بيّن مجموعة من الأساتذة أن تحديات الإرهاب والنزاعات الإثنية والدولة الفاشلة هي أهم العوامل التي أدت إلى عدم الاستقرار السياسي في دولتي مالي والنيجر، مضيفين أن هذا الوضع كان له تأثير على دول الجوار كالجزائر المدعوة إلى استعمال ورقة نفوذها في المنطقة وفق منطق براغماتي، مثلما تقوم به باقي الدول الأخرى، وذلك خلال ندوة نظمها مركز الشعب للدراسات الإستراتيجية. وأوضح الدكتور امحند برقوق أن المقاربة الأمنية حول منطقة الساحل الإفريقي مقاربة جديدة، وبعيدة عن النظرة التقليدية للأمن في المنطقة، مشيرا إلى أن التوتر الذي تعرفه بالأخص مالي والنيجر وموريتانيا يرجع بالأساس إلى مشاكل متعلقة بالهوية المشتركة سياسيا، والسيطرة الإثنية على العمل السياسي في البلاد، إضافة إلى انعدام العدالة في توزيع الثروة، الأمر الذي تسبب في اتساع دائرة الفقر المدقع، فمالي مثلا يعاني 63 من سكانها من هذه الظاهرة، نظرا لأن أكثر من 50 في المائة من الثروة محصورة عند فئة محدودة من السكان. وقال برقوق أن هذه المناطق قد أصبحت اليوم موطنا لأزمات عديدة كالمتاجرة بالمخدرات الصلبة والأسلحة، حيث تحول الخط البحري لهذه التجارة غير الشرعية من كولومبيا- أوروبا إلى كولومبيا- خليج غينيا، مضيفا أن أمريكا التي تحاول أن يكون لها دور فعال في المنطقة لا تبحث عن مصلحة سياسية فقط ، بل مصالحها الطاقوية، فهي تعتمد على 15 في المائة من مواردها الطاقوية من هذه المناطق، ويتوقع أن تصل النسبة إلى 25 في المائة في غضون سنة 2015 . وأبرز برقوق خطورة الأزمة الإثنية في منطقة الساحل معتبرا إياها أنها المعضلة المستقبلية في دول الساحل، مطالبا في الوقت ذاته بضرورة وضع إدارة مشتركة بين دول المنطقة لمواجهة التحديات المطروحة. ومن جانيه ركز الدكتور عبد الحفيظ ديب في مداخلته على مسألة الحدود والتهديدات الأمنية على الحدود الجزائرية، مشيرا أن الجزائر مدعوة إلى ترسيم حدودها مع دول الجوار خاصة مع ليبيا، ومضيفا أن بعض الإحصاءات تشير أن الجزائر تنفق نحو مليار دولار لحماية حدودها، كما اعتبر أن الأزمات التي تعرفها الدول المجاورة تشكل تهديدات اجتماعية واقتصادية للجزائر ممثلة في الهجرة غير الشرعية التي تشكل عبئا على الجزائر، داعيا السلطات إلى التعاطي مع قضايا دول الساحل من جانب عقلاني براغماتي، وليس الاكتفاء بالنظرة الأخلاقية فقط. أما الأستاذ حسين بوقارة فقد انحصرت مداخلته حول قضية الطوارق في منطقة الساحل والدور الذي تحاول بعض الأطراف إعطاءه لها، مشيرا أن هذه القضية لا تشكل أي مشكل في الجزائر بالنظر لحصول الطوارق على كافة الحقوق الممنوحة لباقي أطياف المجتمع، إلا أن الأمر مختلف في ليبيا التي أعلنت في السابق عن موافقتها لقيام دولة الطوارق رغم عدم وجود رغبة من هذه الفئة في ذلك، إلا أن طرابلس تستعمل هذه الدولة كورقة ضغط على مالي والنيجر لتنفيذ أجندتها في المنطقة .