أوضح وزير الدولة وزير الداخلية والجماعات المحلية السيد نور الدين يزيد زرهوني أن إجراءات منح التأشيرة للجزائريين من قبل الشركاء الأوروبيين، لا ترقى إلى مستوى الهدف الرئيسي المحدد في إطار حوار 5 زائد 5 والمتمثل في إنشاء فضاء مشترك لرفاه شعوب المنطقة، معتبرا من جانب آخر بأن النقاش الدائر حول حظر المآذن بسويسرا أدى إلى حدوث انزلاقات، قد تغذي الفكر المتطرف وتحدث شرخا في حوار الحضارات والأديان. واعتبر الوزير لدى استضافته صبيحة أمس في حصة "ضيف التحرير للقناة الإذاعية الثالثة" أن الاستفتاء الذي نظم في نهاية الشهر الماضي في سويسرا حول حظر بناء المآذن لا يحمل أية أهمية، متسائلا عن جدوى حظر بناء المآذن وما الضرر الذي يمكن أن تحمله منارة مسجد لمجتمع ما أكبر من ضرر قبة جرس كنيسة". وحذر السيد زرهوني من أن يؤدي النقاش الجاري في فرنسا حول الهوية الوطنية، إلى تغذية الفكر المتطرف ويعطي للمتطرفين مبررات للصعود إلى الواجهة، وأشار في هذا الصدد إلى بروز انحرافات لفظية وعملية خطيرة في هذا المجال شملت عمليات تخريب مقابر المسلمين وتخريب لمقابر اليهود، إلى جانب أعمال تخريب لمساجد ولمعابد يهودية، معتبرا هذه الأعمال بمثابة "جينات" لوضعية خطيرة يخشى من انحرافها. وأشار السيد زرهوني إلى أن الأفكار السيئة عن الإسلام وتفاقم ظاهرة الاسلاموفوبيا من شأنها تعقيد مهمة مكافحة الإرهاب، بسبب القناعات التي سيتحجج بها المتطرفون في الدول الإسلامية ويسعون إلى التأثير بها على "أصحاب الأرواح الضعيفة"، مذكرا بدعوته خلال الدورة ال14 لندوة وزراء داخلية دول غرب المتوسط التي احتضنتها مدينة البندقية الايطالية نهاية نوفمبر الماضي إلى ضرورة معالجة النواة الإيديولوجية للإرهاب في إطار محاربة هذه الظاهرة. وفي حين ندد في هذا الإطار بالتصريحات الممجدة للخصوصيات الأوروبية والتي تغذي المتطرفين الدينيين والثقافيين، أشار الوزير إلى أن الانسياق وراء تعاليق تشجع معاداة الإسلام يعطي مبررات لأولئك الذين يستعملون الإسلام لتبرير أعمال العنف، مؤكدا بأن هؤلاء في الحقيقة هم أبعد من أن يمثلوا الإسلام الذي يعتبر دين تسامح، دين مكن المرأة من أن ترتقي إلى أعلى المستويات وذلك قبل مثيلاتها في الغرب. وفي سياق متصل تطرق السيد زرهوني إلى موقع الجزائر من هذا النقاش الخطير، معتبرا بأنها لا تملك أية عقدة في هذا المجال بالنظر إلى تنوع إرثها التاريخي والحضاري، والذي جعل منها فضاء لمختلف الحضارات والثقافات التي التقت على أرضها على مر العصور، مشيرا بالمناسبة إلى استقبال العائلات الجزائرية لعائلات يهودية ومسيحية لجأت إلى الجزائر إبان الحرب العالمية الثانية هروبا من اضطهاد النازية لها. على صعيد آخر اعتبر السيد نور الدين زرهوني أن التسهيلات الممنوحة للجزائريين في إطار إجراءات تنقل الأشخاص في الفضاء المتوسطي لا زالت لم ترق إلى مستوى الهدف المنشود من الحوار بين ضفتي غرب المتوسط، موضحا بأن التصور المراد إعطاؤه لهذا الفضاء من أجل رفاه وازدهار كل شعوب المنطقة، يكاد يكون مثاليا بالنظر إلى ما يقدم في الميدان، ولا سيما في مجال منح التأشيرات وضمان حرية تنقل الأفراد. وفي هذا الصدد ذكر وزير الدولة بدعوة الجزائر إلى ضرورة تناول هذه المسألة من ثلاث زوايا وإشكاليات مختلفة تتعلق الأولى بتنقل الأشخاص بطريقة قانونية، والثانية بتنقلهم لغرض العمل بينما تتعلق الإشكالية الثالثة بالهجرة الشرعية، مؤكدا في هذا الشأن تحمل الحكومة الجزائرية لكل مسؤولياتها لاستقبال رعاياها المرحلين، مع الحرص على ضمان مبدأ احترام حقوقهم وكرامتهم، وتساءل الوزير في الأخير كيف يمكن لنا ان ننشئ فضاء مشتركا للديمقراطية والرفاه، بينما لا يملك مواطنو هذا الفضاء الحرية الكاملة في التنقل.