❊ فرنسا ترفض طردها من إفريقيا وتعلّق شماعة فشلها على الجزائر ❊ الجزائر تعود للعمق الإفريقي بأولويات اقتصادية وسياسية وأمنية مازالت الحملة العدائية الفرنسية بقيادة اليمين المتطرّف ضد الجزائر تتصاعد في الوقت الذي تواجه الجزائر الابتزازات والاستفزازات التي تتعرض لها بحكمة وهدوء واتزان، وهو ما يعكس تني باريس لسياسة الهروب إلى الأمام بمحاولة ممارسة ضغوطات غير مدروسة العواقب، لتدارك هزائمها الدبلوماسية على مستوى القارة الإفريقية، غير أن خرجاتها سرعان ما تصطدم بنفق مسدود أمام صلابة مواقف الجزائر الثابتة المرتكزة على الندية. يبدو أن باريس مازالت تدور في حلقة مفرغة وترقص رقصة "الديك المذبوح" الذي يرفض استيعاب المتغيرات الإقليمية والدولية الراهنة، حيث تسعى "فرنسا اليمين المتطرف" برقصاتها الثملة، التشبث بقشة النجاة في ظل الأزمة السياسية الخانقة التي تتعرض لها داخليا، ما جعلها تبحث عن مبررات خارجية لتعليق مشاكلها في كل مرة على مشجب الجزائر. وتحاول فرنسا في كل مرة التلاعب بورقة التعدي على الشرعية الدولية في قضية الصحراء الغربية، فبعد إيفاد عضو من حكومتها إلى الأراضي الصحراوية المحتلة، وقع رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي الذي بدا وفيا للعقيدة الاستعمارية لبلاده شهادة وفاة آخر المبادئ التي قامت عليها الثورة الفرنسية المنادية للحرية واحترام حقوق الإنسان. فباريس التي تصر على التمسّك ب"سياسة النعامة" ترفض الالتفات للمعطيات الدولية الجديدة، في الوقت الذي تشق فيه الجزائر طريقها من أجل نسج علاقات ندية مبينة على الاحترام والتعاون المبني على المنفعة وتبادل المصالح المشتركة مع مختلف الشركاء القريبين جغرافيا لفرنسا. ويعد رضوخ الاتحاد الأوروبي لشروط الجزائر من أجل مراجعة اتفاق الشراكة بحد ذاته، بمثابة النموذج الذي تسعى بلادنا لإرسائه في علاقاتها الدولية والذي على ضوئه أرست تعاونها مع إيطاليا وكذا إسبانيا التي عرفت علاقاتها مع الجزائر وتيرة متسارعة، تجسّدت في الزيارة التي قام بها مؤخرا وزير الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية إبراهيم مراد إلى مدريد. والواقع أن فرنسا ترفض هضم فقدان نفوذها في إفريقيا التي تعد الجزائر بوابة لها، ما جعلها تفقد صوابها الذي ترجمته سلوكات "متهوّرة" لشخصيات سياسية محسوبة على الذين مازالوا يحنّون للجزائر فرنسية والمتشبعين بقناعات استعمارية أكل عليها الدهر وشرب. ويتزامن ذلك أيضا مع تعزيز الجزائر لمكانتها في العمق الإفريقي وتحديدا منطقة الساحل، حيث تراهن على إعادة بعث التعاون بمختلف أشكاله مع دول مثل النيجر وبوركينافاسو، كما تراهن بعد فوزها بمنصب نائب رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي للدفاع عن أولويات القارة أمنيا وسياسيا واقتصاديا. ويمكن القول إن الجزائر أضحت وفق المعطيات الدولية الجديدة في موقع قوة، في ظل طغيان المصالح الاقتصادية على العلاقات الدولية، خاصة وأن سياسات الدول ملزمة بالتكيف مع الراهن الدولي وفق رؤية براغماتية مرتكزة على مبدأ رابح–رابح. ويبدو أن باريس لا تتقبل التطوّرات الحاصلة وفضّلت التقوقع في عزلة فرضتها على نفسها بنفسها، في الوقت الذي تعمل فيه دول أخرى تنتمي للفضاء الأوروبي على مواكبة هذه التطوّرات، برؤية استراتيجية متوازنة لتحقيق المكاسب الاقتصادية عبر إبرام الصفقات الهامة .