يعيش البالي الوطني الجزائري هذه الأيام حركية كبيرة ونشاطا متسارعا، بعد أن خص بمشاركة متميزة وفاعلة فرضتها طبيعة القارة السمراء، في الاحتفالات التي تحضر لها الجزائر في إطار المهرجان الثقافي الإفريقي الذي سيقام في الفترة الممتدة بين 5 إلى 20 جويلية المقبل. وقد كشفت مديرة البالي الوطني بالنيابة ورئيسة دائرة الرقص الكوريغرافي في اللجنة التنفيذية للمهرجان، السيدة قدوري مباركة، في تصريح خاص ل "المساء" عن الخطوط العريضة التي ستشكل أهم المحطات التي سيشارك بها البالي الوطني في أهم تظاهرة ستعيشها الجزائر خلال هذه الصائفة. ومن أهم تلك التظاهرات تقول قدوري "الأيام الدولية للرقص للكوريغرافي" التي سيشرف على تنظيمها البالي من 10 إلى 16 جويلية المقبل وسط حضور قوي للعديد من الفرق، بحيث أكدت حتى الآن -تضيف المتحدثة- 11 تعاونية رقص افريقية محترفة مشاركتها في الأيام. كما ستشهد هذه الأيام حسب مديرة دائرة الرقص تنظيم مجموعة من المحاضرات تؤطرها مجموعة من الشخصيات الهامة من الجزائر وغيرها من الدول الأفريقية، وكذا ورشات عمل تجمع مختلف الفرق المشاركة نسعى من خلالها -يشير المتحدثة- إلى خلق كوكتال راقص يجمع بين مختلف الدول الإفريقية يكون كخاتمة للأيام وسيكون بمثابة الهدية الجميلة للقارة السوداء، على أن يشرف البالي على افتتاح الأيام بلوحة فنية خاصة تعمل على انجازها حليا. وكشفت قدوري أن هذه الأيام تعد بمثابة خطوة أولية تحضيرية للمهرجان الدولي للرقص المعاصر الذي سيعكف البالي على تنظيمه ابتداء من السنة المقبلة. كما يسعى البالي في إطار المهرجان الإفريقي دائما -تقول قدوري- إلى تأطير كل الفرق الفلكلورية الناشطة على المستوى الوطني وذلك من خلال فرق مختصة انتقلت إلى مختلف الولايات وقامت بالانتقاء الأولى لهذه الفرق بالتنسيق مع مديريات الثقافة لكل ولاية، وقدموا قائمة بأسماء أحسن تلك الفرق التي سنعمل -توضح ذات المتحدثة- إلى تدريبها وتكوينها وتلقينها بعض التقنيات الحديثة لتحسين أداءهم وذلك من أجل إشراكها في التظاهرة بشكل ايجابي ونوعي وتكون نداء للفرق الإفريقية المشاركة. وهذه العملية -تضيف المتحدثة- كانت فرصة للقيام بشبه عملية جرد لكل الفرق الموجودة على الساحة مما شكل لدينا قاعدة معلوماتية ستفيدنا لاحقا من أجل مساعدة هذه الفرق، وهذه العملية تشير المديرة على أنها ستتبع بعمليات مماثلة أكثر عمقا ودقة من أجل حوصلة التراث والعادات الملابس التقاليد. كما سيقوم البالي حسب مديرته بالنيابة دائما بالإشراف على مهرجان الرقص العربي الإفريقي بتيزي وزو ومهرجان الرقص الشعبي بسيدي بلعباس، وهو بذلك يستعيد نوعا ما صلاحياته على حد تعبير قدوري، وذلك من خلال مساعدة المنظمين في اختيار أسماء الفرق المشاركة وكذا أسماء الضيوف والأساتذة المشاركين، بمعنى -تقول المديرة بالنيابة - تقديم دعم إيجابي لمحافظي هذه المهرجانات من أجل إعطاء صورة أجمل وأحسن عن الثقافة الجزائرية باعتبار أن المهرجانين لهما طابع دولي. وفي حديثها عن الوضع الراهن للبالي الوطني الجزائري، أشارت قدوري، التي استلمت الإدارة بالنيابة منذ مدة قصيرة خلفا للسيدة زغبي، أن البالي يشهد نوعا من التحسن، حيث كانت وضعية فناني البالي -تقول قدوري- مزرية خاصة من ناحية التكفل الاجتماعي مضيفة: "أمور عديدة كانت تتطلب منا دراسة وحتى الآن مازلنا نحاول أن نتجاوزها". كما أن البالي كان له مشكل أساسي وهو المقر -تشير المديرة- حيث كان في كل مرة يبحث عن مكان للتدريبات لكن هذا المشكل حل أخيرا -حسبها- بعد أن تم نقله إلى معهد الفنون ببرج الكيفان في انتظار أن يتم إنشاء مقر خاص به هناك. مشكل آخر كان يعانيه البالي هو شيخوخة أوكبر عناصره وعدم وجود استمرارية بسبب توقف التكوين لسنوات طويلة، لكن الآن 90? -تضيف المديرة بالنيابة- من عناصره هم شباب منهم من التحقوا بالفرقة المحترفة والبقية ما يزالون في طور التكوين بعد أن فتحنا التكوين في البالي الوطني الشيء الذي لم يكن موجودا. وقد وصل عدد أعضاء البالي اليوم -حسب محدثتنا - إلى 47 عضوا بما فيهم المشرفون والأساتذة والطلبة وكذا أعضاء الفرقة المحترفة التي بلغ عدد أعضائها 23 عضوا. وعلى ذكر الأساتذة المؤطرين -تشير المتحدثة- أنهم مختصون، منهم من هو مختص في الرقص الكلاسيكي والأكاديمي و(كوريغرافي) خريجو معاهد وآخرون أساتذة بالتجربة في الرقص الفلكلوري والشعبي. أما عن المشاريع المستقبلية أشارت قدوري مباركة إلى أنها تطمح إلى تطوير البالي الوطني الذي كثيرا ما يكون سفيرا للجزائر بالخارج، وذلك أولا من خلال تشكيل فرقتين تابعتين للبالي الوطني عوض فرقة واحدة، لأن البالي الوطني ليس فرقة للرقص الشعبي فقط -تقول المتحدثة- كما كانت في الماضي، لكنها تعنى بكل طبوع الرقص بما فيها العصري، الشعبي، ...