إقتنع الدبلوماسي الأممي بيتر فان فالسوم الموفد الشخصي للأمين العام لهيئة الأممالمتحدة بان كي مون إلى الصحراء الغربية، أن تنقله بين طرفي النزاع الصحراوي لن ينفع في شيء مسألة تحريك مسار السلام المعطل بينهما منذ عدة سنوات· ولم يخف فان فالسوم في ختام المحادثات التي أجراها مع الرئيس الصحراوي محمد عبد العزيز بمخيمات اللاجئين في منطقة تندوف، إمتعاضه من صيرورة المساعي الأممية الرامية إلى إنهاء أحد أقدم النزاعات في افريقيا، بعد أن تأكد"أن مواقف الطرفين ما زالت جد متباعدة"· ولخصت هذه العبارة بشكل واضح حالة الإحتقان القائمة في موقفي المغرب وجبهة البوليزاريو وتمسك كل طرف بموقفه المبدئي بخصوص نظرتهما لطبيعة هذا النزاع ومقاربة كل واحد منهما لتسويته· وهي القناعة التي جعلت الموفد الأممي"لا يرى فائدة من تقدم أي مقترح سيقابل برفض أحد الطرفين وأنه لم يحمل خطة جديدة للخروج من حالة الإنسداد هذه"·ويكون مبعوث بان كي مون بهذا التصريح قد حكم بالفشل المسبق على جولة المفاوضات الرابعة بين الرباط وجبهة البوليزاريو المنتظر عقدها منتصف الشهر القادم بمانهاست الأمريكية، وهو الذي شرع في جولته المغاربية لهدف وحيد وهو محاولة تقريب وجهات نظر الطرفين بخصوص العديد من النقاط الخلافية التي عجزت الأممالمتحدة على تذليلها· ورغم قناعة فالسوم وكل الأممالمتحدة بهذه الحقيقة، إلا أنه أكد أن الهيئة الأممية مازالت متمسكة بعقد الجولة الرابعة من المفاوضات·والواقع أن الديبلوماسي الأممي لم يكشف جديدا حول الانسداد القائم وكان عليه أن يحدد الطرف المعرقل لمسار المفاوضات ولكل عملية التسوية التي باشرتها الأممالمتحدة منذ 1991 وفشلها المتكرر في تجسيد لوائح أممية كان مجلس الأمن الدولي قد صادق عليها لإنهاء النزاع، ولكن الأمناء العامون الذين تعاقبوا على إدارتها فشلوا جميعا في تحقيق الإنفراج المنشود لآخر قضايا تصفية الاستعمار في القارة الإفريقية· وإذا كانت هذه هي قناعة المبعوث الشخصي بوجود تنافر في مواقف طرفي النزاع فإن ذلك يدفع إلى التساؤل حول جدوى جلوس أعضاء الوفدين المتفاوضين إلى الطاولة لرابع مرة وربما لخامس وسادس مرة وأكثر إذا كان نتائجها محسومة مسبقا ولن تتعدى دائرة الفشل· وإذا تكرّس هذا الواقع وتأكد معه فشل الدور الأممي فإن مقولة أن "الحوار في حد ذاته يُعد مكسبا في طريق التسوية" سيفقد معناه بل أن تكرار هذه اللقاءات دون نتيجة سيكون له إنعكاسات سلبية وستدفع بالطرف المتضرر من سياسة التسويف والمماطلة إلى التفكير في أساليب أخرى أكثر نجاعة لإسماع صوته التفكير في أساليب أخرى أكثر نجاعة لإسماع صوته· واعتراف الأممالمتحدة بهذا الواقع المتشائم لا ينفي عنها المسؤولية المباشرة في هذا التعطل لمسار التسوية لأنها تدرك منذ بيريز دي كويلار أن الرباط هي الطرف المعرقل والرافض لآية تسوية سلمية ولكنها لم تحرك ساكنا لردعها على افتعال مواقف الإنسداد المقصود ربحا للوقت واستدامة لمأساة شعب بأكمله رفض ويرفض سياسة الأمر الواقع التي فرضها الراحل الحسن الثاني ويعمل نجله على تكريسها بشتى الوسائل والطروحات المرفوضة· وإذا كان بيتر فان فالسوم قد اعترف بصعوبة مهمته وتحميله الرباط مسؤولية ذلك بدليل أن تصريحه أدلى به في مخيمات اللاجئين وليس في الرباط، فإن السؤال المطروح هل ستتحرك الأممالمتحدة هذه المرة لإخراج مفاوضات مانهاست من الطريق المسدود الذي آلت إليه بعد ثمانية أشهر منذ إنطلاقها!·