صناعة غذائية: التكنولوجيا في خدمة الأمن الغذائي وصحة الإنسان    غزة: 66 شهيدا و100 جريح في قصف الاحتلال مربعا سكنيا ببيت لاهيا شمال القطاع    منظمة التعاون الإسلامي: "الفيتو" الأمريكي يشكل تحديا لإرادة المجتمع الدولي وإمعانا في حماية الاحتلال    كرة القدم/ سيدات: نسعى للحفاظ على نفس الديناميكية من اجل التحضير جيدا لكان 2025    عميد جامع الجزائر يستقبل رئيس جامعة شمال القوقاز الروسية    منظمة "اليونسكو" تحذر من المساس بالمواقع المشمولة بالحماية المعززة في لبنان    فلسطين: غزة أصبحت "مقبرة" للأطفال    10 آلاف مشروع مصرح به بقيمة تقارب 4.340 مليار دج    حملات مُكثّفة للحد من انتشار السكّري    يد بيد لبناء مستقبل أفضل لإفريقيا    التزام عميق للجزائر بالمواثيق الدولية للتكفّل بحقوق الطفل    الرئيس تبون يمنح حصة اضافية من دفاتر الحج للمسجلين في قرعة 2025    الجزائر متمسّكة بالدفاع عن القضايا العادلة والحقوق المشروعة للشعوب    بحث المسائل المرتبطة بالعلاقات بين البلدين    حج 2025 : رئيس الجمهورية يقرر تخصيص حصة إضافية ب2000 دفتر حج للأشخاص المسنين    مجلس الأمن يخفق في التصويت على مشروع قرار وقف إطلاق النار ..الجزائر ستواصل في المطالبة بوقف فوري للحرب على غزة    3233 مؤسسة وفرت 30 ألف منصب شغل جديد    الشريعة تحتضن سباق الأبطال    قمة مثيرة في قسنطينة و"الوفاق" يتحدى "أقبو"    بين تعويض شايل وتأكيد حجار    الجزائرية للطرق السيّارة تعلن عن أشغال صيانة    تكوين المحامين المتربصين في الدفع بعدم الدستورية    90 رخصة جديدة لحفر الآبار    خارطة طريق لتحسين الحضري بالخروب    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يثمن الالتزام العميق للجزائر بالمواثيق الدولية التي تكفل حقوق الطفل    الآلية الإفريقية للتقييم من قبل النظراء: السيدة روز-كواتر تلتزم بتجسيد مبادئ الديمقراطية والحكم الراشد    طبعة ثالثة للأيام السينمائية للفيلم القصير الأحد المقبل    ارتفاع عروض العمل ب40% في 2024    40 مليارا لتجسيد 30 مشروعا بابن باديس    الجزائر تشارك في اجتماع دعم الشعب الصحراوي بالبرتغال    الوكالة الوطنية للأمن الصحي ومنظمة الصحة العالمية : التوقيع على مخطط عمل مشترك    فنانون يستذكرون الراحلة وردة هذا الأحد    دعوة إلى تجديد دور النشر لسبل ترويج كُتّابها    الطريق السيار شرق-غرب: دفع رسم المرور غير مدرج في برنامج الحكومة    اكتشاف الجزائر العاصمة في فصل الشتاء, وجهة لا يمكن تفويتها    رياضة (منشطات/ ملتقى دولي): الجزائر تطابق تشريعاتها مع اللوائح والقوانين الدولية    الملتقى الوطني" أدب المقاومة في الجزائر " : إبراز أهمية أدب المقاومة في مواجهة الاستعمار وأثره في إثراء الثقافة الوطنية    خلال المهرجان الثقافي الدولي للفن المعاصر : لقاء "فن المقاومة الفلسطينية" بمشاركة فنانين فلسطينيين مرموقين    الأسبوع الاوروبي للهيدروجين ببروكسل: سوناطراك تبحث فرص الشراكة الجزائرية-الألمانية    سعيدة..انطلاق تهيئة وإعادة تأهيل العيادة المتعددة الخدمات بسيدي أحمد    الأسبوع العالمي للمقاولاتية بغرداية : دور الجامعة في تطوير التنمية الإقتصادية    أمن دائرة بابار توقيف 03 أشخاص تورطوا في سرقة    حقائب وزارية إضافية.. وكفاءات جديدة    القضية الفلسطينية هي القضية الأم في العالم العربي والإسلامي    خدمة الوطن.. وتجسيد برنامج الرئيس    فايد يرافع من أجل معطيات دقيقة وشفافة    ارتفاع عدد الضايا إلى 43.972 شهيدا    عرقاب يستعرض المحاور الاستراتيجية للقطاع    تفكيك شبكة إجرامية تنشط عبر عدد من الولايات    هتافات باسم القذافي!    ماندي الأكثر مشاركة    الجزائر ثانيةً في أولمبياد الرياضيات    سيفي غريب يستلم مهامه كوزير للصناعة    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    الأمل في الله.. إيمان وحياة    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    نوفمبر زلزال ضرب فرنسا..!؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التكنولوجيات الحديثة تغتال مهنة سعاة البريد
ذكريات جميلة يحن إليها المجتمع الجزائري
نشر في المساء يوم 05 - 11 - 2024

قلصت الوسائل الحديثة، من هواتف ذكية ولوحات رقمية مهمة ساعي البريد، وتخلى المجتمع عن خدمة هؤلاء، أمام توجههم نحو الرسائل النصية والاتصالات الهاتفية، ولم يعد للرسالة الورقية مكان في يوميات المجتمعات، ومنها الجزائر، التي هي الأخرى واكبت العصرنة رغما عنها، ولم يعد أي أحد على إثرها يلتقي بساعي البريد، ذلك الرجل المرتدي لزيه الكلاسيكي، وقبعته، والحامل لحقيبته الجلدية باللون البني الغامق، والذي رسم في مخيلة الطفولة، يقف أمام البيت حاملا رسالة خاصة للعائلة، أو بطاقة تهنئة، وغيرها، والتي كانت في زمن مضى، من كلاسيكيات الحياة الاجتماعية، يتبادلها الأقارب والعائلات والأصدقاء، للاطمئنان والسؤال عن الأهل، أو للمراسلة والتعرف، وحتى التهنئة والمعايدة.
