يرى عبد الحميد كرمالي أن سفرية أشبال رابح سعدان إلى "أم الدنيا" لن تكون مفروشة بالورود، كون أحفاد "الفراعنة " يتقنون فنون الاستفزاز والتأثير على الغير، خصوصا وأن الأمر يتعلق بتسعين دقيقة هي الفاصلة بين من يسافر إلى جوهانسبورغ في صيف 2010، بالإضافة إلى الحملة الشرسة التي تشنها بعض وسائل الإعلام المصرية، لكن رغم ذلك يتفاءل شيخ المدربين بإمكانيات العناصر الوطنية التي تملك الوصفة المناسبة في تسيير مثل هذه المقابلات. - لا حديث يعلو هذه الأيام عن المقابلة المرتقبة يوم 14 نوفمبر بالقاهرة، فكيف يرى الشيخ هذه المواجهة؟ *أعتقد أن مثل هذه المباريات، لا سيما بين الجزائر ومصر تحمل دائما طعما خاصا، لكن هذه المرة الأشقاء ب"أم الدنيا" أعطوها بعدا تجاوز الحدود الرياضية، إلى درجة أن عددا من وسائل الإعلام اعتبرها قضية حياة أو موت، وهذا خطأ كبير. والحقيقة أنني لم أتفاجأ إطلاقا لما يصدر من مختلف وسائل الإعلام المصرية، التي تريد من وراء كل هذا إحداث ضغط نفسي على منتخبنا الوطني قبل اللقاء، لذا أؤكد أنه ينبغي على أبناء سعدان توقع أشياء ليست في الحسبان يوم 14 نوفمبر بملعب القاهرة، ولا أشك إطلاقا أن ظروف هذه المباراة تختلف عن تلك التي أحاطت بالمقابلة الشهيرة عام 1989 حيث قدت الفريق الوطني بنفس الملعب في إياب الدور الأخير من تصفيات مونديال 1990، خلفا لكمال لموي الذي أقيل من منصبه عقب التعادل الإيجابي ( 1-1) بالجزائر. - ماذا حدث بالضبط؟ * أمور كثيرة وخطيرة جدا، ويكفي أن أذكر حادثة واحدة، فأمام مرأى الحكم التونسي بن ناصر اقترب مني شرطي وأشهر سلاحه في وجهي محاولا تخويفي واستفزازي، وحتى الحكم التونسي ومساعديه كانوا طرفا في اللعبة، حيث منعت حتى من الوقوف على خط التماس وإعطاء النصائح للاعبين، بالإضافة إلى بعض التصرفات الطائشة التي لا تمت بأية صلة إلى أخلاقيات كرة القدم وأمور أخرى لا يفقه فيها سوى الأشقاء المصريين. - لنعد إلى آخر مواجهة أمام رواندا بملعب تشاكر، في رأيك كيف ظهر أشبال سعدان؟ * أعتقد أن "الخضر" حققوا المهم بفوزهم بالنقاط الثلاث التي سمحت لهم بتعزيز مركزهم الريادي في المجموعة الثالثة والإبقاء على حظوظهم كاملة للتأهل إلى مونديال 2010، أكيد اننا كنا نود تعميق الفارق بتسجيل المزيد من الأهداف، التي كانت ستجعلنا في موقع مريح أكثر، لكن المهم هو الفوز، والآن ينبغي ضمان تحضير جيد للمباراة القادمة والحاسمة التي ستجرى بالقاهرة. - كاختصاصي وخبير، كيف ترى المقابلة؟ *هي مواجهة صعبة للغاية، أنا شخصيا أعترف بذلك، لكن أنا متفائل جدا بالعودة بنتيجة لن ترضي الأشقاء المصريين، ولا أخفي عنكم أن ثقتي بإمكانيات العناصر الوطنية كبيرة، لا سيما في ظل قيادة المدرب رابح سعدان الذي يجيد التعامل مع المواقف الحرجة التي تتطلب رفع التحدي. نحن نملك منتخبا قادرا على التأهل إلى مونديال 2010 . - ماهي نصيحتك لسعدان؟ *أعتقد أن زميلي وأخي رابح سعدان يعرف أتم المعرفة الأشقاء المصريين في مثل هذه المناسبات، فبإمكانهم التجرد من كل شيء ووضع العلاقات الأخوية جانبا من أجل مقابلة في كرة قدم، لذا على عناصرنا تجنب الوقوع في فخ الاستفزاز الذي يجيد المصريون نسجه، وخاصة لما يتعلق الأمر بالجزائريين، والتاريخ لا يزال شاهدا على الكثير من الأحداث. - هل لك أن تسرد لنا حادثة؟ * أتذكر جيدا ما حدث لنا لما وصلنا إلى القاهرة في إياب الدور الاخير من تصفيات مونديال 1990، تخيل أنه عند توجهنا إلى الفندق الذي أقمنا فيه، بدل أن يستغرق ذلك نصف ساعة، دامت "الرحلة" ساعتين كاملتين بين المطار والفندق، وخلال هذه المسافة أجبرنا على المرور بين حشود من المصريين بهدف التأثير وممارسة الضغط علينا، إنها اللعبة المفضلة لديهم، فالمصريون يهوون التأثير على منافسيهم بأية وسيلة، وكذلك كان الحال خلال أول حصة تدريبية، حيث حضر جمهور غفير ولم يتردد لحظة في شتمنا بمختلف الأوصاف، وهو موقف أعتقد أنه سيتكرر قبيل موعد 14 نوفمبر، لكن بالمقابل اعتقد أن لاعبي المنتخب الوطني محترفون وينشطون في أقوى البطولات الأوروبية، وهو ما سيمكنهم من تجاوز الضغط المحتمل، والميدان هو الحاسم، فبمجرد إطلاق صافرة البداية سيوضع كل شيء جانبا، ولهذا أدعو المجموعة إلى التحلي بالهدوء والرزانة. - باستثناء الضغط، هل من أمور أخرى تخيف الشيخ في مواجهة 14 نوفمبر؟ * التحكيم بطبيعة الحال، وأعتقد أن سبب عدم التحاق الكرة الإفريقية بركب نظيرتها الأوربية سببه ضعف التحكيم، أنا شخصيا لدي تجربة مع الحكم التونسي بن ناصر خلال مباراة جمعتنا بالفريق المصري بالقاهرة، لقد حاول المصريون جاهدين التأثير عليه، وقد حضرت بنفسي مثل هذه المواقف، فعندما كان لاعبو الفريقين يهمون بدخول الملعب، اقترب أحد المسؤولين المصريين من بن ناصر وتحادثا مطولا، وعندما أنهيا كلامهما اقتربت بدوري من بن ناصر لأدعوه فقط بأن يكون نزيها، لكن ما ان وصلت اليه حتى أخذ يصرخ "يا شرطة ابعدوا عني هذا الشخص". - أيام قليلة تفصلنا عن موعد الحسم، فماذا يقول كرمالي سواء للاعبين أو الجمهور الجزائري الذي ينتظر المواجهة على أحر من الجمر؟ * أعتقد أن الجميع على علم بالحملة الشرسة التي تشنها بعض وسائل الإعلام المصرية، لذا وصيتي الأولى ستكون موجهة إلى وسائل الإعلام الجزائرية المطالبة بالتعامل مع الحدث باحترافية، هذا من جهة، من جهة أخرى، الجميع يرى الحملة التضامنية التي تشهدها مصر هذه الأيام لصالح منتخبها، لقد وضع الجميع الصراعات جانبا والتفوا حول الفريق، لأن الأمر بكل بساطة يتعلق بوطن بكامله، سياسيون، فنانون، مثقفون، الكل يريد المساهمة كل حسب طريقته في إعطاء شحنة معنوية قوية لأشبال شحاته، إذن نحن أيضا مطالبون بنهج نفس الطريقة من أجل المنتخب الوطني، والكل سيكون وراءه يوم 14 نوفمبر لضمان الذهاب إلى جوهانسبورغ، حينها سأكون أنا كباقي الجزائريين أسعد رجل في العالم، وأنا جد متأكد بأنه بإمكاننا فعل ذلك.. - هل تريد إضافة شيء آخر؟ * ككل جزائري غيور على وطنه وألوان علمه، أتمنى التوفيق لأشبالنا يوم الرابع عشر نوفمبر، وأمنيتي الكبيرة رؤية المنتخب الوطني في نهائيات كأس العالم بجنوب إفريقيا.