ينتظر أن تساهم وزارة السكن والعمران من خلال انجازها مشروع ال600 وحدة سكنية ذات الفعالية الطاقوية المرتفعة في تعميم ثقافة اقتصاد الطاقة في أوساط العائلات الجزائرية، مع كل ما يمثله هذا المشروع النموذجي من فوائد اقتصادية وصحية وبيئية تعود منافعها على قاطني هذه السكنات بشكل مباشر وعلى المنظومة الوطنية برمتها التي تستفيد من إيجابيات مثل هذه المشاريع سواء على الصعيد الاقتصادي أو على الصعيد العلمي والتكنولوجي. فمن بين الأهداف المباشرة المتوخاة لهذا المشروع النموذجي الذي وقعت وزارة السكن والعمران اتفاقية انجازه مع وزارة الطاقة والمناجم في 14 ماي الماضي، بلوغ مستوى اقتصاد الطاقة المحدد وفق المواصفات الدولية لهذه المشاريع نسبة 40 بالمائة، ومرافقة هذا المكسب الذي تنعكس نتائجه الإيجابية على مختلف مجالات الحياة ولا سيما البيئية منها، حيث يرتقب أن تساهم عملية اقتصاد الطاقة في المساكن في تقليص 40 طنا من الغازات الملوثة للمحيط، بحملات توعية واسعة النطاق لحمل المواطن على تغيير سلوكاته السلبية المتمثلة في الإسراف في استعمال الطاقة من خلال الاستخدام المفرط لمختلف التجهيزات الكهرومنزلية. مع الإشارة إلى أن قطاع السكن والعمران الذي يستهلك نحو 45 بالمائة من الطاقة المستغلة على المستوى الوطني، يعتمد على تقنيات حديثة في انجاز السكنات ذات الفعالية الطاقوية المرتفعة، تسهم في اقتصاد مباشر للطاقة المستعملة في مجالات التدفئة والتبريد والإنارة والتهوية، وهو ما يقلص في استعمال أجهزة التكييف والمدفئات الرئيسية وسخانات المياه والمروحات والمصابيح المستهلكة بشكل كبير للطاقة الكهربائية، فيما يبقى الحرص على تقليص ما يكلفه استعمال التجهيزات الكهرومنزلية، من مسؤولية قطاعات اقتصادية أخرى على غرار قطاعي التجارة والصناعة، علاوة على المواطن في حد ذاته. ويرتقب حسب الجهات المشرفة على المشروع النموذجي أن تبدأ نسبة اقتصاد الطاقة في هذه السكنات المقرر تسليمها في 2011، بحوالي 20 أو 30 بالمائة، على أن تصل إلى مستوى 40 بالمائة في الأعوام القليلة التي تلي عملية التسليم، فيما لا تتعدى التكلفة الإضافية لهذه السكنات الجديدة ال15 بالمائة من التكلفة الاعتيادية للسكنات التقليدية، حيث تقدر هذه التكلفة الإضافية بنحو 32 مليون سنتيم، يتم تمويلها من موارد الصندوق الوطني للتحكم في الطاقة الذي أنشئ بموجب المرسوم التنفيذي 200 / 116 المؤرخ في 29 ماي 2000 والمحدد لكيفيات تسيير حساب التخصيص الخاص رقم 302 / 101 وعنوانه الصندوق الوطني للتحكم في الطاقة. كما تندرج فكرة تجسيد مشروع السكنات ذات الفعالية الطاقوية المرتفعة في إطار تطبيق القانون 99 / 09 المؤرخ في 28 جويلية 1999 المتعلق بالتحكم في الطاقة، والمرسوم التنفيذي 2000 / 90 المؤرخ في 24 أفريل 2000 المتضمن التنظيم الحراري في البنايات الجديدة، علاوة على المرسوم التنفيذي رقم 04 / 149 المؤرخ في 19 ماي 2004 المحدد لكيفيات إعداد البرنامج الوطني للتحكم في الطاقة. وقد تعمدت وزارة السكن والعمران اختيار11ولاية تتميز بخصوصيات مناخية محلية وطبيعية، حتى تتمكن في المدى القريب من وضع استراتيجيات تصميمية تستغل العوامل المناخية المحلية المتوفرة بصفة محكمة وعملية، وتتوزع هذه السكنات على 11 موقعا عبر التراب الوطني تضم 32 مسكنا بالاغواط، 30 مسكنا ببشار، 80 مسكنا بالبليدة، 30 مسكنا بتمنراست، 50 مسكنا بحسين داي بالعاصمة، 80 مسكنا بالجلفة، 54 مسكنا بسطيف، 50 مسكنا بسكيكدة، 82 مسكنا بمستغانم، 80 مسكنا بوهران و32 مسكن بالوادي. ويهدف هذا المشروع النموذجي من خلال استهدافه شريحة واسعة ومختلفة التصاميم إلى تحسين الخصائص الحرارية للغلاف الخارجي للمباني والوصول إلى تلك التي تحسن الحالة الحرارية الداخلية للمسكن عبر عمليات مبسطة وحلول بسيطة ومحددة تشمل بالأساس، كيفية تصميم وإنجاز الغلاف الخارجي للسكن بغرض تحقيق الراحة الحرارية، استغلال الحرارة من المحيط الخارجي للسكن خلال فصل الشتاء والحد من التعرض للحرارة الناجمة من اشعة الشمس في فصل الصيف، تفادي الجسور الحرارية من خلال وضع العوازل والزوايا المتشابكة بين الاعمدة والجدران، عزل أشغال النجارة ومكونات الزجاج، عزل السقوف واستغلال التهوية الطبيعية.. وتجدر الإشارة إلى انه بالتزامن مع تجسيد المشروع النموذجي المتضمن انشاء 600 وحدة سكنية ذات الفعالية الطاقوية المرتفعة، والذي يعد الأول من نوعه في الجزائر، فإن قطاع السكن يبني إستراتيجيته لتحسين نوعية الإنجاز وتطوير الجودة ولا سيما خلال البرنامج الرئاسي 2010 - 2014، بمراعاة معيار اقتصاد الطاقة في البناء، وخاصة من خلال التصاميم واستغلال المناخ واستخدام مواد بناء ملائمة لتحقيق هذه الغاية، المندمجة في البرنامج الوطني للتحكم في الطاقة الذي يراعي مبدأ تعميم استخدام الطاقات المتجددة من أجل حياة مستديمة.