رفضت السلطات المغربية السماح للمناضلة الحقوقية الصحراوية اميناتو حيدر بالعودة إلى مسقط رأسها في مدينة العيونالمحتلة رغم النداءات الدولية الملحة ورغم التدهور الخطير للوضع الصحي لهذه المناضلة الرمز في كفاح الشعب الصحراوي. وبدلا من اتخاذ قرار جريء وقوي يسمح بإنهاء معاناة هذه السيدة إلا أن الرباط طالبتها بالاعتذار على موقفها الرافض للجنسية المغربية وتصر على أصلها وجنسيتها الصحراوية غير القابلة للاقتسام. وقال خالد الناصري وزير الإعلام المغربي أن "حيدر تعرف الطريق المؤدي إلى المغرب وعليها أن تقر بخطئها وتقديم اعتذارات على تطاولها على رموز الأمة". وأضاف الناصري بعد اجتماع للحكومة المغربية أن تصرفات حيدر لن تأتي بأية نتيجة لأنه لا يمكن أبدا مواصلة المناورات وان الحقيقة هي التي ستنتصر في النهاية". وتدفع تصريحات الناصري إلى طرح تساؤل ما إذا كانت الرباط قد أغلقت الباب أمام عودة المناضلة الصحراوية إلى ذويها أم أن تصريحا كهذا يخفي توترا متزايدا للحكومة المغربية التي فقدت كل بدائل التعاطي مع هذا الموقف وأصبحت تتخبط في مأزق دبلوماسي كبير وخاصة إذا علمنا أن حيدر ترفض فكرة مغربية الصحراء والجنسية المغربية فكيف لها أن تعتذر اليوم. ولو أن المناضلة الصحراوية أقرت بمثل هذا الأمر لما قاست طيلة أربعة أسابيع من هذه التجربة المريرة وخطورتها على حياتها وكانت ستقبل بالأمر الواقع المغربي وهي الآن بين ذويها وليس بين الحياة والموت. وبدلا من مواجهة هذه الحقيقة البائنة للعيان إلا أن الناصري ومعه كل السلطات المغربية تصر على تحميل الجزائر مسؤولية هذه المأساة وهي تدرك أنها لا تقوم إلا بتسويق أزمة داخلية وجعلها قضية إقليمية، بعد أن زعم الناصري أن الجزائر ترفض السماح لمغربيين من العودة إلى ذويهم في المغرب في إشارة إلى اللاجئين الصحراويين في منطقة تندوف. ولكن ما لم يقله الناصري أن هؤلاء ما انفكوا يؤكدون لكل العالم ومبعوثيه أنهم صحراويون وتحملهم ويلات اللجوء والشتات إلا لأنهم يرفضون الاحتلال المغربي وفضلوا هذا الوضع لأكثر من ثلاثة عقود بدلا من العيش تحت قمع الأجهزة الأمنية المغربية. ثم كيف لهؤلاء "المغربيين" أن يعودوا وهم يرون أن نظراءهم في المدن المحتلة يعيشون الويلات من قمع واعتقالات وتكميم للأفواه ومأساة الحقوقيين السبعة لم تنته بعد ومصيرهم مازال بيد محكمة عسكرية لا ترحم وهي عبرة تضاف إلى ما تعانيه اميناتو حيدر وحتى يقتنع الناصري وكل السلطات المغربية أن هؤلاء اللاجئين إنما قبلوا العيش في اللجوء طيلة هذه السنوات بدلا من العيش في سجن مفتوح. ويتأكد مع استمرار معاناة حيدر والموقف المتعنت الذي أبداه الناصري أن الرباط بدأت تفقد مبررات مواصلة رفضها لعودة المناضلة الصحراوية وخاصة وان هذه الأخيرة ماضية في موقفها غير مكترثة بوضعها الصحي وهو مازاد في قلق الرباطومدريد على السواء. وهو ما يفسر انتقال عبد الواحد الراضي وزير العدل المغربي إلى اسبانيا في زيارة فرضها موقف حيدر بعد رياح الأزمة التي بدأت تعصف على علاقات دبلوماسية مهزوزة بين البلدين وخاصة وان الحكومة الاشتراكية لم تخف امتعاضها من الموقف المغربي الذي ورطها في أزمة كانت في غنى عنها. وخابت تحركات مختلف المسؤولين المغربيين في التخلص من هذا المأزق غير المتوقع وخاصة وان رمز النضال السلمي الصحراوي لم تعد تعطي أهمية لوضعها الشخصي بقدر ما اعتبرت أن ما تقوم به انما يهدف إلى كسب تعاطف كل الشعوب الحرة والمدافعين عن حقوق الإنسان لحماية حقوق شعب الصحراء الغربية. واستغل الرئيس الصحراوي مناسبة اليوم العالمي لحقوق الانسان للفت انتباه الأمين العام الاممي بان كي مون من اجل القيام بتدخل "عاجل" لإنقاذ حياة الناشطة الصحراوية، مستنكرا "الجريمة النكراء" التي ترتكبها السلطات المغربية في حق سيدة شهد لها العالم بنضالها السلمي الحضاري. وقال الرئيس الصحراوي في رسالة بعث بها إلى الأمين العام الاممي أن "سلوك المملكة المغربية تجاه مواطنة من إقليم تابع للأمم المتحدة يعد سابقة خطيرة تستوجب الرد والتدخل العاجل ليس فقط لإنقاذ حياة هذه الأم التي حرمت من طفليها ولكن أيضا لوضع الأمور في نصابها"، معربا عن استغرابه لعدم تحرك المجتمع الدولي لإنقاذ أميناتو حيدر. وجاء نداء الاستغاثة الذي وجهه الرئيس الصحراوي في نفس اليوم الذي طالب فيه الاتحاد الأوروبي من السلطات المغربية باحترام تعهداته الدولية في مجال حقوق الإنسان والتعاون مع مدريد لإنهاء قضية الحقوقية الصحراوية اميناتو حيدر في نفس الوقت الذي عبر فيه عن انشغاله الكبير أمام تدهور الوضع الصحي للمناضلة الصحراوية.