لواندا ورشة مفتوحة، خدمات النقل والفندقة متدنية والغلاء فاحش بالرغم من اهمية الحدث الذي تتأهب له دولة انغولا والمتمثل في نهائيات كأس افريقيا للأمم لكرة القدم في طبعتها السابعة والعشرين، إلا أن الزائر لهذا البلد قبل يومين من انطلاق هذه الدورة، لا شىء يوحي له بأن عاصمة البلد جاهزة لتكون عاصمة كروية للافارقة. وإذا استثنينا انتهاء الاشغال بالملاعب الاربعة التي ستحتضن الحدث والتي أصبحت جاهزة، فإن ما يلاحظ في محيط هذه المرافق هو أن الاشغال لا ولن تنتهي على الاطلاق، إذ أن الطرقات ما زالت في حاجة الى تهيئة وهو ما نلمسه من خلال الأشغال الجارية في كل الطرق المؤدية إلى ملعب العاصمة لواندا. كما أن غياب الاشهار للدورة يوحي بأن الانغوليين مازالوا بعيدين عن هذا الحدث الكروي القاري أو هم غير مكترثين به على الاطلاق، وكأني بهم في انتظار اللحظات الاخيرة ليتزينوا أو يغيروا مظهر عاصمتهم - لواندا- التي لا نلمس لها جمالا إلا من خلال واجهة البحر التي تعفي زائرها من التفكير في خوض مغامرة التوغل في متاهات مدينة كبيرة يقف حاجز اللغة امامك لمعرفة اسرارها اوالخروج منها دون ان ينال منك التعب.
لواندا تضيق بضيوفها
والملاحظ ايضا أن العاصمة لواندا قد بدأت تشعر بالضيق وهي تبدو غير قادرة إطلاقا على الوفاء بالتزاماتها في توفير سبل الراحة لضيوفها من القارة الافريقية ومن القارات الاخرى، حيث يرتقب ان ينزل بها اكثر من الفي صحفي من مختلف الدول الافريقية ومن القارة العجوز وحتى من آسيا وامريكا اللاتينية وأستراليا، فضلا عن المنتخبات المعنية بالدورة وكذا جماهيرها الكبيرة التي بدأت تتدفق بالآلاف على المدن المعنية بتنظيم المباريات، حيث اصطدم الكثير منهم بواقع مر يترجمه سوء الاستقبال من جهة وضعف هياكل الاستقبال والايواء اوالاطعام اوالنقل اوالاتصالات وغير ذلك من المستلزمات التي يتطلبها حدث كبير في حجم دورة كأس افريقيا التي يشبهها النقاد بالمونديال الذي لا ينقصه إلا بعض العمالقة من حارج القارة. وفي هذا الصدد؛ طرح مشكل الايواء بحدة على المنظمين في ظل محدودية المرافق بل وفي ضعف لخدمات المقدمة، إذ أن شبكة الفنادق الموجودة من الدرجتين الثانية وتكاليف الاقامة بها باهضة، كما أن طاقة استيعابها ضعيفة. وقد تساءل اغلب الذين حلوا بهذا البلد عن سر اختيار الاتحاد الافريقي لكرة القدم أنغولا لتنظيم حدث قاري بهذا الحجم، غير أنه لا احد بإمكانه الاجابة عن هذا السؤال، وإذا صادفت من يحدثك عن التنظيم، فهو لا يتوانى في تطمينك بأن الدورة لم تنطلق بعد وأن انغولا قادرة على انجاح الدورة بالرغم من ان الواقع على الارض يؤكد غير ذلك. كما يشكل مشكل المواصلات هاجسا كبيرا لكل من تنقل لمتابعة الدورة في ظل افتقار هذا البلد الى حظيرة بإمكانها أن تعطي الانطباع على ان انغولا قادرة على توفير النقل بدون عناء لضيوفها، فعدد الحافلات التي تجوب شوارع لوانندا قليل وسيارات الاجرة تسأل عنها ولا تجدها وعلى من تعذر عليه التنقل براحة ان يبحث عن سيارات "الكلونديستان" فهي متوفرة بكثرة لكن بتسعيرة تلهب الجيوب. ويقول العديد من الافارقة