تناول المشاركون في ندوة "أدب المقاومة في فلسطين، أقلام في وجه النار"، نماذج من الكتابات الأدبية التي رسخت القضية الفلسطينية، كفكرة وقناعة غير قابلة للنسيان أو المحو، تصل درجة الإيمان. تحدث المتدخل الأول، الأستاذ الفلسطيني نعيم فرحات قائلا، إن المقاومة كانت دوما قدر فلسطين، ما جعلها تترك أثرها في الوجدان، وتجعل الكثيرين يعتنقونها كفكرة للكتابة، متوقفا أيضا عند موقف الجزائريين الذين لم يولدوا في فلسطين، لكنهم احتضنوها في كتاباتهم، موضحا أن ذلك كان بفعل المعنى المقدس للتراب الوطني عند الجزائريين، وكذلك إبداعهم لكلمة "النيف" التي هي من صميم الصمود والمقاومة، لتبقى فلسطين دليل الجزائر على نصرتها للحق والمظلومين، وهنا استحضر كلام المفكر ادوارد سعيد، حينما زار الجزائر سنة 1988، قائلا "فلسطين هي الفكرة الأعظم في التاريخ"، ومعه رفيقه ابراهيم أبو القول، الذي أكد بدوره حينها "أن فلسطين هي فكرة لا تملك إلا أن تتحقق"، أما محمود درويش فقال "إن سؤال فلسطين يختزل كل أسئلة العالم". أكد المتحدث أن الكتابة عن المقاومة، عليها أن تجد مدارها الملائم، لتقدم إسهامها الفكري والحضاري. بدوره، عرج الدكتور الفلسطيني فخري صالح على تاريخ الجزائر طيلة 132 سنة من الاستعمار الفرنسي، إلى أن افتك الجزائريون الانتصار، وهو ما جعلها مثالا حيا للنضال والصمود للشعب الفلسطيني، وأشار إلى أن الأدب الفلسطيني واحد من الروافد الأساسية للثقافة العربية، اعتمد على فكرة المقاومة، وقدم أسماء عديدة، منها محمود درويش وحنا أبو حنا والقاسم وابراهيم طوقان وعبد الرحيم محمود، ثم غسان كنفاني وغيرهم ممن تصدوا للمشروع الصهيوني، الذي بدأ منذ مؤتمر "بال" في 1897، واستطاعوا تقديم فسيفساء من الأشكال والتيارات الأدبية، نضجت بذورها على أرض فلسطين، وهذه الفكرة لا تزال تتجول في العالم وتجعله يقف مع فلسطين، كما تجلى في الأحداث الأخيرة. أوضح المتحدث أيضا، أن هذا النضج كان أكثر مع الشعر، إذ كان الشعراء دوما في الطليعة، كما استعرض بعض الكتابات الفلسطينية لمفكرين معروفين، ليصل إلى ما أنتج في الفترة الأخيرة، والذي لا يقل أهمية وإبداعا، مقترحا 3 أسماء لروائيات فلسطينيات أحدثن ضجة في الغرب، منهن اثنتان تكتبن بالعربية وواحدة تكتب بالإنجليزية، علما أن كل أعمالهن مترجمة. `ذكر الكاتبة عدنية شبلي وروايتها "تفصيل ثانوي"، التي أحدثت ضجة كبرى في صالون فرانكفوت، السنة الفارطة، ومنعت من الجائزة التي كانت ستتحصل عليها على خلفية "طوفان الأقصى"، لكن الرواية اشتهرت وترجمت لعدة لغات، وبعد أيام ستصدر بالفرنسية، وتتضمن الرواية فكرة اللسان المقطوع الذي كتب عنها ادوارد سعيد، أي إلغاء الصوت الفلسطيني، وتعرض قصة فتاة بدوية من بئر سبع، يتم أسرها سنة 1948 ضمن عمليات مطاردة البدو، علما أن الفتاة لا تتكلم، عكس الضابط الإسرائيلي قائد الوحدة الذي اعتقلها واغتصبها وقتلها في الأخير، وستكون هذه الحادثة متكأ لفتاة أخرى مولودة في 1974، لتسرد ما كان، وتبحث في قضية هذه الشهيدة، وتؤكد أن هذا التفصيل الثانوي هو جزء من مأساة فلسطين. الروائية الثانية هي ابتسام عازم من الولاياتالمتحدة، أصدرت في 2014 رواية "سجل اختفاء"، وهي من الخيال، تحكي عن الإسرائيليين الذين ينهضون ذات يوم ويجدون أن كل الفلسطينيين، من عمال وتجار ومزارعين وأطباء وغيرهم، قد تبخروا، وبالتالي يكون الأمر صعبا، خاصة في يوم السبت، الذي لا يعمل فيه اليهود، ومن يصف كل ذلك في الرواية، صحفي إسرائيلي فقد المصور الفلسطيني الذي يشتغل معه، وهو رد على سياسة إسرائيل لمحو وجود الشعب الفلسطيني. الكاتبة الثالثة هي ايزابيلا حماد، من أب فلسطيني وأم بريطانية، تكتب بالإنجليزية عن فلسطين أرض أجدادها، وقد اختارتها مجلة "غرانتا" الأدبية البريطانية المعروفة من بين أهم 20 كاتبا مشهورا في الأدب الأنجلوفوني، وستكون أشهر خلال العقد القادم (سنها 33 سنة)". قدمت ايزابيلا "الباريسي"، التي صدرت في 2019، وهو جدها الفلسطيني الذي غادر نابلس سنة 1914، متوجها لمونبوليي الفرنسية، من أجل دراسة الطب، ليعود إلى بلده مجددا، مع عرض الأحداث، وصولا إلى مقاومة القسام، وتسهب في عرض جذورها الفلسطينية، ثم أصدرت العام الفارط "أدخل أيها الشبح" وتخص مرحلة انتفاضة 2002 وما بعدها. في الأخير، توقف المتدخل عند أثر فكر إدوارد سعيد على الأدب والثقافة الفلسطينية، ثم انتشاره في العالم، من ذلك كتاباته في النقد ما بعد الصهيونية، ورفضه لاتفاق أوسلو في كتاباته، منها "سلام أمريكي" و«أوسلو سلام دون أرض" و«الإذن بالرواية" بعد اجتياح لبنان في 1982. أما الروائية التونسية حفيظة قارة بيبان، فأكدت أن الكتابة التزام وموقف، قبل أن تكون إبداعا، لتتحدث عن روايتها التي تجمع بين مناضل فلسطيني، جاء مع المبعدين الفلسطينيين إلى تونس في 1982، وبين كاتبة تونسية، وهو إيحاء بالتضامن والمصير المشترك، كما وصفته، منذ زمن غرناطة إلى قرطاج، إلى بيروت وغيرها. تدخل أيضا سعيد حمودي ليتحدث عن أدب المقاومة، أو كما يوصف بالأدب الأسود ذي السردية الأليمة، متوقفا عند بعض المبدعين الفلسطينيين، منهم ناجي العلي والراشد وغيرهما، وكذلك مبدعون آخرون من الجزائر أبدعوا في تقديم القضية الفلسطينية.