الطاقة الكهربائية، التي ترهق كواهلهم بأعباء مالية كبيرة، تنفق لاقتناء وقود المولدات الكهربائية. وذكر ممثل المستثمرين ل "المساء" أنه بعد عصرنة وتخفيف الإجراءات الإدارية، فإنه لم يبق أمام المهنيين من مشاكل إلا بعض النقائص، التي ينتظرون استدراكها في أقرب وقت، لتمكينهم من رفع الإنتاج وتوسيع دائرة الاستثمار، ومنه بلوغ الهدف المنشود المسطر في الاستراتيجية الوطنية لضمان الأمن الغذائي. ولفت محدثنا، الذي بدأ الاستثمار منذ أكثر من ثلاث سنوات، أن معظم المستثمرين في الجنوب، يواجهون مشكل غياب الكهرباء، ومنهم الناشطون بمنطقة تينركوك بالولاية الجديدة تيميمون، الذين راسلوا والتقوا عديد المسؤولين المحليين والمركزيين، ومنهم وزير الفلاحة، ووالي تيميمون والمدير العام ل "اتصالات الجزائر"، ومؤسسة "موبيليس"، لتوفير ضروريات العمل من طاقة واتصالات. وأكد المصدر أن توفير هذه الضروريات أصبح في صلب اهتمامات السلطات العمومية، لاسيما أن رئيس الجمهورية، الذي يرعى هذا القطاع الحساس، أمر بتذليل العقبات ودعم الفلاحين بكل ما يحتاجونه ومنها توفير البذور المنتقاة والأسمدة الكافية، لبدء موسم فلاحي جديد دون ندرة، مشيرا إلى أنه نوعية بذور القمح التي استلموها العام الماضي من ديوان الحبوب والبقول الجافة، لم تكن منتقاة بالشكل المطلوب، ما اضطر الفلاحين إلى إعادة فرزها بأموالهم الخاصة، آملين أن تكون بذور هذه السنة منتقاة، لضمان منتوج جيد ومردودية عالية. وحسب المصدر فإن منطقة تينركوك بتيميمون تضم 19 مستثمرا، ينشطون بمحيط فلاحي يتسع ل 10 آلاف هكتار، يستعدون لإنجاح الموسم الفلاحي الذي سينطلق في الجنوب منصف نوفمبر الداخل. مشروع واعد سيغير طبيعة الصحراء 5 آلاف كلم من خطوط التوتر العالي لربط مستثمرات الجنوب لم تتأخر الدولة في ربط الجنوب الكبير بشبكة الكهرباء، لاسيما أن هذه الجزء الكبير من التراب الوطني ورغم قلة السكان بها، إلا أنها تحولت مع مرور السنوات، إلى "سلة غذائية هامة" ومكمّلة لما ينتج في الشمال، وقد تم ضخ أموال ضخمة لتجسيد برنامج واعد يوفر طاقة كهربائية مولدة بمحطات هجينة تجمع بين الغاز والطاقة الشمسية. وقد سرّعت المطالب الملحّة للمستثمرين في قطاع الفلاحة بولايات الجنوب، عملية انطلاق البرنامج الذي أعلن عنه وزير الطاقة والمناجم، محمد عرقاب، مؤخرا، حيث كشف أن مجمع سونلغاز يسعى لتجسيد برنامج واعد لنقل الكهرباء عالية التوتر على امتداد 5 آلاف كيلومتر، وسيتم إنجاز المرحلة الأولى منها، على مسافة 880 كيلومتراً، من حاسي الرمل بولاية الأغواط، مروراً بالمنيعة، تيميمون، ووصولا إلى أدرار، أما المرحلة الثانية فتمتد من أدرار إلى تمنراست مروراً بعين صالح، مع ربط بشار وبني عباس على مسافة 1920 كيلومتراً وهي حالياً قيد الدراسة. وأوضح الوزير عرقاب أمام لجنة المالية والميزانية بالمجلس الشعبي الوطني، مؤخرا، أنّ انطلاق الخطوط الجديدة، أتى بناءً على نتائج الدراسة التقنية والاقتصادية للمشروع، من حاسي الرمل إلى غاية تمنراست، ومن المتوقع أن ينتهي هذا المشروع الإستراتيجي وبدء التشغيل بداية 2028. علاوة على ذلك، قامت سونلغاز بدراسة توسيع الشبكة على حوالي 1600 كيلومتراً، انطلاقاً من تمنراست نحو الولايات الحدودية مثل عين قزام، جانت، وبرج باجي مختار. وبهذا المشروع الواعد ستتغير طبيعة الإقليم الصحرواي، سواء المناطق الفلاحية أو التجمعات السكانية، خاصة بالمناطق الحدودية، التي تتطلب التعمير وتثبي السكان بها، حسبما يوصي به المخطط الوطني لتهيئة الإقليم، ومن بين الولايات التي ستستفيد من خطوط الضغط العالي المنيعة بشار أدرار، تيميمون، عين