لم تتخلف الحكومة عن اتخاذ تدابير جبائية في مشروع قانون المالية للعام القادم تهدف إلى تشجيع الاستثمار وتخفيف الأعباء عن بعض الفئات في المجتمع قصد دعم رواتبهم الشهرية من بينهم المتقاعدون من خلال تقليص نسبة الضريبة على الدخل. وجاء مشروع قانون المالية على نحو يضفي الكثير من المرونة فيما يخص الجانب الجبائي بمؤسسات النشاط، وكما كان منتظرا فقد تضمن تدابير تحفز المتعاملين على الاستثمار وتمت الاستجابة لمطالب منظمات أرباب العمل المتمثلة في تخفيض الضريبة على الأرباح بما يفتح لهم المجال أكثر من أجل تعزيز قدراتهم في مجال توظيف عائداتهم في تنفيذ مشاريع استثمارية جديدة، وعليه فقد نص المشروع على تسهيلات في دفع الضريبة على الدخل الإجمالي وتطبيق النظام المحاسبي المالي الجديد، إضافة إلى تمديد فترة الإعفاء من الضريبة على القيمة المضافة الخاصة بالأسمدة ومواد العلاج الفلاحي لمدة خمس سنوات، وتوسيع مدة الإعفاء من الرسم على أرباح الشركات لفائدة الشباب المقاول في حالة الالتزام بإنشاء خمسة مناصب شغل دائمة على الأقل، وتوسيع نطاق تدخل صندوق ترقية التنافسية الصناعية إلى الاستثمارات المادية واللامادية في مجال تأهيل وإعادة تأهيل المناطق الصناعية ومناطق النشاط. وينص المشروع كذلك على تمديد أجل التصريح بالمداخيل الخاضعة إلى الضريبة على الدخل الإجمالي التي كانت خاضعة إلى غاية 30 أفريل 2009، إضافة إلى توحيد نسبة الضريبة والمقدرة ب25 بالمئة على المداخيل السنوية للمؤسسات الصغيرة أي تلك المؤسسات التي تحقق رقم أعمال يتراوح ما بين 5 و10 ملايين دينار ويستفيد أصحاب المهن الحرة من نفس الإجراء. وأمام الشكاوى التي تصل الحكومة تباعا من طرف أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة حول موضوع المصادقة على الحسابات من طرف المحافظ الخاص، فقد اقترح المشروع إلغاء إجبارية المصادقة على الحسابات من قبل محافظ الحسابات بالنسبة لمؤسسات الشخص الوحيد ذات المسؤولية المحدودة والشركات التي يقل رقم أعمالها عن 10 ملايين دينار، ويقر المشروع أيضا رفع حد أهلية نظام الضريبة الجزافية الوحيدة بحيث ينتقل هذا الحد من 3 إلى 5 ملايين دينار. ومن جهة أخرى وفي إطار تشجيع المؤسسات على الدخول في البورصة فقد نص المشروع على إعفاء عمليات إدراج الضريبة على الدخل الإجمالي أو الضريبة على أرباح الشركات في البورصة لمدة 5 سنوات ابتداء من الفاتح جانفي من العام القادم، والذي سيخص فوائض قيم التنازل عن الأسهم والسندات المماثلة المحققة في إطار الإدراج في البورصة. وفي خطوة من الحكومة للتخفيف من الضغط الجبائي على بعض المداخيل الشهرية الخاصة ببعض الفئات التي تتقاضى رواتب شهرية ضعيفة فقد تقرر بموجب المشروع تخفيض معدل الضريبة على الدخل الإجمالي على المداخيل الأجرية المناسباتية من 15 إلى 10 بالمئة. ويقترح هذا الإجراء للمنح والعلاوات الخاصة بالتعليم والأشغال الفكرية ذات الطابع المناسباتي متحصلة من قبل الأجراء والمتقاعدين، كما تضمن كذلك إلغاء النظام الضريبي المعمول به فيما يخص رواتب العمال المتعاقدين التي كانت تقتطع منها 15 بالمئة كضريبة على الدخل الإجمالي، وسيتم تخفيضها ب5 بالمئة بالنسبة للمتعاقدين في عدد من الأسلاك منها الصحة والتعليم. ويضاف هذا الإجراء إلى ذلك المتخذ في قانون المالية لعام 2009 المتضمن إلغاء الضريبة على الدخل بالنسبة للفئات التي تتقاضى أقل من 10 آلاف دينار. ومن جهة أخرى ينص مشروع قانون المالية للعام القادم على رفع المعدل السنوي للأجور من 500 ألف دينار إلى 2 مليون دينار الصادرة عن النشاطات المناسباتية الخاضعة إلى الخصم التحريري في مجال الضريبة على الدخل الإجمالي. وفي سياق دعم جهود الدولة لمحاربة البطالة وتشجيع المؤسسات على إنشاء مناصب شغل فقد احتوى المشروع إجراءات تعزيز الحماية الاجتماعية للموظفين ويتعلق الأمر بتكفل ميزانية الدولة بحصة الاشتراكات الاجتماعية المقتطعة من أجرة كل موظف تم توظيفه في إطار أجهزة الإدماج الاجتماعي. وفي إطار الإجراءات الجبائية الموجهة لدعم المنظومة الاجتماعية فقد تقرر دعم الصندوق الوطني للحماية الاجتماعية باقتطاع نسبة 5 بالمئة من صافي أرباح مستوردي وموزعي الجملة للأدوية المستوردة، إضافة إلى تأسيس رسم نوعي قابل للتطبيق على اقتناء يخوت أو سفن للنزهة ويقدر معدل هذا الرسم بقيمة 250 ألف دينار ويتم دفع ناتجه كذلك للصندوق الوطني للحماية الاجتماعية.