أثار تصريح وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات القاضي بإجبارية انتقال مستوردي ومعلبي الأدوية الجنيسة إلى مرحلة الإنتاج وذلك في اجل لا يتعدى السنة ردود أفعال متفاوتة بين مؤيد للقرار ورافض له، حيث يجمع أصحاب المؤسسات الجزائرية المنتجة للأدوية الجنيسة على أن تحوّل العدد الهائل من المستوردين إلى منتجين سيضيف الكثير للاقتصاد الوطني، كما سيساهم في تخفيض الأسعار وتقليص التكاليف بالنسبة للدولة والمريض على حد سواء، في حين تلقى العديد من المستوردين القرار بكثير من الاستياء وحجتهم في ذلك استحالة تطبيقه في الأجل المحدد. لم يكن ينتظر العديد من المتعاملين خرجة وزير الصحة السيد سعيد بركات في الصالون الدولي للأدوية الجنيسة الذي احتضنه قصر المعارض بالعاصمة الأسبوع الماضي والذي كان المغزى منه إبراز أهمية الدواء الجنيس بالنسبة للمريض وصناديق الضمان الاجتماعي والصناعيين، حيث أعلن انه ليس أمام المتعاملين في مجال استيراد وتعليب الأدوية الجنيسة إلا سنة واحدة لمباشرة الإنتاج محليا (في الجزائر) أي في حدود فيفري أو مارس 2011"، مبرزاً أن هذا الإجراء يندرج في إطار السياسة الجديدة لترقية الأدوية الجنيسة والتي سمحت برفع استهلاك هذه الأخيرة بشكل معتبر خلال السنوات الخمس الأخيرة، حيث سجل استهلاك الأدوية الجنسية قفزة بنسبة 10 بالمائة خلال سنة واحدة فقط منتقلا من 28 بالمائة إلى 38 بالمائة بين سنتي 2008 و2009" مما أدى إلى توفير أموال لفائدة خزينة الدولة. وتسعى الدولة من خلال وزارة الصحة إلى تشجيع وتدعيم الإنتاج الوطني للأدوية الجنيسة، حيث أكدت في أكثر من مرة أن كل الجهود ستبذل لكي تصبح الأدوية الجنيسة أول منتوج جزائري إلا أن هذا الإجراء لا يخدم مصالح بعض "الأطراف" التي تفضل أن تبقى الأمور في مرحلة استيراد-وتعليب وهو ما لفت إليه الأنظار مؤخراً وزير الصحة الذي قال أن غرض هؤلاء هو كسب الكثير من المال في ظرف قصير دون بذل جهد كبير، إذ يكتفون باستيراد الأدوية وتوظيبها في الجزائر وحتى أنهم ليسوا بحاجة ليد عاملة مؤهلة لذلك. الإجراء غير قابل للتطبيق بالنسبة للبعض ورداً على التعليمات الجديدة التي أعلنت عنها وزارة الصحة اعتبر الاتحاد الوطني للمتعاملين في الصيدلة "أونوب" إجبارية انتقال الوحدات التي يتم فيها تعليب الأدوية الجنيسة إلى وحدات إنتاج في أجل لا يتعدى سنة أمرا غير معقول، موضحاً على لسان رئيسه أن مؤسسات المتعاملين الخواص في الصيدلة الذين يشكلون 80 بالمائة من مجموع المتعاملين الناشطين في مجال الأدوية تعاني "اختناقاً ماليا" منذ استحداث القرض السندي نظراً لصعوبة الحصول على القروض اللازمة وبالتالي فهم عاجزون على تنفيذ أي مشروع استثماري. وطالب الاتحاد بضرورة ضبط سياسة للدواء الجنيس قبل اتخاذ مثل هذه التدابير التي لا تزيد قطاع إنتاج الأدوية في الجزائر إلا تعقيدا. وفي نفس الاتجاه أكد العديد من المتعاملين الذين التقتهم "المساء" في الصالون الدولي للأدوية الجنيسة الذي نظم الأسبوع الفارط بقصر المعارض أنهم ليسوا ضد القرار نفسه وإنما المشكل يكمن في عدم جاهزية الكثير منهم لمباشرة الإنتاج في الظروف الحالية التي لا تشجع حسب اعتقادهم، نظرا للصعوبات المسجلة في الميدان كالاستفادة من القروض وعدم التحكم في التقنيات اللازمة للإنتاج بالإضافة إلى أن المدة اللازمة لاكتساب هذه التقنيات يجب ألا تقل عن الخمس سنوات. القرار يخدم