أصبحت المشاكل المادية عنصرا هاما من عناصر الخلاف بين الأزواج في وقتنا الراهن، فالتغيرات الطارئة في بنيان الأسرة الجزائرية وكذا في دور المرأة جعل المسائل المادية والمالية تطفو على السطح، لاسيما عند نشوء أي خلاف بين الزوجين، وقد يمتد الأمر إلى العائلتين، فالمرأة اليوم لم تعد الزوجة المعتمدة أساسا على زوجها من الناحية المالية بعد أن دخلت الميدان المهني بقوة، كما أن عدم قدرة الرجل في أغلب الأحيان على تأمين حياة كريمة لأسرته بأجره، يجعله يستعين بمدخول الزوجة، وهو ماقد يكون وراء نشوب العديد من الخلافات. ما يجهله الأزواج حاليا هو إمكانية توضيح الأمور وتقنينها عن طريق عقد الزواج تجنبا لأي سوء تفاهم مستقبلي، وتجنبا للوصول إلى المحاكم من أجل حل أي إشكال قائم، ولهذا دأب العديد من القانونيين والمختصين في علم الاجتماع لتنظيم لقاءات وندوات عبر العديد من ولايات الوطن لشرح الإجراءات الجديدة التي جاء بها قانون الأسرة المعدل في 2005 بهذا الشأن، وكان آخر لقاء ذلك الذي عقد مؤخرا بجامعة "أبو بكر بلقايد"، حيث شكل موضوع "العقود المستحدثة في قانون الأسرة المعدل" محورا رئيسيا ليوم دراسي نظمه مخبر القانون الخاص الأساسي لكلية الحقوق في جامعة تلمسان بهدف المساهمة في البحث العلمي حول التعديلات التي أدخلت على قانون الأسرة الجزائري، ومدى موافقتها في مسايرة المتطلبات الاجتماعية الجديدة. وتم بالمناسبة تناول محورين أساسيين يتعلقان بالعقد الذي استحدثه المشرع لتثبيت حقوق الزوجين، وكذا قضية الذمة المالية أو الأموال المشتركة بين الزوجين حيث أوضحت الأستاذة شيخ سناء من جامعة تلمسان في محاضرة بعنوان "القيمة الإثباتية للعقد الرسمي في الحقوق المالية المشتركة بين الزوجين" أن "لكل من الزوجين الحق في التصرف في أمواله الخاصة تطبيقا لمبدإ استقلال الذمة المالية". كما شرحت المحاضرة المادة 37 من قانون الأسرة المعدل الذي ينص على مبدإ استقلال الذمة المالية، والذي يفيد بأنه "لا وجود لممتلكات أو ديون مشتركة، وبالتالي فإن كلا من الزوجين يمتلكان أموالا خاصة ويتصرفان فيها بكل حرية". أما الأستاذ نعوم مراد من نفس الجامعة فقد استهل تدخله بالعرف المعهود في المجتمع الجزائري عند إبرام عقد الزواج و"الذي لا يتم فيه تثبيت أو ذكر سوى الصداق المحدد بين الزوجين بدافع حسن النية" غير أن الشروط المهمة التي ينبغي أن تبنى عليها علاقة النكاح "تضرب عرض الحائط أو يتم الإغفال عنها" حسب نفس المتحدث، الذي لاحظ أنه بنشوب اختلاف بين الزوجين أو نزاع تتأزم العلاقة بسبب غموض العقد. ولاجتناب هذه الأوضاع الصعبة فإن العقد الجديد الذي جاء به قانون الأسرة يجعل الذمة المالية مستقلة لكل من الزوج والزوجة تفاديا للمشاكل التي قد تطرح، كما تعرض الأستاذ بليعقوبي بلخير من جامعة تلمسان إلى الأهمية الرسمية في تثبيت العقود وتأمين الحقوق بين أطراف العقود المستحدثة بموجب القانون في 4 ماي 2005.