أكد سفير إسبانيابالجزائر السيد غبريال بوسكتس أن رئاسة بلاده للاتحاد الأوروبي ستكون فرصة أخرى لتعميق التعاون مع الجزائر ليس في المجال الاقتصادي فقط ولكن في جميع الميادين، ومن جهة أخرى أوضح أن بلاده لن ترضخ لمطالب الإرهابيين فيما يتعلق بدفع الفدية لإطلاق سراح رعاياها المختطفين وأنها تدعم مبادرة الجزائر لتجريم دفع الفدية. وقال السيد بوسكتس أمس في ندوة نشطها أمس بالمركز الإعلامي للمجاهد اليومي أن الجزائر تعد شريكا استراتيجيا ليس لإسبانيا فقط بل للاتحاد الأوروبي ليس بالنظر إلى العلاقات الاقتصادية بين الجانبين، ولكن لعدة اعتبارات أخرى تتعلق بالتعاون المشترك سواء السياسي أو الأمني أو الثقافي أو في إطار التكتلات الإقليمية منها على وجه الخصوص الفضاء المتوسطي. ويأمل السيد بوسكتس أن تكون لرئاسة بلاده للاتحاد الأوروبي دورا في إعادة إنعاش اتفاق الشراكة مع الجزائر الموقع في برشلونة سنة 2002، وتعزيز التعاون القائم من خلال دعم الحوار في المجال الطاقوي والتطرق إلى الملف من جميع الزوايا، خاصة وأن الجزائر تعد ثالث ممون لأوروبا بالغاز بنسبة 19 بالمئة، وتوقع أن تساهم مشاريع "ميد غاز" الذي يربط الجزائر بالسواحل الإسبانية و"غالسي" الرابط بين الجزائر وإيطاليا وكذا أنبوب النفط العابر للصحراء في دعم هذا التعاون، وقال في هذا الصدد "نأمل أن يتطور الحوار مع الجزائر في جميع الميادين على نحو يسمح بفتح آفاق تحقيق تقدم أكبر". وتحدث عن الأهمية التي يوليها الاتحاد الأوروبي لموضوع الطاقة، وذكر بأن الجزائر ممون يمكن الاعتماد عليه كثيرا بالنظر إلى الثقة التي تميز العلاقات بين الطرفين. أما بالنسبة للعلاقات الجزائرية -الإسبانية فأوضح السيد بوسكتس أن مدريدوالجزائر تربطهما علاقات متميزة بلغت مستوى "التعاون الاستراتيجي" وهو الشيء الذي مكن إسبانيا من أن تصبح في السنوات القليلة الماضية أول مستثمر في الجزائر بحساب قطاع المحروقات والثانية في حال تم استثناء هذا القطاع. وكان ملف تنقل الأشخاص الموضوع الأبرز في النقاش خلال ندوة أمس حيث واجه السفير الإسباني سيلا من الأسئلة تتعلق بتسهيل عملية تنقل الجزائريين نحو أوروبا وإسبانيا بشكل خاص، وذكر بالخصوص بأن هذه المسألة غير متصلة فقط بمنح تأشيرة الدخول إلى التراب الإسباني بل تعني أيضا وبالدرجة الأولى وضعية ال55 ألف جزائري المقيم باسبانيا بطريقة قانونية، وأوضح أن الجزائروإسبانيا تعملان سويا من أجل تمكين هذه الجالية من العيش في ظروف مناسبة. أما فيما يخص مسألة منح التأشيرة للجزائريين فقد أعلن عن مفاوضات بين البلدين لإيجاد صيغ تضفي المرونة على العملية، غير أنه شدد في هذا السياق على ضرورة توضيح المراد من الحصول على التأشيرة، مؤكدا رفض بلاده جعل "الفيزا" فرصة للهجرة غير الشرعية. وفي رده على سؤال يتعلق بموقف مدريد من المبادرة الجزائرية بتجريم دفع الفدية للإرهابيين قال السفير الاسباني بالجزائر أن بلاده لن تدفع أية فدية لخاطفي الرعايا الإسبان وأنها ستلتزم في هذا الشأن بنص اللائحة الأممية 1904 التي تجرم منح الفدية. وأضاف أن إسبانيا لن ترضخ لمطالب العناصر الإرهابية التابعة للتنظيم المسمى "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" وأن مسألة دفع الفدية أمر "غير وارد تماما". وأشار إلى أن إسبانيا تدعم الموقف الجزائري في هذا الشأن وأنها ستلتزم بمضمون اللائحة الأممية المصادق عليها في مجلس الأمن مؤخرا. وأضاف أن البيان المشترك الصادر عن أشغال الاجتماع رفيع المستوى بين البلدين المنعقد في 7 جانفي الماضي بمناسبة زيارة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى مدريد أشار إلى هذه المسألة بوضوح. وكان الطرفان عبرا حينها عن "ارتياحهما لمصادقة مجلس الأمن الأممي على اللائحة 1904 التي تعزز الأحكام المتضمنة في اللوائح 1373 حول تمويل الإرهاب ومكافحته و1267 حول تمويل نشاطات المجموعات الإرهابية". وأضاف في الموضوع قائلا "لا أستطيع تقديم تفاصيل إضافية حول الموضوع ولكن موقفنا واضح في هذا الشأن". وكانت عناصر إرهابية اختطفت شهر نوفمبر الماضي ثلاثة رعايا إسبان في الحدود الموريتانية المالية، وطالبت الحكومة الإسبانية بدفع فدية مقابل إخلاء سبيلهم. ومن جهة أخرى ومن منطلق أن إسبانيا هي الرئيسة الدورية للاتحاد الأوروبي نفى السفير بوسكتس أن يكون الاتحاد يقوم بتحركات في منطقة الساحل دون استشارة دول المنطقة فيما يخص مواجهة التصعيد الإرهابي في المنطقة، وذكر أن لقاء طوليدو بإسبانيا حول التهديد الإرهابي في منطقة الساحل المقرر قريبا سيعقد بالتنسيق مع دول المنطقة. وأكد أن الاتحاد الأوروبي ليس قوة استعمارية تريد فرض منطقها في الميدان بل هناك وضع أمني يدعو للقلق ويتعين العمل بالتنسيق مع دول المنطقة على إيجاد حلول لكل المشاكل المطروحة عبر وضع آليات قادرة على استئصال الخطر الإرهابي. وأضاف أن دول الاتحاد الأوروبي لم تكن لتتحرك لو لم تتلق نداءات من دول المنطقة، وتحدث عن حوار في هذا الشأن تم مباشرته منذ مدة دون أن يكشف عن تفاصيله. وعبر الدبلوماسي الإسباني عن أمله في أن لا يشكل هذا التحرك الأوروبي مصدر قلق لدول المنطقة وقال "أتمنى أن لا تكون هناك حالة تردد من دول المنطقة، لأننا نبحث عن خلق أجواء الثقة بيننا لتحقيق أهداف مشتركة".