يبدو ان الهدوء السمة البارزة على مدينة بانغيلا قبل ساعات معدودة من احتضانها مباراة الجزائر - مصر، فوحدها الملصقات الخاصة بالإتحاد الأفريقي لكرة القدم واللجنة المنظمة للعرس القاري توحي بأن هذه المدينة الواقعة على بعد 420 كلم جنوب العاصمة لواندا تستضيف مباريات نهائيات النسخة ال27 للكأس القارية، كون أغلب منتخبات المجموعة الثالثة تركت المدينة لخروجها خالية الوفاض من الدورة وهي الموزمبيق والبنين والكاميرون، بالإضافة إلى نيجيريا التي اضطرت إلى السفر إلى لوبانغو لخوض مباراة ربع النهائي أمام زامبيا حيث نجحت في الفوز بالضربات الترجيحية. واقتصر التواجد في بانغيلا على منتخبي الفراعنة الذين يقيمون في المدينة منذ بداية المنافسة، و"محاربي الصحراء" الذين وصلوها عشية الاثنين في انتظار المواجهة الساخنة بين المنتخبين مساء اليوم والتي ستعيد إلى الاذهان المباراتين التاريخيتين بينهما في نوفمبرالماضي سواء في القاهرة عندما فازت مصر 2 -0 أو في السودان عندما انتصرت الجزائر في المباراة الفاصلة بهدف وحجزت مقعدها في المونديال للمرة الأولى منذ عام 1986 والثالثة بعد عام 1982، وقتها حرص البلدان على تسهيل مهمة جماهيرهم للحضور بكثافة إلى ملعب أم درمان، غير أن الأمور مختلفة تماما في أنغولا عموما وبانغيلا على وجه الخصوص لأن مشجعي الفريقين لن يأتوا بكثافة بسبب غلاء المعيشة وتكلفة تذاكر السفر وكذلك الإقامة إلى جانب غياب البنى التحتية الكافية لاستقبال ضيوفها. وفي خطوة تستحق التنويه قامت مجموعة من الصحافيين المصريين بمساعدة بعض نظرائهم الجزائريين في إيجاد أماكن للإقامة في بانغيلا، وقال أحدهم لوكالة الانباء الفرنسية: "نحن أشقاء ورفاق الدرب، مهمتنا واحدة وهي نقل كل كبيرة وصغيرة عن منتخباتنا ولكن في إطار الاحترافية والمصداقية. نحن متأكدون بأننا كنا سنلقى المساندة ذاتها من الصحافيين الجزائريين. طوينا صفحة الماضي ويجب أن نحرص على صفاء العلاقة في المستقبل". ويبدو أن جماهير البلدين أيضا تعلمت الدرس وحرص كل طرف على عدم الخوض فيما سبق والتركيز على المواجهة التي ستمكن منتخبا عربيا من التأهل للمباراة النهائية وبالتالي ارتفاع الحظوظ في بقاء الكأس في خزائن أحدهما بعدما توجت به تونس عام 2004 ومصر عامي 2006 و2008. وقال كريم الهداجي أحد الفائزين الستة بتذاكر السفر إلى أنغولا وحضور العرس القاري في مسابقة إحدى الشركات الراعية ل"الخضر" في تصريح لوكالة الانباء الفرنسية: "لا أعتقد أن تكون هناك مواجهات بين جماهير البلدين هنا في بانغيلا، ما حدث في القاهرةوأم درمان كان استثنائيا بسبب الحملات الهوجاء التي شنتها بعض وسائل الإعلام، لقد هدأت الأمور الآن وفكر الجميع في عواقب ما حصل وأنا متأكد من أن المشهد لن يتكرر هنا في بانغيلا". وأوضح صديقه سفيان دزاز قائلا: "سنشجع منتخب بلادنا حتى نهاية المباراة ولن نتوانى في ذلك لكن في ظل الطرق المشروعة وفي إطار الروح الرياضية، فنحن بلدان شقيقان وتجمعنا راوبط الأخوة والدين والحضارة". من جهته، قال المواطن المصري محمد إبراهيم: "نحن شعب مسالم وسنبقى كذلك. سنشجع مصر الخميس وسنصفق للمنتخب المتأهل". ويعتقد الملاحظون أن الهدوء سيبقى سائدا في بانغيلا حتى يوم المباراة، لأن وصول مشجعي المنتخبين لن يكون سوى يوم المباراة بعدما تأكد أن طائرتين ستقلان المشجعين الجزائريين إلى أنغولا يوم المباراة وسيعودون مباشرة إلى الجزائر عقب انتهائها، والأمر ذاته بالنسبة للمصريين الذين حددوا مجموعة من المشجعين التابعين للجمعيات المشجعة للأندية في مصر حتى يضمنوا تواجد "جمهور حضاري يعي المسؤولية ويقوم بدوره كمساند لا كمخرب"، حسب مسؤول في الاتحادية المصرية لكرة القدم. من جهته، قال رئيس الفاف محمد روراوة: "لن نكترث بما يكتب أو يقال، سنركز على المواجهة في إطارها الرياضي فقط لأنها مصيرية بالنسبة للطرفين والفائز فيها سيخطو خطوة كبيرة نحو اللقب". وحرصا منها على تفادي أي أحداث شغب قبل وعقب المباراة، أكدت السلطات الأمنية الأنغولية أنها ستتخذ جميع التدابير اللازمة لتفادي أي حادث وضمان أمن وسلامة مشجعي منتخبي البلدين وكل من سيحضر المقابلة.