بأن الانغوليين قد وجدوا فرصتهم في هذا الحدث لرفع الاسعار وأن هذا الغلاء لا يقتصر على التسعيرة التي فرضها مثلا اصحاب سيارات الكولونديستان، بل انك تلمسه في الفندق وفي المطعم وحتى عند باعة الرصيف وفي كل مكان تقصده. وهكذا ومع بدء توافد المنتخبات الافريقية المشاركة وتدفق الانصار من كل حدب وصوب وخاصة من البلدان المجاورة المتأهلة منتخباتها للدورة اشتغلت البورصة وباتت الحياة لا تطاق حتى بالنسبة للمواطن الانغولي الذي بدأ هو الآخر يحس بثقل تكلفة الحياة ولو لأسابيع معدودة، حيث أضحى هو الآخر عاجزا عن ايجاد سيارة توصله لمقر عمله اوإقامته بالتسعيرة التي اعتاد دفعها كما بدأ يحس بضيق المكان في الحافلة التي اعتاد التنقل بواسطتها او في المطعم الذي كان يفضله لتناول الغداء اوالعشاء .. لقد تغير كل شيء، لأن الانغوليين الذين يتحكمون في التجارة وفي الخدمات، باتوا يفكرون بعقلية المناسبات وليس هناك افضل من هذا الحدث الذي سيواكبه من داخل البلد الالاف من الانصار والضيوف الذين يتوافدون على المدن الأنغولية الأربعة المعنية بتنظيم الدورة الافريقية، لتحقيق الربح المنشود، طالما ان هذا الحدث لن يتكرر مرة أخرى او على الاقل في الأجل القريب.
الحرارة مزعجة للجميع
والملاحظ أن الزائر لأنغولا في هذا الوقت بالذات من السنة فهو بلا شك يصطدم بعامل ارتفاع نسبة الرطوبة وكذا الحرارة التي تتراوح ما بين 30 و33 درجة نهارا ولا تنخفض كثيرا بالليل. ويبدو أن الوافدين من دول شمال افريقيا كالجزائر ومصر وتونس هم اكثر المتأثرين بالعوامل المناخية الصعبة، لأن الانتقال من بيئة الى اخرى يتطلب الكثير من الوقت للتكيف، وهذا ما لمسناه منذ الوهلة الاولى لمجيئنا لهذا البلد. كما أن هذا العامل سيكون له تأثيره السلبي ربما على صعيد المنافسة بالنسبة للاعبين في المنتخبات العربية المتأهلة، خاصة بالنسبة للمنتخب الجزائري الذي تدرب في جنوبفرنسا، حيث هناك فرق شاسع بين مناخ مرسيليا ولواندا، ولو أن المنتخبين العربيين الآخرين مصر وتونس سيعانيان ايضا، باعتبار ان المنتخب المصري الذي اجرى آخر تربص له بالامارات العربية المتحدة لم يحضر أيضا في مناخ دافئ لأن مناخ هذا البلد العربي يمتاز في هذه الفترة من السنة بالبرودة، ونفس الشيء بالنسبة للمنتخب التونسي الذي لم يغادر تونس إلا يوم امس الجمعة. تلك هي ملاحظات اولية عن هذا البلد الافريقي الذي تحمّل عبء تنظيم واحدة من اكبر الدورات الافريقية في كرة القدم في وجود اكبر منتخبات القارة السمراء وفي ظل مجيء اكبر نجوم القارة ممن يصنعون امجاد اكبر الاندية الاوروبية وينشطون في اقوى البطولات كالليغا الاسباني والبوندسليغا والبطولة الانجليزية وكذا البطولة الفرنسية، حيث سيحضر من هذه الاخيرة اكثر من 80 لاعبا ، فضلا عن وجود دروغبا وايتووايسيان وايديبايور، إلى جانب الجزائريين كريم زياني ولاعب اسكتلنديا مجيد بوقرة وصاحب رصاصة الرحمة عنتر يحيى الذي يعد احسن لاعب عربي للسنة، فضلا عن نجوم مصر، ولو أن غياب محمد ابوتريكة سيكون من الغيابات البارزة والتي لم يتمنها احد من المهتمين بالشأن الكروي الافريقي.