وقفت "سمراء النيل" الفنانة المصرية القديرة مديحة يسري وقفة تصد لكل من يحاول النيل من الجزائر وشعبها وتاريخها، وعبرت أرملة الراحل محمد فوزي (صاحب لحن قسما) عن استغرابها من أن تكون مباراة كروية وراء كل هذه الفوضى. فشلت الفضائيات المصرية في استمالة السيدة مديحة يسري واستغلال وزنها الفني والسياسي لشتم الجزائر، حيث كانت ترد بفخر باعجابها بالجزائر وبأنها لن تنسى التكريم الكبير الذي حظيت به عند زيارتها للجزائر في أواخر ماي الفارط، وهي بالتالي لن تتنكر لهذا الجميل وهذا الاحتفال الأسطوري بها. ومن هذا الموقف الصارخ والواضح يرى البعض أن "سمراء النيل" (88 سنة) لم تركب موجة الشتم التي تبنتها الفضائيات المصرية وجسدتها مواقف الكثير من الفنانين المصريين خاصة أولئك الذين دعوا الى المقاطعة الفنية مع الجزائر. لقد حرم هؤلاء المقاطعون و»الغندوريون« من صوت قوي كصوت مديحة يسري والذي كان سيعطي لهم ثقلا أكبر، أما مديحة يسري فقد راعت تاريخها الفني باعتبارها واحدة من جيل الرواد في السينما المصرية، كونها عضوا في مجلس الشورى المصري، وكونها أيضا زوجة الفنان المصري الكبير محمد فوزي الذي لحن القسم الوطني الجزائري والذي بكى عندما لم تطأ قدماه أرض الجزائر غداة الاستقلال لتدهور حالته الصحية. مديحة يسري التي زارت ولاية عنابة منذ 20 سنة ثم الجزائر العاصمة أواخر ماي الماضي والتي كرمت رسميا في قصر الثقافة، انتجت تراثا فنيا نظيفا وملتزما. للتذكير فإن هذه الفنانة من مواليد القاهرة سنة 1921 من والد تركي وأم سودانية (وهو ما يفسر شهامتها)، دخلت المجال الفني سنة 1939، ولقد أعجب بها الراحل عباس العقاد فكتب عنها روايته المشهورة »سارة«. صنفتها مجلة »التايم« الأمريكية في الأربعينيات من ضمن 10 نساء الأجمل في العالم. أول فيلم سينمائي لها كان سنة 1940 بعنوان »ممنوع الحب« مع عبد الوهاب، ثم شاركت في 100 فيلم سينمائي و30 فيلما تلفزيونيا وإذاعيا كما أنتجت 9 أفلام سينمائية. لم يكن فيلمها »الأفوكاتو مديحة« سوى انعكاس لحياتها الشخصية الرافضة للظلم واللاإنسانية وتبني الأخلاق والتضحية في سبيل الوطن وهي سمات عليا تمنعها اليوم من سب الجزائر. من المواقف الجميلة التي تحسب لها أيضا رفضها مؤخرا لأية مبالغ خيالية قدمت لها مقابل تسجيل ذكرياتها على بعض الفضائيات العربية لكنها رفضت وسجلتها بالتلفزيون الرسمي لوطنها وبمبالغ أقل.