أكد المشاركون في أشغال المؤتمر العربي الأول لتشغيل الشباب أمس بالجزائر العاصمة على ضرورة تحديد استراتيجية عربية وتوحيد الرؤى وتنسيق الجهود للحد من البطالة في أوساط الشباب. وأشاد المشاركون في اليوم الأول من أشغال هذا المؤتمر بالقرارات التي انبثقت عن القمة العربية الاقتصادية والتنموية والاجتماعية الأخيرة والتي أقرت العقد العربي للتشغيل للعشرية المقبلة 2010 / 2020 بهدف التخفيض من حدة البطالة إلى النصف والرفع من معدل الإنتاجية ب10 بالمائة. ووصف رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة في رسالة بعث بها إلى المؤتمرين قرأها نيابة عنه المستشار لدى رئاسة الجمهورية السيد محمد علي بوغازي الشباب العربي ب"القوة الحية والفاعلة للأمة التي تؤمن لها الاستمرار وتوفر لها مقومات البقاء والنماء" معتبرا إياهم "أساس النجاح في البناء الاقتصادي والنمو الاجتماعي في ظل التحديات العالمية لوتيرة الاقتصاد المعولم الذي يستوجب امتلاك المهارات والتقنيات". وبعد أن أبرز أن "البطالة تبقى من المعضلات الكبرى والرئيسة التي تواجه المجتمعات العربية" أكد رئيس الدولة أن كل البرامج والآليات التي وضعتها الجزائر "لمحاربة البطالة وترقية التشغيل موجهة أساسا للشباب من خلال مخطط يعتمد على المقاربة الاقتصادية أساسا وذلك بتشجيع الاستثمار المنتج المولد لفرص العمل وتثمين الموارد البشرية وتشجيع التكوين المؤهل وعصرنة تسيير سوق العمل إلى جانب اعتماد أجهزة المساعدة على إنشاء المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من قبل الشباب". من جهته أشار وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي السيد الطيب لوح في كلمة ألقاها بمناسبة افتتاح أشغال المؤتمر إلى أن ظاهرة البطالة في أوساط الشباب أصبحت من كبرى الانشغالات لدى الحكومات عبر كافة المعمورة حيث أصبحت تقارب في الدول العربية نسبة 14 بالمائة حسب تقديرات الهيئات الأممية ومكتب العمل الدولي. ودعا الوزير إلى ضرورة تحديد استراتيجية من أجل تخفيض تدريجي للعمالة الأجنبية في بعض الدول العربية مشيرا إلى أهمية أن "يستعمل العالم العربي موارد النفط في تطوير البنية التحتية الاقتصادية والاجتماعية ويطور الشبكة المعلوماتية في مختلف المجالات". وتعرض السيد لوح إلى أثر البرامج التنموية التي شرعت الجزائر في تطبيقها منذ 1999 على مستوى التشغيل حيث تراجعت نسبة البطالة إلى 11.3 بالمائة في نهاية2008. ومن المتوقع -كما أضاف- أن تشهد انخفاضا في هذه السنة حسب معطيات السداسي الأول من سنة 2009. من جانبه أشاد المدير العام لمنظمة العمل العربية السيد أحمد محمد لقمان بالنجاحات التي حققتها الجزائر بتخفيض معدل البطالة إلى أقل من نصفها خلال هذه العشرية مؤكدا أن تجربة الجزائر وتجارب دول عربية أخرى في هذا المجال قد شجعت مؤتمر القمة العربية الاقتصادية والتنموية والاجتماعية الذي انعقد بالكويت في بداية السنة الجارية على إقرار عقد عربي للتشغيل يبدأ مع بداية 2010 ويدوم إلى 2020. واعتبر السيد لقمان أن موضوع التشغيل في العالم العربي يتطلب إعادة ترتيب أولويات ومضامين التنمية خاصة وأن النمو الاقتصادي --حسبه- بات "ضروريا ولازما لكنه غير كاف لضمان المزيد من فرص العمل". وقال في هذا الشأن أن"الحلول الناجعة هي تلك التي تتكامل فيها جهود التعليم والتدريب والاستثمار ونوعية برامج التنمية والمشاركة وتطبيق معايير الحكم الراشد خاصة منها الشفافية والمساءلة وحكم القانون". وأوضح أنه يتوجب على العالم العربي أن يستحدث سنويا ما يزيد عن 5 ملايين فرصة عمل تستوعب الداخلين الجدد في سوق العمل مبرزا أن تخفيض معدلات البطالة يحتاج إلى جهد كبير للوصول إلى نصف معدلها الحالي في 2020. من جهتها أكدت السيدة لاسيما بحوث أمين عام مساعد لجامعة الدول العربية على الوعي العميق للدول العربية "للآثار الاجتماعية للبطالة وانعكاساتها على سلامة بنيتها جراء ارتفاع معدلات الحرمان وزيادة التهميش الاجتماعي". ونبهت السيدة بحوث أن استمرار البطالة وتفاقمها سيؤدي أيضا إلى انعكاسات سلبية مباشرة على بناء مجتمع المعرفة القادر على التطور وعلى إنتاج تجدد الدائم. واعتبرت أن آثار الأزمة المالية وتباطؤ النمو يشكلان تحديا بارزا أمام الدول العربية مما يستدعي إيجاد "نموذج تنموي جديد" قائم على أساس التكامل والاندماج يكون قادرا على "خلق فرص تشغيل وإتاحتها لطالبي العمل وإيجاد سوق عمل مرن يتمكن من استيعاب الطلب المتزايد على العمل ومعالجة الإشكاليات التي يواجهها هذا السوق". للإشارة تتواصل أشغال هذا المؤتمر الذي يدوم ثلاثة أيام على مستوى جلسات عمل لمناقشة عدة محاور من بينها آفاق تشغيل الشباب على المستويين العربي والدولي والأبعاد الاقتصادية للأزمة المالية على أسواق العمل وبوجه خاص تشغيل الشباب العربي. كما ستدرس هذه الجلسات وثيقة البرنامج العربي لدعم القدرات في مجال إنشاء وتطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والاقتصاد الجديد وتشغيل الشباب إلى جانب مناقشة العقد العربي للتشغيل.