❊ تجديد ثقة متوقع من طرف المتتبعين للشأن السياسي ❊ فتح حوار وطني بداية 2025 تكريسا لآليات التشاور ❊ قانون البلدية والولاية التزام في طور التحقق وقانون جديد للأحزاب في 2025 شهدت الجزائر في سبتمبر 2024، انتخابات رئاسية مثلت محطة هامة في تاريخ البلاد، أعيد فيها انتخاب رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، لعهدة رئاسية ثانية، من أجل استكمال مسار الإصلاح الذي شرع فيه بداية العهدة الأولى، ومواصلة العمل التنموي في المجالين الاقتصادي والاجتماعي والإنجازات وجهود النهوض بالجزائر، كما عرفت نفس السنة، قرارات هامة في مختلف المجالات، ضمن مساعي تكريس آليات الحوار والتشاور. . تمثل أبرز حدث سياسي عرفته البلاد سنة 2024، في تنظيم انتخابات رئاسية مسبقة يوم 7 سبتمبر الماضي، بقرار أعلن عنه رئيس الجمهورية، مارس من نفس السنة، مؤكدا أن أسبابه "تقنية محضة، ولن يكون لها أي تأثير على هذا الاستحقاق أو سيرورته"، وقد كان النجاح الانتخابي للرئيس تبون، متوقعا من وجهة نظر المتتبعين للشأن السياسي، من خلال الإنجازات في العديد من المجالات خلال 5 سنوات الماضية، ويعتبر تجديد الثقة هذا على أساس التزامات انتخابية ووعود أعلنها المترشح الحر خلال التجمعات التي نشطها، في إطار حملته الانتخابية. جرت فعاليات الحملة الانتخابية للرئاسيات المسبقة ويوم الاقتراع، في كنف الأمن، بفضل تجند مختلف المصالح الأمنية، وعلى رأسها الجيش الشعبي الوطني، لإنجاح هذا الموعد، وكذا المسؤولية بعيدا عن السب والشتم والمشاحنات السياسية بين المترشحين، وحاول المتسابقون الثلاثة نحو قصر المرادية آنذاك، عبد العالي حساني شريف مرشح حركة مجتمع السلم "حمس"، والمرشح الحر عبد المجيد تبون، ومرشح حزب جبهة القوى الاشتراكية يوسف أوشيش، الترويج لبرامجهم الانتخابية وتقديم تصوراتهم لتسيير أمور البلاد، أملا في إقناع المواطنين والظفر بأصواتهم، مع التأكيد على أهمية المشاركة في هذا الاستحقاق الهام، واختيار المشروع الأنسب لمستقبل البلاد، والمساهمة الفعالة في الحفاظ على استقرار الجزائر وتعزيز أمنها ووحدتها. فتح حوار وطني جاد لتحصين الجزائر وعقب إعلان المحكمة الدستورية عن النتائج النهائية لهذا الاستحقاق الرئاسي، الذي فاز به رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، بنسبة 84.10 بالمائة، مقابل نسبة مشاركة عامة ب 46.10 بالمائة، أدى الرئيس تبون يوم 17 سبتمبر اليمين الدستورية، بقصر الأمم، بحضور كبار المسؤولين في الدولة وممثلي الهيئات العليا في الأمة. وعقب إعادة انتخاب الرئيس تبون، أطلق عددا من الالتزامات الجديدة في المجال السياسي، وتأكيدا للنهج الديمقراطي التشاركي، أعلن عن فتح حوار وطني جاد قبل نهاية 2024 أو مع بداية 2025، من أجل تحصين الجزائر من التدخلات الأجنبية والقضاء على محاولات زرع الفتنة بين أبناء الشعب الجزائري، وكذا لتجسيد الديمقراطية الحقة، حيث سيتم الشروع في هذا الحوار بعد الانتهاء من مراجعة القوانين المتعلقة بأجهزة الدولة العصرية، على غرار قانوني البلدية والولاية. وبالنسبة للرئيس تبون، فإن هذا الحوار سيكون "مسبوقا بجملة من الأولويات المتصلة بالاقتصاد الوطني، وجعل الجزائر في مأمن ومناعة من التقلبات الاقتصادية والسياسية التي يشهدها العالم، ليتم المرور بعد ذلك، إلى مرحلة بناء الديمقراطية الحقة"، مذكرا في هذا الصدد، باللقاء الذي جمعه بكل الأحزاب التي تمتلك تمثيلا شعبيا على المستويين المحلي والوطني، وهو الحوار الذي سيتم توسيعه، مثلما قال، مع نهاية سنة 2025. وتهاطلت رسائل التهنئة على رئيس الجمهورية، لانتخابه لعهدة ثانية، من قبل عديد رؤساء وقادة دول العالم، معتبرين فيها أن إعادة انتخابه لعهدة ثانية، دليل على ثقة الشعب في شخصه، متمنين له السداد في مهامه والنماء والازدهار للشعب الجزائري، وتعكس رسائل التهنئة هذه، عودة الجزائر للعب