نسج سكان الأحياء، في وقت سابق، علاقة وطيدة مع سعاة البريد، الذين يتنقلون من بيت لآخر بصفة متكررة، يحفظون بذلك أحيانا أسماء أصحاب المنازل وعناوينهم، ويدركون حتى الرسائل القادمة ممن هي، وقد كون البعض معهم علاقة صداقة قوية ووطيدة، تجعل الساعي لا يكتفي بوضع الظرف البريدي في صندوق البريد، بل يسلمه ليد صاحبه، مما يدل على شدة العلاقة والصداقة، التي تصاحبها ابتسامات عريضة وجميلة، تعكس مدى حفظ الساعي وجوه سكان الحي الذي يزوره يوميا، طيلة مساره المهني.
وتقتصر اليوم، مهنة ساعي البريد، على بعض الرسائل الإدارية التي لها طابع رسمي، والتي تبعث وفق بروتوكول إداري خاص، يبلغها سعاة البريد من تلك المؤسسات، أو حتى من شركات توزيع الكهرباء والغاز والماء، بل أوكلت مهمة تسليم الفواتير لعمال مكلفين بهذه المهمة لا غير، ولم يعد سعاة البريد يبنون تلك العلاقات الوطيدة مع السكان اليوم، فمع التوسع العمراني، والاكتظاظ السكاني، أصبح بالكاد يتم ملاحظة هؤلاء لدى مرورهم، لاسيما مع اختفاء البدلات الرسمية.
حول هذا الموضوع، حدثنا رابح بن عميرات، عون تسجيل الرسائل، ورئيس مكتب بشركة البريد والمواصلات شرق العاصمة، مشيرا إلى أنه حقيقة، الشركة ومنذ سنوات، قلصت عمل السعاة، ليس رغبة في ذلك، وإنما إجبارا، فبعد إحالة الكثيرين على التقاعد، لا توظف الشركة إلا نسبة قليلة منهم عند الحاجة، نظير التراجع الكبير في خدمة البريد، ليس فقط أمام تخلي المواطنين عن الرسائل الورقية، إنما كذلك، بسبب الانتشار الكبير لشركات التوصيل، التي تعد اليوم بالعشرات، منها متعددة الجنسيات الأجنبية، وكذا المحلية، والتي تعمل عمل سعاة البريد في التوصيل وإيصال الطرود إلى أصحابها، حيث تعمل تلك الشركات اليوم، على نقل البضائع والطرود إلى أصحابها ما بين الولايات، وحتى إلى خارج الوطن، فلا حدود لها، وتوصيلها سريع، يجعل من البعض أوفياء لخدمة تلك الشركات. من جهته، أشار محمد شبيلي، ساعي بريد متقاعد، إلى أن ساعي البريد في الجزائر، مهنة، فعادة ما يرتبط حضورهم بحضور بطاقات بريدية جميلة من الأهل والأصدقاء، الذين يسكنون بعيدا حتى في دول مختلفة، وسماع أخبارهم كان يتم من خلال تلك الرسائل الجميلة، وكانوا كذلك يتراسلون بصور للأهل، فكان كل ذلك يرسم جوا من البهجة والفرحة المنتظرة، في ظل غياب كل وسيلة حديثة تسهل ذلك الأمر، لا هواتف ذكية، ولا لوحات رقمية لمراسلات نصية، ولا غيرها من مواقع التواصل التي تسمح بإجراء مكالمات فيديو.
وأضاف المتحدث، أنه مع الحداثة والتطور التكنولوجي، تقلصت بالتدريج تلك المهام، بل واختفى الكثير منها، وأصبحت المهنة تصعب تدريجيا، فلا عمل خلال اليوم، فقط جلوس في انتظار طرود أو رسائل جد قليلة، وما زاد الطين بلة، ثقافة المجتمع حينها، والذي أصبح يعتمد على التكنولوجيا، ولا يهتم بأهمية تحيين عناوينه القديمة، عند تغيير السكن، وتحديق عنوانه لدى المراكز البريدية، ما يجعل السعاة أحيانا يتنقلون لساعات طويلة، فقط من أجل إيجاد عنوان واحد.
حنين للزمن الجميل
يحن الكثير من المواطنين لتلك "المهنة"، هذا ما أكده عدد ممن مسهم استطلاع "المساء"، حول مكانة سعاة البريد في قلوب الجزائريين، حيث أكد هؤلاء، أن تلك المهنة ترسم مظاهر "الزمن الجميل"، وذلك الساعي الذي كان يعرفه جميع سكان الحي، أصبح مع السنوات، أخ وصديق الجميع، وأن اختفاءه اليوم يخلق نوعا من الحنين للماضي، وحتى لجمال تلك السنوات، كلها يوصلها الساعي بكل أمانة لصاحبها، في تاريخ محدد لا تضيع ولا تغيب، حتى وإن طال وصولها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.