لا يخشى الشاعر أحسن مريش من أن ينهل من أحزانه مثلما يفعل مع أفراحه ليكتب قصائد تنبض بتجاربه المتنوعة في الحياة، وينبثق من تجاربه ديوان جديد بعنوان "كدمات" يحمل في طياته 33قصيدة باللغة الفرنسية عن دار ايديليفر وبالنسختين الورقية والالكترونية. وجاء في مقدمة هذا العمل بقلم جمال بقاز،أن الشاعر يستعمل جميع حواسه حتى السادسة منها، فهو يتخيل ويتنبأ حتى في الظلمات التي لا تشكل حاجزا بالنسبة إليه، على العكس بل تشكل إلهاما له من خلال الصمت والهدوء الذي تنبثق منها، فهو ينهل من الليل الكثير كما يستمتع الليل به أيضا، فهما حقا صديقان يفهمان بعضهما البعض. عندما تغمر المشاعر قلب أحسن وتضغط على كل جزء من أجزاء جسده، يتدفق الشعر من أعماق الشاعر وعندما تنتهي هذه الحالة، يعود أحسن إلى حالته "الطبيعية" ويعود إلى أعماله اليومية. فعلا، فأحسن لا يتوان في استنباط مواضيع قصائده من ما يحيط به، وتحمل قصائده جزء من حياة أحسن، أجل فبعد أن تناول في ديوانه السابق "سان فالنتين في القبائل" معضلة التخلي عن مبادئنا وقيمنا التي تعود إلى الأجداد، ها هو في ديوانه الجديد يتطرق إلى مواضيع أخرى برؤية مختلفة. حكى أحسن عن فترات ضياع وأخرى تملؤها السعادة، فانتقل إلى الكثير من المواضيع وعمل منها حكاية يرويها في قصيدة، حتى رنة هاتف صنع منها حكاية حب، فمزج فيها لوعة الانتظار وحنين اللقاء، وفي قصيدة أخرى تطرق الشاعر إلى قصة حب من نوع آخر وغريب، ففي كل يوم ومنذ سنوات تأتي لزيارته امرأة لا يعرف لها وجها ولا صوتا بل كل ما يعرفه انه يسمعها بطريقته الخاصة. قصيدة أخرى يتحدث فيها أحسن عن أهمية أن يقبل المرء نفسه كيفما كانت وان يبتعد عن التقليد الذي سيقتله لا محالة، وفي قصيدة أخرى أيضا تناول المال الذي أصبح هدف الكثيرين، أما أحسن فيراه وسيلة اقتصادية لا غير، وقصيدة ثالثة يحكي فيها عن آفات المجتمع بعيدا عن كل هوادة. أحسن شاعر شجاع لأنه استطاع أن يتطرق إلى ذاك الكابوس الذي عاشه ليلة ذهابه إلى حبيبته العروس في ليلة عرسها وانبثق عن ذلك قصيدة محزنة، فهو ينتقل من قصيدة إلى قصيدة ومن موضوع إلى موضوع، أحيانا بحنية وأحيانا أخرى بمرارة وحزن، فهو مثل مياه هادئة تعكس من خلالها أشعة الشمس ومثل مرآة تضم في طياتها كل الحياة بجانبيها الحقيقي والخيالي. ها هو أحسن يواجه حياته ورغم كل ما فعله فيها فإنه يظل غير راض تماما ويصبو دائما إلى تحقيق الكثير من الأعمال فهو متشدد مع نفسه ومع كتاباته، فكل موضوع مهم بالنسبة لأحسن حتى أحزانه ومآسيه، هذا الشاعر الذي لا يتوقف عند أي مظهر بل يخوض في الأعماق حيث سيجد الكثير. ومن بين قصائد ديوانه الشعري نذكر "الحاجة اخترعتني"، "المال"، "الصحة وحدودها"، "الرنة الملعونة"، الجوهرة"، "كنت نفسك"، "أنت ظلي"، "قلبي يتعذب بشدة"، "هذا الحب الذي لا يمكن لقلبك أن يضمه"، "الجروح"، "المجتمع"و"آه من قلبي الذي يتأوه". للإشارة أحسن مريش من مواليد سنة 1967 بتالة تولموت ببلدية تيزي راشد بتيزي وزو، له العديد من المؤلفات ومن بينها: "إيد يوكين" (ليالي الثرثرة) بالامازيغية ونسخة بالانجليزية، "تاعزولت تي وي" (أسرار وذكريات) أيضا نسخة بالامازيغية وأخرى بالانكليزية و"تيديراي" (كدمات).