وتسعى إلى ترقية الرقص العالمي والوطني. ولتحقيق ذلك تم فتح مسابقات بغرب البلاد بالتعاون مع مديرية الثقافة لولاية وهران واليوم بالذات -تقول المتحدثة- وصلتنا دفعة من الشباب التي ستلتحق بالفرقة من غرب الوطن خاصة من العنصر النسوي الذي كان ناقصا في السابق وما يزال بسبب التحفظ ونظرة المجتمع للرقص، حيث تمكنا من الحصول على سبع راقصات مستعدات للتربص في البالي الوطني للالتحاق بعدها بالفرقة المحترفة. وتعتبر هذه ثالث مسابقة يقوم بها البالي بعد تلك التي فتحها في مارس2008 بالعاصمة والثانية كذلك بالعاصمة وضواحيها شهر أوت من نفس السنة وقد أمكن خلالها انتقاء 13 راقصا خلال عملية أوت من بين 27 إلى 30 مرشحا تقدموا للمشاركة أغلبهم من الشباب، وذلك تحت إشراف لجنة تحكيم عينت من طرف المجلس الفني. أما عن المقاييس الأساسية التي يتم على أساسها اختيار هؤلاء، أشارت المتحدثة أن البالي اليوم يبحث عن النوع لذلك اشترط توفر مستوى تعليمي مقبول لدى المرشحين لأن الراقص هو أيضا ممثل لبلده خارج الحدود بحكم مشاركاته في العديد من التظاهرات الدولية، لاسيما الأسابيع الثقافية -تضيف المديرة - وكذا حد أدنى للسن، بالإضافة إلى الجانب الفيزيولوجي الذي هو مهم بالنسبة للراقص وهي مقاييس معمول بها عالميا. كما سنسعى في مرحلة لاحقة - تقول قدوري- إلى إدراج الجانب النظري في التكوين إلى جانب التطبيقي من خلال تدريس تاريخ الرقص وأنواعه لتكون للراقص ثقافة عامة ومعرفة بالتجارب التي سبقته، حتى يتمكن الراقص من الحديث عن نفسه وعن مهنته، وممكن جدا- تؤكد المتحدثة- أن نشرع مستقبلا في خلق تعاون مع وزارة التكوين المهني حتى تفتح فرعا يعنى بتكوين الرئيسي، وإذا كان هناك طلب ورغبة -حسبها- سيسعى البالي إلى فتح فروع على مستوى مؤسسات التكوين التابعة لوزارة الثقافة، ذلك لأن معاهد التكوين التابعة للوزارة هي معاهد عليا تشترط حصول الطالب على البكالوريا. وفي نفس الإطار كشفت مديرة البالي بالنيابة أن هذا الأخير استدعي للمشاركة في الأسبوع الثقافي بالنيجر بالبرنامج الفلكلوري، كما سيشارك في عيد المرأة الموافق للثامن مارس من كل سنة، وهذه السنة ستكون مشاركة البالي متميزة بفتح نافذة لم تفتح من قبل وهي "المرأة الراقصة" أوراقصة البالي، يتم من خلالها تسليط الضوء على راقصة البالي وإعطائها الفرصة للتحدث عن نفسها عن مشاكلها، وعلى هامش ذلك كشفت المتحدثة بأنه ستكون هناك معارض للصور ومحاضرات. كذلك سيحتفل البالي الوطني هذه السنة حسب مديرته دائما- باليوم العالمي للرقص وذلك بالتعاون مع الفرق الهاوية والمحترفة والتعاونيات المختصة في الرقص العصري على مستوى التراب الوطني، حيث سيتم تقديم كل الإبداعات واللوحات الراقصة الخاصة بهذه الفرق وانتاجاتها لسنة 2008 . البالي الوطني سيكرم أيضا عميد المدرسة الأكاديمية الجزائرية للرقص والمسرح، مصطفى كاتب، من خلال معرض للصور وحفل منظم للبالي الوطني يتم من خلاله إبراز الشيء الذي أسسه مصطفى كاتب في البالي الوطني، بالإضافة إلى عدد من وجوه البالي الوطني الجزائري وذلك بالتنسيق مع وزارة الثقافة -تقول قدوري -. هذا إلى جانب أيام مفتوحة على البالي الوطني من شأنها - تقول المديرة- تقريب المواطن وخاصة الأسرة الجزائرية من هذه المؤسسة، وتغير الصورة المسبقة التي مازالت راسخة في أذهان الكثيرين وتوضح لها أنه عندما ترسل أبنها أوابنتها للبالي الوطني سترسله إلى مدرسة قائمة بذاتها. كما سيتم خلال السنة الجارية - حسب المتحدثة- التحضير لإصدار أول عدد من مجلة البالي الوطني الجزائري.