جاءت أعمال الشغب التي تعيشها الملاعب المصرية، لتؤكد حقيقة المواقف غير الرياضية التي تطبع تصرف الأنصار المصريين، وهم ذات المجموعات التي قامت بأعمال عدوانية ضد الفريق الوطني الجزائري ومشجعيه في مباراة تصفيات كأس العالم بالقاهرة يوم 14 نوفمير من السنة الفارطة. وانكشف أمر هذه الجماهير، التي تتدعي أنها رياضية، من خلال الإتهامات المتبادلة بينها لتحديد مصدر العنف، الذي ما انفك يهز الوسط الكروي المصري، وهو الأمر الذي أبرزته الصحف المصرية التي كانت تتغنى في وقت سابق، بغياب مثل هذه الأفعال المشينة في ملاعب مصر وشوارعها، وسعت جاهدة إلى تغليط الرأي العام الدولي. وإن كانت بعض التقارير الصحفية ترى أن هذا الوضع لا يخرج عن سيناريو يتكرر كثيرا مع اقتراب المسابقة من نهايتها، حيث يشتد الصراع على القمة وطمع الفوز بها، إلا أن البعض يعتبرها "أزمة كبيرة" على غرار الإعلامي أحمد شوبير الذي حذر في مقاله ليوم الثلاثاء تحت عنوان "الشغب يدمر ملاعبنا" "واتحاد الكرة يتهرب من المسؤولية" مما هو قادم وقال "إن كان الحاضر سيئا فالقادم أكثر سوء". وقد انتقلت أحداث الشغب من المباريات المعروفة سلفا كما حدث بين فريق بيتروجيت والزمالك في الدوري الممتاز حيث نقلت الصحافة إشعال الجماهير للشماريخ في المدرجات وقذفها الملعب بالحجارة ورشق حافلات اللاعبين، إلى دوري الناشئين خلال مباراة الزمالك والأهلي. وقد اعتبر الجميع أن هذا الأمر مجرد "تمرين" لقمة الكبار في الدوري الممتاز. وأمام هذه الوضع الذي يتسع نطاقه، يطالب الإعلاميون والمختصون بالتصدي وبسرعة لهذه الظاهرة التي اختفت من المدرجات الأوروبية بتطبيق عقوبات عادلة ورادعة على الجماهير المشاغبة بنقل المباريات خارج ملاعبها أو باللعب دون جماهير. وقال الكاتب الصحفي عصام عبد المنعم في يومية الأهرام أن التجاوب مع هذه الانشغالات بقي "ضعيفا" بالنظر إلى العقوبات المادية الهزيلة التي تصدر عن اتحاد الكرة ضد الأندية المعنية "فألف أو ألفين جنيه (1 دولار يساوي5 جنيهات ) غرامة لأشخاص ارتكبوا أخطاء فادحة وحتى الأندية صارت تدفع ببساطة مقابل ما حطمته أو أحرقته أو أصابته جماهيرها"، متسائلا ما الذي يمنع تكرار التجاوزات. نفس الإنشغال يطرحه شوبير بخصوص أسباب عدم اتخاذ قرار اللعب بدون جمهور إلى جانب قرار "رادع " ضد أي من الجماهير التي حطمت حافلات(كما حدث مؤخرا) وكادت تقتل بعض اللاعبين واكتفت الجهات المعنية كما قال بغرامات مالية زهيدة بحجة "أن اللائحة لا تسمح بأكثر من ذلك". ودعا بدوره الإتحاد المصري إلى ضرورة تغيير اللوائح فورا لتناسب العقوبات خطورة الأحداث من شغب بدلا من "التنصل من المسؤولية والإلقاء بها على أطراف أخرى مثل الأمن أو أحد المدربين أو إدارات الأندية. وأشار الكاتب ياسر أيوب من صحيفة "المصري اليوم" في مقال بعنوان "الحاضر والمستقبل.. في جمهورية مصر الرياضية" أن لأحداث المؤسفة التي شهدتها مباراة الزمالك والأهلي في دوري شباب الكرة.. ومباراة بتروجيت والزمالك في الدوري الممتاز فى السويس (الأسبوع الماضي).. ممكن أن تكون بداية للشروع في "إصلاح حقيقي تحتاجه مؤسسة الكرة في مصر أو تصبح تكريسا لواقع حزين ومؤلم نستحقه ونستحق كل ما سوف يحدث مستقبلا، حين تتحول الملاعب إلى ساحات قتال ويصبح المشجعون فى كل مباراة جيشا ذاهبا إلى حرب يعود منها منتصرا أو مهزوما ....". وقال انه "إن لم نجد تحقيقا ينشد الحقيقة وينتهي بعقاب قاس وصارم لكل من أخطأ، فسنصل كلنا إلى يوم نكون فيه كلنا شركاء في الإثم والجرم ونصبح فيه كلنا ضحايا لهذه الفوضى وهذا الخلل". بينما يرى بعض المختصين أن تغليظ العقوبات على الأندية لن تفي بالغرض ولن تمنع الشغب لأن الداء موجود في الأجهزة الإعلامية. وأكدوا على أهمية إرساء قيم أخرى في لغة الإعلام الرياضي بأنواعه الذي "يعامل البطل على أنه كل شئ .. ويعتبر الفوز هو الغاية والهزيمة منتهى العار ... والجمهور الذي يشتم ويسب الجميع متميز.. إلى جانب عناوين مثيرة وألفاظ تثير الغيظ والغل في قلوب المشجعين". وفي سياق متصل، أصبحت مسألة التحكيم في المدة الأخيرة محل اهتمام الجميع مع تزايد أخطاء الحكام بشكل "ملحوظ" كما قالت الصحافة. وحذرت من المشاكل التي قد تسببها أخطاء التحكيم في المدرجات والتي "تنذر بكوارث" في المرحلة القادمة المتبقية من عمر البطولة الممتازة التي ارتفعت سخونة مبارياتها مع ضيق الفارق بين الفرق المتصارعة على المقدمة والمربع الذهبي. وكانت البداية في التصريحات التي أطلقها المدير الفني لفريق الأهلي حسام بدري متهما فيها لجنة الحكام بالتآمر على الفريق. وأكد انه بصدد دراسة إمكانية اللجوء في مباريات الأهلي القادمة في البطولة إلى حكام أجانب. وتوالت الاعتراضات بالجملة على الحكام في المباريات ولم تعد مباراة دون أزمة تتحدث عنها الصحافة مما دفع بالعديد من الأندية إلى التلويح بالانسحاب أو الاعتماد على حكام من الخارج. وصرح رئيس نادي "المصري" كامل أبوعلي أن قراره الإستعانة بحكام أجانب لكل مباريات فريقه المقبلة على نفقته الخاصة قرار لا رجعة فيه، مضيفا أن فريقه "لا يحتمل هفوات أخرى لأن الأمر خطير ولا يصح الاستهانة به". وفي هذا الصدد، اقترح الكاتب الصحفي فتحي سند في جريدة الأخبار على اتحاد الكرة أن يتعاقد مع أربعة أو خمسة حكام أجانب وإسناد المباريات الحساسة لهم. وقال إن دراسة مثل هذا الاقتراح "يمكن أن يأتي بثمار ايجابية ليس لضمان العدالة التي غابت عن بعض المباريات بقصد أو بدون قصد وإنما لحماية الملاعب من كوارث يمكن أن تقع وتؤدي إلى فضائح".