الاقتصاد الوطني وفي المقابل يرى العديد من المتعاملين أن التدابير الجديدة جاءت في وقتها المناسب بل إنها بالنسبة للبعض الآخر تأخرت كثيرا كونها ستساهم في تقليص الفاتورة الوطنية للأدوية وتخفف على صندوق الضمان الاجتماعي والمواطن على حد سواء فالأدوية الجنيسة أرخص ثمنا من الأصلية ولا تكلف المريض الكثير وفي نفس الوقت فهي تعوض 100 بالمائة. ومن المؤسسات الجزائرية التي اقتنعت بضرورة الإنتاج محليا مؤسسة "بيوفارم" التي شرعت في عملها سنة 2003 بعد تدشينها من طرف رئيس الجمهورية بتوظيب الأدوية الجنيسة ثم انتقلت بعد خمس سنوات أي في 2009 إلى مرحلة الإنتاج وهي تغطي حاليا السوق الوطنية بتشكيلة هامة تضم 20 نوعا من الأدوية كالمضادات الحيوية وأدوية داء السكري وعلاج مختلف الالتهابات. وقد رحب مسؤول بهذه المؤسسة بقرار إجبارية إنتاج الدواء الجنيس بالجزائر بالنسبة للموظبين، حيث وصفه بالمبادرة الكفيلة بحماية المستثمرين في مجال إنتاج هذا النوع من الدواء من المستوردين الذين لا يهمهم سوى الربح. وأوضح محدثنا الذي تشغل مؤسسته أزيد من 100عامل رغم حداثة نشأتها أن مجال الإنتاج شجعه على تحقيق المزيد من النتائج في الميدان من بينها التشكيلة الجديدة التي ستنزل السوق قبل شهرين أو ثلاثة على الأكثر وتتمثل في أدوية خاصة بأمراض القلب والسكري وأمراض الصدر بالإضافة إلى الفياغرا. جديد صيدال رغم وجود حوالي 60 مخبرا خاصا بإنتاج الدواء عبر مختلف ولايات الوطن إلا إن مؤسسة "صيدال" تبقى تحتل ريادة إنتاج الدواء الجنيس وهي تخرج سنوياً بالجديد وحسب مختصة بيولوجية بالمؤسسة، فإن صيدال بصدد وضع تشكيلة جديدة من الأدوية الجنيسة في السوق وذكرت من بينها دواء "تايلوك"وهو بديل دواء "مالوكس" ولكن على شكل أقراص يستعمل لعلاج آلام المعدة، كما كشف مصدرنا عن تشكيلة أخرى على شكل مراهم خاصة بمختلف أنواع حالات الالتهاب بالإضافة إلى مشاريع هامة تتعلق بإنتاج أدوية بعض الأمراض المزمنة كالسرطان. غلاء الأصلي لا يعني أن الجنيس أقل نجاعة ويرجع العديد من الصيادلة والمختصين في مجال الأدوية التحفظات التي يبديها المواطنون بخصوص الأدوية الجنيسة إلى الاعتقاد بأن عدم غلائه يرجع إلى كونه لا يتمتع بنفس النجاعة التي يتسم بها الدواء الأصلي، حيث أشاروا إلى أنه لابد من وقت ليفهم المواطن انه يشمل نفس خصائص الدواء الأصلي وأن غلاء الدواء الأصلي راجع إلى كون صاحبه الذي اخترعه انفق الكثير في الأبحاث والتدابير التي تصطحب كل اختراع جديد وبالتالي فإن تكلفته الباهظة لا بد أن تعود بالربح على صاحبه الأصلي وأما الذي يعيد إنتاج الدواء فهو لا ينفق مثل ما انفق عليه صاحبه الأصلي كونه يحصل على الملف أو "التركيبة الأمّ" الجاهزة ويشرع في الإنتاج مباشرة. ويؤكد ممثل النقابة الوطنية للصيادلة الخواص من جهته على أن التخوف من الدواء الجنيس لدى العديد من الجزائريين هي قضية ذهنيات وأفكار مسبقة والتي مفادها أن كل ما يأتي من أوروبا والخارج بصفة عامة هو أحسن، مما يتطلب العمل على فكرة التحسيس والتوعية لإقناع المستهلكين وعلى الخصوص المرضى لمعرفة الدواء الجنيس وتركيبته التي لا تختلف عن تركيبة الدواء الأصلي وبالتالي فإن المفعول هو نفسه وللأطباء والصيادلة دور هام في هذا التحسيس الذي تشجعه الدولة، حيث قررت تقديم دعم لكل من يقوم بالترويج للأدوية الجنيسة التي تشجع استهلاكه ليصبح الأول ضمن الأدوية المستهلكة وطنيا.