أكّد البروفيسور سليمان حاشي، مدير المركز الوطني للبحوث في عصور ما قبل التاريخ، علم الإنسان والتاريخ، أوّل أمس، أنّ الجزائر تجاوزت قضية "القفطان" وتعتبرها "قديمة"، لأنّه سبق لها وسجلته في 2012 ضمن القائمة التمثيلية لمنظمة "اليونسكو، مشيرا إلى أنّ العمل حاليا منكب لإعداد ملفات 8 عناصر تراثية. وفي ندوة خصّصت لموضوع "التراث الجزائري في اليونسكو"، ضمن البرنامج الثقافي والفكري المرافق لصالون الجزائر الدولي للكتاب، من جهته، عدّد البروفيسور حاشي، مساعي الجزائر لصون والحفاظ على التراث الثقافي بشقيه المادي وغير المادي بدءا من اتفاقية 1972 وصولا إلى اتفاقية 2003، التي أجمع على تسميتها ب"اتفاقية الجزائر" التي لعبت فيه دورا رياديا لصياغتها وكانت أوّل دولة توقّع وتصادق عليها. وأكّد البروفيسور حاشي أنّه إذا لم يكن لدينا موروث ثقافي فلا وجود لنا، فكلّما كان متنوّعا وغنيا، كان الوجود أكثر عمقا، مضيفا أنّ الموروثات الثقافية تحدّد الهوية والشخصية الحضارية والإنسانية، لذلك فالتجارب الاستعمارية بنت سياساتها الكولونيالية على طمس كلّ المقومات التي لها علاقة بالتاريخ والثقافة مثلما استهدفت النساء كرمز لاستمرارية الحياة والأشجار كرمز للتشبث بالأرض. وأوضح المتحدّث أنّ إدراج العناصر الثقافية المادية وغير المادية في قائمتي اليونسكو، يسمح لها بالانتشار وباستعادته، وأعطى مثالا بركب سيدي الشيخ المدرج في قائمة اليونسكو للتراث العالمي منذ 2013، حيث كان في تلك السنة يجمع 300 فارس، لكن بعد سنة من إدراجه بلغ عدد الفرسان 1200، وهو دليل على أنّ تصنيف العناصر الثقافية يمنح الرغبة في تثمينها والافتخار بها. وتقاسم البروفيسور الندوة مع والباحثة الأنثروبولوجية بجامعة "وهران 2" مباركة بلحسن التي اختارت الحديث عن الشفوية في التراث الحساني، حيث اشتغلت هذا الموضوع في منطقة الجنوب الغربي للجزائر بالاعتماد على المدوّنة الحسانية، مشيرة إلى أنّ البعض يعتبر الشفوية غير مجدية مركّزين على التدوين، لكن الحسانيين لهم القدرة على حفظ التراث غير المادي من خلال الشعر والحكي والأمثال الشعبية وكذا القصص، وهي أداة أساسية في الحياة البدوية. وواصل المتدخلة بالإشارة إلى ضرورة النظر إلى المادة التي تقدّمها الشفوية، لأنّ الحسانيين دوّنوا لهذا الموروث من خلال الشعر على غرار علاقة الرجل بالمرأة، الحياة اليومية والمهارات والمعارف وغيرها، مؤكدة أن التراث الحساني موروث نتقاسمه مع دول الجوار، على غرار التشاد وموريتانيا والنيجر والصحراء الغربية ومالي، كمما ينسب لبني حسان والمعروف بثقافة "البيضان"، كما يعبّر عن الامتداد الافريقي للجزائر. وأوضحت الأكاديمية أنّ موريتانيا هي مركز ثقافة البيضان، مشيرة إلى أنّ أهل الصحراء الغربية هو المجتمع الذي لا زال محافظا على "لغة البيضان" على أصولها حيث لم تختلط مع اللهجات واللغات الأخرى. للتذكير، شرعت وزارة الثقافة والفنون في إعداد 8 ملفات تخصّ "الحايك"، و"الزليج"، و"البرنوس" وكذا "الجبة القبائلية وحليها"، وموسيقى "المالوف، و"الآشويق" (غناء نسوي شعبي من الجزائر)، و"الأياي" (غناء شعبي من الأطلس الصحراوي)، إلى جانب الشعر الملحون، لتسجيلها في القائمة التمثيلية لمنظمة "اليونسكو". إلى جانب التحضير أيضا لتقديم ملفات عربية مشتركة، تخصّ "السعفيات والألياف النباتية"، و"صناعة العود والعزف عليه"، وكذا "الحناء: العادات والطقوس والممارسات"، حيث سبق للجزائر أن خاضت نفس المسعى مع ملف "النقش على المعادن: الذهب، والفضة والنحاس، والمهارات والفنون والممارسات"، الذي سجلته "اليونسكو" في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية، باسم الجزائر، و9 بلدان عربية أخرى. وتحصي الجزائر 10 عناصر مدرجة في قائمة اليونسكو للتراث العالمي، وهي أهليل قورارة، ولباس العرس التلمساني (الشدة)، والاحتفال بالمولد النبوي (أسبوع) في تيميمون، وركب أولاد سيدي الشيخ، واحتفال السبيبة، وأغنية الراي و"النقش على المعادن"، ، بالإضافة إلى ثلاثة عناصر بالاشتراك مع دول مجاورة، وهي "الإمزاد"، و"الكسكسي" و"الخط العربي".