صالح، بني عباس برج باجي مختار، وعين قزام وجانت. العربي عبدي رئيس الغرفة الفلاحية بتيارت البذور متوفرة وكل الظروف مواتية لإنجاح الموسم أكد رئيس الغرفة الفلاحية بتيارت، العربي عبدي، أن كل الظروف مواتية لانطلاق موسم فلاحي بمؤشرات نجاح تبشر بالخير، مفيدا أن الأمطار الأخيرة فتحت الشهية للفلاحين لبدء حملة الحرث والبذر، بنفَس جديد تحدوه الإرادة في تحقيق الأهداف المسطرة. وبعد أن ذكر المصدر أن إجراءات الحصول على البذور تسير هذا الموسم بشكل عادي، خاصة بالنسبة لبذور القمح، أكد النقص هذا الموسم يتمثل في بذور القمح، التي يظهر أنها غير متوفرة بالحجم الكافي، مفيدا أنه لا يوجد تأخر في تسليم الأسمدة، حيث أن الفلاحين شرعوا، بعد الأمطار الخريفية الأخيرة، في حملة الحرث والبذر، مضيفا أن بعض الفلاحين يستعينون بالسقي التكميلي، في حالة نقص المغياثية، ويأملون أن يستمر سقوط الأمطار في الأوقات المناسبة وبالحجم الكافي. ويعترف رئيس الغرفة - وهو أحد الفلاحين المختصين في تكثيف الحبوب- أن البذور هذه السنة منتقاة، في وقت اشتكى فيه بعض الفلاحين الموسم الماضي من تسليمهم بذروا مخلوطة وغير منتقاة. أمين عام الغرفة الفلاحية بتيميمون ياسين كريمي: التحضيرات للموسم الفلاحي بدأت مبكرا أكد الأمين العام للغرفة الفلاحية بتيميمون، أن الموسم الفلاحي الذي سينطلق في الأيام القليلة القادمة، تم التحضير له منذ جويلية الماضي، حيث تم إنشاء الشباك الوحيد، الذي يسهل الإجراءات الإدارية، ويضم عدة هيئات إدارية ومصرفية لمرافقة الفلاحين في مسارهم الاستثماري، منها ، بنك "بدر"، الصندوق الوطني للتعاون الفلاحي وديوان الحبوب والبقول الجافة، بالتنسيق مع مديرية المصالح الفلاحية والمعاهد الفلاحية التي ترافق الفلاحين. وقال المصدر في اتصال مع " المساء" إن الفلاحين بسهول تينركوك الواقعة شمال تيميمون، أثبتوا كفاءتهم في الميدان، رغم الصعوبات التي يواجهونها، مفيدا أن المنطقة من شأنها استقطاب المزيد من المستثمرين، من سنة إلى أخرى، لاسيما مع دخول شركات كبرى مختصة في إنتاج الحبوب. ولفت السيد كريمي أن قرابة ال 20 مستثمرا في منطقة تينركوك يبذلون جهودا كبيرة من أجل توفير المحاصيل الكبرى من الحبوب، لاسيما ما تعلق بتكثيف البذور، وأخرى موجهة للاستهلاك. وبخصوص الطاقة الكهربائية، التي لا توال هاجس المستثمرين، أوضح محثنا أن المشكل سينتهي تمام، عند انتهاء مجمع سونلغاز من المشروع الضخم، الذي خصصته الدولة لتزويد الجنوب الكبير بهذه الطاقة الحيوية، حيث ذكر أن خطوط التوتر العالي التي ستمر على ولاية تيميمون من شأنها أن تفتح الأبواب على مصراعيها للمستثمرين، للرفع من حجم نشاطهم. أما بخصوص الاتصالات اللاسلكية فأضاف المسؤول أن الوالي الذي استقبل المستثمرين مرارا، يسعى لتجسيد الانشغالات، كاشفا أنه تلقى وعودا من طرف المدير العام لمؤسسة "موبيليس" بتوفير هوائيات الاتصالات، المزمع نصبها في الأسابيع القليلة القادم، ما ينهي معاناة المستثمرين، ويمكنهم من قضاء بسهولة، دون التنقل إلى عاصمة الولاية على مسافة عشرات الكيلومترات. ومعلوم أن مجمع سونلغاز انطلق في تجسيد أضخم مشروع لتزويد الجنوب الكبير بالطاقة الكهربائية، حيث يمتد على مسافة 5 كلم، انطلاقا من محطة توليد الكهرباء بحاسي الرمل إلى تمنراست، ، حسبما كشف عن وزير الطاقة والمناجم محمد عرقاب، مؤخرا، مؤكدا أن المرحلة الأولى من هذا المشروع الواعد تتضمن إنجاز خط يمتد على 880 كيلومتراً من حاسي الرمل مروراً بالمنيعة وتيميمون إلى أدرار، وهي قيد التنفيذ حالياً، ومن المتوقع اكتمالها وبدء التشغيل بحلول عام 2028.