عادت أول أمس ذاكرة »فرنسيس جانسون« من خلال لقاء تكريمي لروحه اثناء ندوة أقيمت على هامش الصالون الدولي للكتاب. »جانسون« الذي كرس حياته لخدمة القضية الجزائرية العادلة، و ظل رمزا للنخبة المثقفة في الثورة التحريرية. غصّت قاعة القدس أول أمس، بالوافدين إليها من جزائريين وفرنسيين للإستفادة من الشهادات التي قدمت عن الراحل المناضل والفيلسوف الفرنسي صديق الثورة التحريرية. افتتح اللقاء بعرض فيلم عن الراحل وهو عبارة عن حوار اجراه التلفزيون الجزائري »كنال ألجيري« معه وهو للمخرج علي فاتح عيادي والذي أشار الى انه يدخل في سلسلة »صانعو هذه الاحداث«. الفيلم في 26 دقيقة ويحمل عنوان »وداعا جانسون« وقد بثه التلفزيون الجزائري لأول مرة يوم 3 أوت الفارط علما أن الراحل توفي يوم 1 أوت الماضي. من ضمن ما قاله الراحل في هذا الفيلم انه إلتفت الى قضية الجزائر العادلة منذ أحداث ماي 1945 وبعدها مباشرة أي سنة 1949 جاء ليقيم بها مع زوجته وفيها عمل كأستاذ فلسفة ومنشط إذاعي ومؤلف، واستطاع الولوج الى المجتمع الجزائري عن قرب وبالتالي تعرف على ابنائه وبعض الوطنيين فيه الذين نسجوا معه علاقات متينة وأقنعوه بأفكارهم العادلة، وفور رجوعه الى باريس في 1951 نشط العديد من المحاضرات للتعريف بالجزائر، ثم ألف أشهر كتبه "الجزائر الخارجة عن القانون" والذي أثار ضجة في الوسط الثقافي والإعلامي الفرنسي، وأربك التيارات السياسية والاديولوجية الفرنسية. مباشرة بعد اندلاع الثورة سنة 1954 انخرط الراحل فيها وانضم الى جبهة التحرير الوطني على خلفية اقتناعه بمبادئها وعلاقاته مع مناضليها. أول المتدخلين كان السيد "بيار شولي" صدّيق الراحل والذي أشار إلى أنه تعرف على "جانسون" خلال زيارته للجزائر بداية الخمسينيات وكان يلازمه، علما أنه من نفس سنه تقريبا، لقد كانا شابين في العشرينيات يتبادلان الأفكار والنضال والصداقة وكان "بيار" مدمنا على قراءة مقالات "جانسون" الساخنة في الصحافة الاستعمارية وفي فرنسا والتي كانت تتعرض للرقابة الشديدة. أما السيد علي هارون فذكر في شهادته عن إعجابه بهذا المناضل وبقامته في مجال الفكر والسياسة والذي اعترف مبكرا، بحق الجزائريين في الحرية دون شرط أوقيد علما أن كتاباته كانت في حد ذاتها ثورة. "لقد عرفته -يقول علي هارون- في صيف سنة 1957 بمدريد، واندهشت أنا وزملائي من المناضلين منهم الراحل "فرانس فانون" بتواضع هذا الرجل وبصدقه وحبه للجزائر فكدنا أن لا نصدق أنه هو من نقرأ له فليس لديه أية عقدة زعامة، لقد قدم خدمات لا يمكن للجزائر دولة ولا شعبا أن تتنكر لها، لقد قاد حركة حاملي الحقائب بفرنسا عن جدارة". توالت الشهادات ومنها شهادة نجل الراحل "أوليفيي جانسون" الذي أكد على أنه متأثر بالتنشئة التي تلاقاها من والده، مشيرا إلى أنه يحمل نفس المبادئ وهو فخور بذلك. في الأخير قدّم الفنان سيد أحمد أقومي قراءات من نصوص الراحل "جانسون".