دورها الإقليمي والدولي، والاهتمام بآرائها فيما يخص مختلف القضايا ذات الاهتمام. مواصلة إصلاح المنظومتين التشريعية والمؤسساتية وتَوَاصل خلال سنة 2024، مسار إصلاح المنظومتين التشريعية والمؤسساتية للبلاد، حيث نصب رئيس الجمهورية، في أكتوبر الماضي، اللجنة الوطنية لمراجعة قانوني البلدية والولاية، برئاسة وزير الداخلية الأسبق دحو ولد قابلية، تجسيدا لالتزامه في الحملة الانتخابية، وخلال أدائه اليمين الدستورية، حيث أعدت اللجنة المشروعين التمهيدين لهاذين القانونين، وتم تسلميهما لغرفتي البرلمان والأحزاب السياسية من أجل إثرائهما، وعليه، يمكن القول، إن هذا الالتزام في طريق التحقيق. ومن المنتظر أيضا إثراء قانون الأحزاب الجديد على مستوى المجلس الشعبي الوطني، مطلع 2025، مثلما أعلن عنه رئيس الجمهورية، خلال لقاء الحكومة-الولاة، الأسبوع الماضي، مشيرا إلى أن هذا النص التشريعي سيؤسسه الأحزاب بأنفسهم، وهو نفس اللقاء الذي أعلن فيه أيضا، عن تنظيم انتخابات محلية خلال الفترة القادمة. حرص على تدعيم آليات الحوار تجسد حرص رئيس الجمهورية، على تدعيم آليات الحوار والتشاور خلال عدة مناسبات هذا العام، حيث عقد في ماي الماضي، لقاء جمعه مع مسؤولي 27 حزبا سياسيا، ممثلا في المجالس الوطنية والمحلية المنتخبة، وكانت المناسبة فرصة للاستماع إلى آرائهم وانشغالاتهم ومقترحاتهم حول العديد من القضايا الوطنية، وأشرف على لقاءات مع المواطنين وممثلي المجتمع المدني خلال زياراته الميدانية لولايات الوطن، حيث التقى خلال زيارته إلى كل من خنشلة في ماي، وتيزي وزو في جويلية الماضيين، بالمواطنين والأعيان وممثلي المجتمع المدني، واستمع لانشغالاتهم ومقترحاتهم بشأن مرافقة جهود الدولة في دفع حركة التنمية المحلية. وعلى نفس النهج، واصل رئيس الجمهورية عقد لقاءاته مع أفراد الجالية الوطنية بالخارج، خلال زياراته إلى الدول الشقيقة والصديقة، حيث استمع إلى انشغالاتهم وطموحاتهم بشأن المساهمة في تنمية البلاد في شتى المجالات، وفي إطار التواصل مع المواطنين أيضا، واصل رئيس الجمهورية خلال سنة 2024، عقد لقاءاته الإعلامية الدورية مع ممثلي الصحافة الوطنية، تناول فيها شتى المستجدات الوطنية والدولية. حركية في تقلد مناصب المسؤولية وحرص رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، على إجراء حركية في مناصب المسؤولية، لمواصلة تطبيق برنامجه الانتخابي، وبرز هذا التوجه في الطاقم الحكومي الجديد الذي قام بتعيينه الشهر الماضي، سيما التغييرات التي استحدثها على بعض القطاعات السيادية والحيوية، استجابة للتحولات الاقتصادية والتكنولوجية العميقة التي تعرفها الجزائر. ووجه الرئيس للحكومة الجديدة، في أول اجتماع لمجلس الوزراء، بأن "تصب كل جهودها لتحقيق راحة المواطن وتلبية حاجياته"، وقد جدد الرئيس تبون، ثقته في عدد من أعضاء الطاقم الحكومي، سيما في الوزارات السيادية، فيما قام بتعيين وزراء جدد، وقرر أيضا تعيين رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، وزيرا منتدبا لدى وزير الدفاع الوطني، كما استحدث منصب وزير دولة أسند لكل من وزيري الشؤون الخارجية والطاقة. وتأكيدا للمنهج الذي تعتمده الجزائر في التعامل مع عمقها الأفريقي، الذي يستند على مقاربة شاملة متعددة الأبعاد، أضيفت لوزارة الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، كتابة دولة تعنى بالشؤون الأفريقية، كما أضيف لها منصب كاتب دولة مكلف بالجالية الوطنية بالخارج، تعزيزا لمساعي التكفل بانشغالات الجزائريين المقيمين في الخارج. ومسايرة للديناميكية التي يعرفها الاقتصاد الوطني، وللخيارات الاستراتيجية المتعلقة بتنويع موارد الدولة، أضيف لوزارة الطاقة كتابة دولة تعنى بالمناجم، وكتابة دولة أخرى تتعلق بالطاقات المتجددة، وتم استحداث وزارة منتدبة على مستوى وزارة الصناعة، تعنى بالإنتاج الصيدلاني. كما أجرى