المخزن ورّط الشعب المغربي في حرب خاسرة والصحراويون جاهزون لكل الاحتمالات في هذا الحوار الذي خص به جريدة "المساء"يكشف وزير الإعلام الصحراوي السيد محمد المامي التامك جانباً مهماً من التعاطي السياسي والإعلامي للقضية الصحراوية في العالم، ويعرّج على المحاولات المغربية للالتفاف على حق الشعب الصحراوي وتعاطي الصحافة للقضية، ويتحدث عن خيار الحرب العسكرية في حال فشل المساعي الأممية وبقاء المغرب متعنتاً ومصراً على احتلاله، كما يُظهِر جانباً من جود الاعمار والتعاون من أجل استغلال الثروات الصحراوية في الأراضي المحررة. - في لقائنا ببعض الشباب والنساء لاحظنا التمسك بالنضال والكفاح من أجل افتكاك الاستقلال، فإلى أي مدى يبقى خيار السلام قائما؟ ما يجري الآن يؤكد أن فرص السلام مفتوحة، نحن الآن سائرون من خلالها لأبعد الحدود، ولكن يبقى خيار الشعب الصحراوي الأساسي والجوهري هو الحصول على استقلاله وكرامته، فعندما يتبين لنا أن المجتمع الدولي لا يقوم بدوره في هذا الاتجاه، فإننا لن نبقى مكتوفي الأيدي، فنحن نملك وسائل أخرى للدفاع عن كرامتنا، ونحن الآن في مقاومة سلمية في الأراضي المحتلة، وصامدون وقادرون على المواجهة ومحترمون للشرعية الدولية في سياقها العام، إلا أننا لن نقبل بالاستمرار في حال تمرد المغرب عليها. - كيف تقيّمون نضال المقاومة داخل الأراضي المحتلة؟ المقاومة في الأراضي المحتلة سلمية، سلاحها العلم والشعارات الوطنية، وبالتأكيد فإن المقاومة التي اندلعت عندما قال الملك محمد السادس في أحد خطاباته: "المغرب في صحرائه والصحراء في مغربها"، وهي العبارة التي جعلت المقاومة تتصدى لذلك وأكدت أن المغرب ليس في صحرائه وبأن الصحراويين داخل الأراضي المحتلة يقاومون الاحتلال بأساليبهم السلمية، لذلك أقدم المغرب على القمع والاضطهاد. - وما رأيكم في تعاطي الإعلام المغربي مع القضية الصحراوية؟ الصحافة المغربية لا زالت منحازة للمخزن، فعندما يتعلق الأمر بالقضية الصحراوية يزول حياد الصحافة المغربية، وبالتالي فإن هناك إملاءات، رغم أننا لا ننفي أن بعض الجرائد المغربية حاولت أن تطرق القضية الصحراوية من منظور محايد وتم توقيفها كصحيفة "لوجورنال" وغيرها من الجرائد، حيث اصطدمت بآلة المخزن التي أرادت أن توجهها في اتجاه آخر. - وماذا بالنسبة للصحافة الأوروبية، وهل تميزون بينها؟ نستطيع القول بأن الصحافة الفرنسية مثلاً بشكل خاص تمارس تعتيماً إعلامياً كلياً، ولازلنا لم نعرف خلفيته، فإذا كانت هذه الصحافة محايدة وتقارب القضايا من منظور اجتماعي وسياسي وغير ذلك، فنحن تعرضنا إلى الكثير من الانتهاكات في الأراضي المحتلة، وقد ظلت وسائل الإعلام الفرنسية صامتة، في حين أنها تناولت بشكل واسع كل ما يقع في المغرب، ومعنى ذلك أن هناك تحيّزاً، أما الصحافة الإسبانية فإنها تغطي بعض الأحداث، خاصة الأحداث الأخيرة. - وهل تعتقدون أن تعاطي الصحافة يخدم القضية الصحراوية؟ أعتقد أنه عندما تتناول أي صحافة القضية الصحراوية من وجهة نظر موضوعية يخدمها، نحن لا نريد إلا الموضوعية، لأننا نحس أن الشرعية الدولية معنا والمغرب ظالما وبالتالي فجميع المقاربات التي تكون موضوعية، هي في صالحنا وتخدمنا، ولذلك فنحن ننادي الصحافة العالمية لتناول القضية الصحراوية وتسليط الضوء عليها، لأن ذلك من رؤية موضوعية سيكون لصالحنا بالتأكيد. - وبالنسبة للإعلام الوطني الصحراوي؟ إعلامنا الوطني الذي تعزز مؤخراً بالتلفزيون، ترك ارتياحاً كبيراً لدى الصحراويين، ورغم أنه لم يصل بعد إلى المستوى المطلوب، إلا أنه في تدرّج، وبفضله تم إزالة التعتيم الإعلامي المضروب من طرف المغرب حول القضية الصحراوية، فبعد أن كان الصوت الإذاعي وحده الذي يمرّ، أصبح الآن الصوت والصورة يمران معاً، وهذا رغم وجود صعوبات تقنية وتكوينية، لكن ما يقوم به التلفزيون في جلب ونقل الصور من داخل الأراضي المحتلة من أجل التأثير يعتبر بالنسبة لنا خطوة متقدمة جداً، أمّا بالنسبة لوسائطنا الإعلامية المكتوبة كالجريدة والوكالة، والمسموعة والمرئية كالإذاعة والتلفزيون فهي متكاملة، وتتناول القضية من زوايا مختلفة، وتوجد شمولية في تناول القضية. - لاحظنا من خلال زيارتنا أن الأراضي الصحراوية بحاجة إلى مساعدات تقنية، لتمكين السكان من العمل والإنتاج، خاصة الماء، لكونه أساس الحضارة، فهل طلبتم عتاداً من المنظمات والدول الشقيقة والصديقة، ما دامت الإطارات الصحراوية موجودة؟ أعلم أن هناك جهوداً بذلت فعلاً في هذا الإطار، فالحكومة الصحراوية لن تبقى مكتوفة الأيدي أمام هذا، فالمؤتمر الثاني عشر لجبهة البوليساريو الأخير أصرّ على إعمار الأراضي المحررة، والدولة الصحراوية سائرة في هذا الخط، وهي في اتصالاتها مع الدول الصديقة والشقيقة للتعاون من أجل إيجاد مشاريع تنموية في هذا الاتجاه، والأولوية هو توفير الماء باعتباره مصدر الحياة، فهناك جهود متواصلة من أجل البحث عن تمويل مشاريع لجلب المياه وإنجاز الطرقات وهي تشكل البنية التحتية التي تساهم في التعمير، والتي أثمرت نسبياً بإنجاز مستشفيات بكل من: الدوقج، ميجك، تفاريتي وبئر لحلو وبناء مدارس ومستوصفات. - ولماذا لم تبادر الدولة الصحراوية باستغلال ثرواتها البترولية؟ لا.. لا.. فجبهة البوليساريو قامت بإبرام عدة عقود مع منظمات، وهي سارية المفعول، والمختصون يقومون الآن بعملية مسح للتأكد من أماكن وجود المعادن، وكذلك الحال بالنسبة إلى الماء، أي أنه يكمن مستقبلاً أن تستغل هذه الثروات. - ماهي الرسالة التي توجهونها للشعب المغربي؟ نحن نعتبر بناء المغرب العربي مقوماً من المقومات الأساسية لوحدة الشعوب وتجاوز التحديات والمشاكل التي تعاني منها، فالدول الست الموجودة داخل المغرب العربي تتميز بثراء طبيعي هائل وموارد بشرية كبيرة، وعندما تجمع كل هذه الوسائل، وتوظَّف في خدمة الشعوب، فإنه قطعاً ستكون هذه الشعوب في مستوى أحسن وأفضل،، إذ نحن نعتبر الشعب المغربي جزءاً من هذا الكيان، ويجب أن يعي الشعب المغربي أن نظام المخزن ضده ويخدم توجهاً مناقضا تماماً لطموحاته وآماله، في الوقت الذي ورّطه في حرب لا ربح له فيها، ولا يعترف فيها المجتمع الدولي بالسيادة للمغرب على الصحراء الغربية، ولا نسمع بأي دوله تعترف للمغرب بذلك، وبالتالي فهو يدخل حرباً خاسرة، ويؤجل بناء المغرب العربي ويحاول أن يحمّل دولاً أخرى المسؤولية، في الوقت الذي يتحمل فيه هو كامل المسؤولية، فحل هذا المشكل بكل صدق وموضوعية ينطلق من تمكين الشعب الصحراوي من تقرير مصيره واختيار مستقبله بين الخيارات المطروحة، بما في ذلك خيار "الحكم الذاتي". ثم الدبلوماسية الصحراوية تقوم بمجهود كبير، وقد استقبلنا عدداً هائلاً من الدول الداعمة والمساندة للشعب الصحراوي في كفاحه، لكن في المقابل أؤكد أنه لا توجد أي دولة في العالم تعترف للمغرب باحتلاله للصحراء الغربية، أو أن الصحراء جزء من ترابه، والمغرب على علم بذلك، وبالتالي فمن الأفضل له أن يتشبث بالشرعية الدولية، ويعود إلى الصواب، ويعمل مع جبهة البوليساريو والدولة الصحراوية، لإيجاد حل عادل ونزيه من أجل بناء المغرب العربي والمساهمة في حل مشاكل شعوبه، والتركيز على ما هو حق. - لكن، هناك طروحات تقول بأنه عندما وُضِعت القضية الصحراوية في يد الأممالمتحدة ضاع الحل أو تأجّل لأكثر من ثلاثين سنة؟ لا.. لا.. القضية تحافظ على جوهرها وتبقى جميع المناورات والمحاولات للالتفاف على حق الشعب الصحراوي وتقرير مصيره تصطدم ببعض الأشياء الجوهرية، فهي قضية تصفية استعمار وبالتالي فعلى المجتمع الدولي أن يعمل على إيجاد حل لها، وأن تصفية الاستعمار لن تتم إلا باستشارة الشعب الصحراوي في حقه في اختيار مستقبله.. هذه هي المرتكزات الأساسية، وقد حاول المغرب وحلفاؤه على مرّ أربع وثلاثين سنة الالتفاف حول هذا الحق، ومحاولة إخراجه من لدن الأممالمتحدة بطرق معينة، ولكن ظلت القضية تحافظ على جوهرها، إذن فعلى المجتمع الدولي إمّا السير في اتجاه تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية، وإما أن يكون متواطئاً مع الاحتلال. - ما هي الآمال التي تعلقونها على المسؤول الجديد "هاني عبد العزيز" على رأس بعثة الأممالمتحدة لتنظيم استفتاء في الصحراء الغربية (مينورسو) حيث يقال أنه محيط بالقضية وهاضم للملف؟ فيما يتعلق بالملف في جانبه السياسي المتمثل في الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة السيد كروستوفر روس، والذي يتولى إيجاد تفاوض بين الأطراف والبحث عن إيجاد حل أظن -مجرد معلومات- أن المسؤول الجديد السيد هاني عبد العزيز هو مكلف بالجانب التقني، كالبعثات وغيرها ولكنه بعيد عن الجانب السياسي، وأي إنسان يأخذ ملف الصحراء الغربية ويلتزم الحياد، فإن ذلك يخدمنا، وأي شخص يأخذ الملف ويتجه في أي اتجاه يناقض الشرعية الدولية وجوهر القضية الصحراوية، فهو المتضرر، كما وقع