اختار خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الرياض التي استنجد بسلطاتها بعد أن أبدى امتعاضا غير معلن من وثيقة المصالحة المصرية في وقت حلّ غريمه السياسي رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بالقاهرة للتباحث مع سلطاتها حول آخر التطورات التي عرفتها المنطقة في المدة الأخيرة. وإذا كان خالد مشعل قد ثمّن الجهود المصرية التي بذلها مدير مخابراتها قبل عام من أجل بعث الحوار الفلسطيني-الفلسطيني إلا انه لم يخف تحفظاته على الوثيقة المصرية التي عرضت على حركته من اجل التوقيع على اتفاق المصالحة الفلسطينية تمهيدا لإجراء انتخابات عامة ورئاسية في الأراضي الفلسطينية. وكان مشعل حل بالعاصمة السعودية حيث التقى بوزير الخارجية سعود الفيصل وتباحث معه إمكانية تفعيل الدور السعودي وخاصة بنود اتفاق مكّة الذي كاد أن يحقق المصالحة المفقودة. وقال مشعل بعد محادثاته مع رئيس الدبلوماسية السعودي بضرورة توضيح بعض النقاط الخلافية التي جاءت في مسودّة وثيقة المصالحة المصرية قبل التوقيع عليها. وإذا كان خالد مشعل لم يحدّد طبيعة هذه النقاط الخلافية إلاّ أن مصادر على صلة بملف التقارب الفلسطيني-الفلسطيني أكدت أن حركة حماس لم تهضم فكرة وضع الأجهزة الأمنية تحت سلطة حركة فتح وتدعيم تواجدها وهو الأمر الذي أخّر مرة أخرى التوقيع على وثيقة المصالحة. يذكر أن المسائل الأمينة في الضفة الغربية وخاصة في قطاع غزة هي التي كانت السبب المباشر في انقطاع حبل الود بين حركتي حماس وفتح وأدّى إلى قطيعة نهائية فيما عرف بأحداث 14 جوان 2007 التي قامت خلالها حركة حماس بالسيطرة على مقرات الأجهزة الأمنية وطرد أعوان حركة فتح في عملية وصفتها هذه الأخيرة بالانقلاب على الشرعية. ويؤكد تحرك حركة حماس باتجاه الرياض أن هذه الأخيرة لم تعد تثق في دور الوساطة المصرية التي تتّهمها بالانحياز إلى مواقف حركة فتح قبل أن يدخل الجدار الفولاذي المصري على حدود قطاع غزة ليزيد في ضبابية العلاقة بين الجانبين وتفضيل حركة المقاومة الإسلامية لدور الوسيط الألماني في قضية تبادل الأسرى بالجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط. وكانت مصر منذ أسابيع محطة لزيارات عدد من المسؤولين الإسرائيليين وزيارات مصرية إلى إسرائيل بهدف تحريك عملية السلام المتعثرة بسبب قرارات الحكومة الإسرائيلية الرافضة لوقف الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة في القدس كما في الضفة الغربية. وعلى هذا الأساس حل أمس الرئيس محمود عباس بالقاهرة حيث استعرض مع الرئيس حسني مبارك نتائج المحادثات التي أجراها هذا الأخير مع الوزير الأول الإسرائيلي الأسبوع الماضي وعرض الموقف الفلسطيني عشية الزيارة التي يعتزم وزير الخارجية المصري احمد أبو الغيط القيام بها إلى واشنطن لاطلاع الإدارة الأمريكية بآخر مستجدات الوضع العام في الأراضي الفلسطينية. وتراهن الإدارة الأمريكية على الدور المصري من أجل إقناع السلطة الفلسطينية بالجلوس إلى طاولة المفاوضات من جديد وهو الأمر الذي ترفضه هذه الأخيرة بدعوى أن الأجواء الحالية لا تساعد على الجلوس إلى جنب المفاوضين الإسرائيليين في وقت ترفض فيه الحكومة الإسرائيلية وقف الاستيطان وابتلاعها لمزيد من الأراضي الفلسطينية.