رئيس الجمهورية، خلال شهر مارس الماضي، حركة جزئية في سلك رؤساء المراكز الدبلوماسية، في إطار تفعيل الجهاز الدبلوماسي وتحسين أداء عمله، في ظل الرهانات الحالية، وضمان تكفل أمثل بالجالية الوطنية في الخارج، كما قام بإجراء حركتين جزئيتين في سلك الولاة والولاة المنتدبين في شهري أفريل ونوفمبر 2024. تجديد الوفاء لرسالة الشهداء سبعينية الثورة.. اصرار على صيانة الذاكرة تميزت سنة 2024، بتخليد سبعينية اندلاع ثورة أول نوفمبر المجيدة، بشعار "نوفمبر المجيد، وفاء وتجديد"، بهدف تكريس قيم الوفاء لتضحيات ورسالة الشهداء، وتجديد تمسك الشعب الجزائري بذاكرته الوطنية، باعتبارها نبراسا يضيء درب بناء "جزائر قوية ومنتصرة". من بين أهم مظاهر هذا الاحتفال، تنظيم استعراض عسكري ضخم، أشرف عليه رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، وزير الدفاع الوطني، السيد عبد المجيد تبون، بحضور قادة ورؤساء ضيوف الجزائر من البلدان الشقيقة والصديقة، حيث تميز بأداء باهر ودقة عالية، تعكس قوة واحترافية الجيش الوطني الشعبي، سليل جيش التحرير الوطني، الذي كسر شوكة المستعمر ورفع راية الوطن. وكان رئيس الجمهورية قد أكد حرصه الشديد، على أن يكون الاستعراض العسكري في مستوى أبعاد ورمزية الذكرى 70 لاندلاع الثورة، وفي مستوى تضحيات صانعيها، وتعبيرا عن تعزيز الرابطة المقدسة بين الشعب وجيشه. كما أبرز رئيس الجمهورية أن ثورة الفاتح نوفمبر المظفرة "تبقى نفحاتها الطيبة تثبت أن الجزائر التي انتصرت بالأمس على الاستعمار، تواصل بكل ثقة درب انتصاراتها، بفضل أبنائها وبناتها الأوفياء لعهد الشهداء الأبرار". وتكتسي سبعينية اندلاع الثورة التحريرية، التي يحتفى بها على مدار عام، قيمة ورمزية عميقة الدلالات وبليغة التعبير، كونها تعكس التمسك بالهوية والذاكرة الوطنية، وتؤكد على توطيد وتعميق التماسك بين أفراد المجتمع، وتفاعله مع تاريخه، والتفافه حول رموز دولته وقيم الانتماء إلى الوطن. وترجمة لهذه القيم، سطرت وزارة المجاهدين وذوي الحقوق برنامجا ثريا، لإحياء هذه الذكرى عبر مختلف ربوع الوطن، بمساهمة 12 قطاعا وزاريا، على أن يستمر الاحتفال إلى غاية الفاتح نوفمبر 2025. وطوال هذه الفترة، سيغطي البرنامج محاور عدة، من بينها نشاطات فنية وتاريخية، على غرار العرض التاريخي الملحمي "قبلة الأحرار" وثلاثة عروض تتعلق بالمسرحية التاريخية "حتى لا ننسى"، إلى جانب العرض التاريخي الكبير بعنوان "روح الجزائر"، ناهيك عن العديد من النشاطات التي تقام في مختلف الولايات. كما سُطرت في إطار هذه الاحتفالية، نشاطات علمية وأكاديمية وملتقيات وطنية ودولية، وأيام دراسية وندوات دورية، بهدف نشر المعرفة التاريخية وتحصين الأجيال بالوعي التاريخي، علاوة على تكريم فئة المجاهدات والمجاهدين وأرامل الشهداء وأصدقاء الثورة الجزائرية، وكذا تنظيم مسابقات تخص تاريخ الجزائر، موجهة للناشئة والشباب، بالتنسيق مع قطاعي التربية الوطنية والشباب والرياضة. وموازاة مع هذا البرنامج، كرست وزارة المجاهدين وذوي الحقوق خلال سنة 2024، توجه الدولة في مجال العصرنة، عبر رقمنة مجال الذاكرة بما يتماشى مع تطور التكنولوجيا، تسهيلا لتلقين ونقل تاريخ ومآثر الوطن إلى الأجيال الصاعدة بطريقة حديثة وعصرية، من خلال نظام معلومات يوطن قواعد البيانات والتطبيقات التي تشمل كل التفاصيل حول سيرة الشهيد أو المجاهد وأصدقاء الثورة الذين ساهموا في انتصارها. ومن بين الإنجازات المحققة خلال سنة 2024، في هذا المجال، إطلاق المكتبة الرقمية التاريخية، التي تتضمن فهرسة مختلف الكتب والأعمال العلمية والمنشورات والمذكرات والأطروحات المتعلقة بتاريخ الجزائر في الفترة من 1830 إلى 1962، وكذا تسجيل الشهادات الحية للمجاهدين والمجاهدات على المستوى المركزي، أو على مستوى المؤسسات تحت الوصاية، إضافة إلى رقمنة الأفلام والأشرطة الوثائقية التاريخية.