للعديد من المبعوثين الأمميين الذين انحرفوا، وحاولوا مساندة المغرب، فكانوا هم الخاسرين، وآخرهم المبعوث بيتر فال فالسون، فنحن لا نريد أن يكون لصالحنا أو لصالح المغرب ولكن لصالح الشرعية الدولية، ونرحب بأي شخص يتناول الملف ويلتزم بقرارات الأممالمتحدة. - إذا كان الدبلوماسيون يقومون بدورهم في العالم والمحافل الدولية، والصحراويون في الأراضي المحتلة يقاومون الاحتلال، فماذا بقي للصحراويين في الأراضي المحررة؟ هنا لا نتحدث بهذا النوع التجزيئي ولكن نتحدث بتقاسم المسؤوليات، إذن بالنسبة للاجئين الصحراويين على التراب الجزائري والصحراويين الموجودين على الأراضي المحررة، هم بالدرجة الأولى مسؤولون بدرجة كبيرة على بناء نموذج الدولة الصحراوية، في المؤسسات ومختلف أركان هذا الكيان الذي هو أمل كل صحراوي، والمسؤولية الأخرى هو ضمان الصمود، فالاحتلال المغربي يحاول جرنا في اتجاه، لكن صمودنا يثبت بأن هذه العائلات الصحراوية، رغم صعوبة الظروف، وقساوة الطبيعة الصحراوية يتحملون على مضض كل هذه المعاناة من أجل هدف واحد أسمى هو استقلالهم وكرامتهم، وبالتالي فهم لا يندمون ولن يندموا على هذه التضحيات التي يقدمونها في سبيل انتزاع حقهم في تقرير المصير وبناء دولتهم وهي الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية. - كيف تقيّمون التوصيات التي خرج بها لقاء الجاليات الصحراوية المنعقد بمنطقة "لجواد" بالناحية العسكرية الأولى للأراضي المحررة منتصف أكتوبر المنقضي؟ بالنسبة للملتقى الخامس عشر لجاليات الجنوب تزامن مع ذكرى إعلان الوحدة الوطنية، وحملة الاعتقالات التي طالت الحقوقيين الصحراويين في الأراضي المحتلة، فهذا الشعب وجد من اللاشيء، والوحدة الوطنية هي ولادة جديدة لهذا الشعب، الذي كان ممزقاً من طرف الاستعمار إلى قبائل وعشائر، والذكرى تؤكد عدة حقائق أساسية، أولها أن الشعب الصحراوي استطاع أن يقاوم ويواجه جميع التحديات وأشكال التمزيق، فالوحدة جمعت الشتات، واختيار مكان "لجواد" بمنطقة دوقج كان له رمزية ودلالة كبيرة في وجدان وكيان الشعب الصحراوي، وحسب المعلومات فإن هذه المنطقة لم تطأها أقدام المستعمرين قط، وهي لا تزال تحافظ على تميزها وشموخها منذ القدم. والحدث هو تقييم عمل الجاليات وتطوير وسائلها ودفعها إلى الأمام، وجاءت توصيات اللقاء متزامنة مع ما أقدم عليه المغرب على خطوتين منع حقوقيين من المشاركة في اللقاء، واعتقال آخرين، وتم التركيز على التضامن مع هؤلاء، وتم الخروج ببيان نهائي وبعث رسائل إلى الجزائر وموريتانيا تشيد بالعلاقات الأخوية والتضامن بين الحكومتين والشعبين، وكذا الأمين العام للأمم المتحدة للتنديد بانتهاكات حقوق الإنسان من طرف المغرب. - كلمة أخيرة؟ نشكر جريدة "المساء" التي واكبت على طول مراحل الكفاح المسلح ومسيرته وتطوره في مختلف المحطات، نشهد وجودها دائماً في كل المناسبات. حاوره بمنطقة "لجواد" المحررة رشيد كعبوب