أثارت ندوة فكرية نظمها، أمس، مركز الشعب للدراسات الاستراتيجية، الإشكاليات الأمنية في منطقة الساحل من خلال ثلاث ورقات قدمها أساتذة مختصون في العلوم السياسية، أجمعوا من خلالها على ضرورة التعاطي مع التحديات الأمنية في هذه المنطقة وفق تصور أمني جديد يأخذ في الاعتبار الحركيات الأزموية لهذه التحديات علاوة على ضرورة الانتقال إلى المرحلة الاستباقية لصد المخاطر بعدما تم المرور بمراحل التواجد الميداني عبر الحدود والحماية ثم مرحلة الوقاية. وأوضح الأستاذ والدكتور محند برقوق في ورقة تحت عنوان "الإشكاليات الأمنية على الساحة الإفريقية بالتركيز على دول الساحل"، أن أسباب هذه التحديات الأمنية ترتبط بمعضلة البناء المجتمعي للدولة، وضعف العدالة التوزيعية وتفشي ظواهر اللاأمن من الإرهاب وتجارة السلاح الخفيف، أو ضعف الإدارة الأمنية لدى هذه الدول، وأخيرا وجود تضارب في التصورات الخاصة بالمنطقة، بين أوربا (فرنسا) وأمريكا، وانقسام دول الساحل ذاتها مع التعاطي حيال العامل الخارجي. وأشار إلى أن الأزموية تنتج عنها 6 مشاكل أمنية هي ترابط الظاهرة الإرهابية (إرهاب واختطاف) لتمويل الإرهاب، تفشي ظواهر الجريمة المنظمة، تبييض الأموال، الهجرة (تجارة البشر والأعضاء) الأزمات الداخلية المترتبة عن المشاكل الأمنية وأخيرا كثرة الاهتمام الدولي بالمنطقة ووجود سياسات دولية غير منسجمة حيالها. وقد اعترف الأستاذ برقوق، بأن منطقة الساحل هي المجال الرخو للأمن الوطني الجزائري، مبرزا أن ضعف الإدارة الإقليمية يجعل من المنطقة، مجالا خصبا للأزمة مستقبلا واقترح لتجنب ذلك، الاستمرار في الدبلوماسية الوقائية وإنشاء إطار عمليات مشترك وخلق جاهزية مشتركة لإدارة مثل هذه المشاكل الأمنية. وفي ورقة بعنوان "التهديدات الأمنية للجزائر ودول الجوار" دعا الأستاذ الدكتور عبد الحفيظ ديب إلى ضرورة ترسيم الحدود مع بعض دول الساحل والجوار وإقامة مشاريع تنموية في المنطقة لمعالجة الاضطرابات الأمنية والمشاكل الاجتماعية، وهو الأمر الذي يتطلبه عامل طول الحدود مثلما هو الشأن بين الجزائر وليبيا (شريط أوزو 350 كلم)، حيث أن إدارة مشكل المياه والطاقة بين البلدين في مستوى هذا الشريط، يقتضي تنسيقا وإرادة سياسية تبدأ بترسيم الحدود بين البلدين وإقامة تعاون لمعالجة مشكلة التصحر والأوبئة .