صدر مؤخراً عن المجلس الأعلى للغة العربية كتاب بعنوان ''نصوص مسرحية للأطفال''، يضم 11 مسرحية لمؤلفين جزائريين ناشئين فازوا بجوائز الطبعتين الأخيرتين (2008 / 2009) للمسابقة الوطنية لمسرح الطفل، التي شارك فيها 127 مؤلف، اختارت منها لجنة القراء والتقييم 11 مسرحية. جاء الكتاب ليُشجع كُتّاب اللغة العربية الشباب في فن المسرح وتثمين جهودهم وإبداعاتهم، لما لذلك من أهمية في نشر الوعي الاجتماعي وتكريس القيم الوطنية وتنمية الحسّ المدني وحقوق وواجبات المواطنة، وترقية الذوق الفني للجمهور بالإضافة إلى تحسيس فئات المجتمع ولاسيما الشباب بمخاطر الانحرافات التي قد يتعرضون لها، ومنح الفرصة للمؤلفين الشباب للتعريف بأعمالهم من خلال 264 صفحة سُردت فيها المسرحيات كل واحدة على حدة، انطلاقاً من مسرحية ''أطفال الحي: عطاء وشموخ'' لمؤلفها الأستاذ حسين شوفات من الوادي، التي تهدف إلى زرع مبادئ التكافل والتضامن داخل المجتمع؛ ليتطرق بعد ذلك الأستاذ سريو بوجمعة من غرداية في دراسته إلى نصوص المسرح المدرسي الهادف بين الترفيه واكتساب المعارف، وبيّن من خلالها أهميّة المسرح المدرسي ونتائجه الإيجابية على الأطفال من خلال ترسيخ مهارات وقيم في قالب ترفيهي، وصَقل للمواهب وتوجيهها. لتليها مسرحية بعنوان ''الوصفة السحرية'' للأستاذة كريمة سهلي من ولاية الشلف، أمّا الأستاذ عبد المجيد شريف من الجزائر العاصمة فقدّم مسرحية غنائية تحمل عنوان ''الأم حمامة وفراخها'' منح خلالها الكلمة للطبيعة من خلال تجسيد الأطفال لأدوار الأشجار، الأزهار والطيور بالإضافة إلى الأم حمامة وفراخها، الثعلب والذئب. ونجد في الصفحة الثالثة والثلاثين بعد المائة ''أنشودة القناديل'' للأستاذ مصطفى بن دهينة من بشار، وقد وُضعت تحت تصرف الفرقة المسرحية لولاية تندوف لإخراجها وعرضها على ركح المسرح، تأتي بعدها مسرحية أخرى تروي عاقبة الخائن لعشيرته، أبطالها حيوانات الغابة، واختارت لها مؤلفتها الأستاذة صليحة ججيك من ولاية الجزائر عنوان ''نهاية الخيانة''. من جانبه، يسرُد الدكتور حسن ملياني، قصة غابة مُهمَلة وبائسة اتفق جميع الحيوانات على تنظيفها وإعادة البهجة إليها، ووضع لها عنوان ''الغابة السعيدة''، بعدها يأتي الدور على مسرحية الأستاذ فخار بكير بن محمد بن عيسى من غرداية، والتي تحمل عنوان ''رأسمالنا تربية أبنائنا'' تدور أطوارها بين تلميذين ووالديهما وأستاذهما. عرض المؤلف خلالها أسلوبين في معاملة الآباء للأبناء وأثرهما على سلوك الطفل؛ وقدمت الأستاذة عائشة بن عبيد من سطيف، مسرحية ''عيون من زجاج'' بيّنت فيها أن المجتمع أصبح مليئاً بالأسرار بعدما أصبحت عيون الناس كمرآة تُخفي خلفها الكثير من الأمور تَتَسبّبُ في النهاية بإحداث مأساة، ثمّ يأتي ''الحنتوس'' وهو عنوان مسرحية الأستاذة حفيظة غواري من خنشلة، التي تُظهر فيها دور الوسواس في نفوس الناس. وجاءت آخر مسرحية من تأليف الأستاذة حسينة فلاح من تيزي وزو تحت عنوان ''كُفّ عن المخدرات...أبتي'' مُقسّمة إلى عدة مشاهد بطلها تلميذ والده مدمن مخدّرات يضربه فيُدخله المستشفى، ليُلام ويُعاتب الأب من قبل أفراد العائلة ومديرة المدرسة، ليكون هذا الخطأ سبباً في إقلاعه عن المخدّرات. وسيجد القارئ من خلال هذه النصوص المسرحية ظواهر اجتماعية عديدة، في مقدّمتها محاربة الآفات المضرّة بالفرد والمجتمع، والحثّ على قيمة العمل واحترام الوقت، والحفاظ على البيئة ونشر القيم الوطنية والإنسانية مثل حُب الوطن والتسامح. وتضمّن الكتاب ملاحق جاءت على شكل مداخلات أُلقيت في حفل توزيع الجوائز، من بينها كلمة الدكتور محمد العربي ولد خليفة رئيس المجلس الأعلى للغة العربية، أشار فيها إلى أنّ المجلس بادر في منتصف سنة ,2008 بتنظيم مسابقة مخصّصة للمسرح الموجّه للأطفال ما بين 10 و17 سنة وتمّ اقتراح المواضيع التي يجب على النصوص أن تتناولها وهي: القيم الوطنية، المواطنة، العمل واحترام الوقت، محاربة الآفات الاجتماعية والوقاية منها والحفاظ على البيئة.