لا يمكن لأية عبارة يتم توظيفها هنا لتصوير بشاعة ما اقترفته الوحدات الخاصة الإسرائيلية ضد نشطاء حقوقيين دوليين مسالمين قدموا من مختلف دول العالم للتعبير عن تضامنهم مع شعب أعزل والقول بصوت عال لا لتقتيل الأبرياء في عالم يدعي حماية حقوق الإنسان وضمان حق الحياة للجميع.وحتى وان استعملت كل المصطلحات والعبارات فإن ذلك لن يغير في شيء من صورة إسرائيل الإجرامية التي تقتل ولا تجد حرجا في القول أنها تقتل الأبرياء وأنها غير عابئة بما يقوله العالم. وإلا فبماذا يمكن نعت التصرف الذي أقدمت عليه إسرائيل فجر أمس ضد سفن أعلنت أمام العالم أنها تريد فقط القيام بلفتة إنسانية لكسر حصار إجرامي على 5,1 مليون فلسطيني. وأقدمت إسرائيل على مثل هذه الجريمة ضد نشطاء حقوقيين عالميين ودماء أبناء غزة 1400 لم تجف بعد ودمار عدوانها مازال ظاهرا للعيان وهو ما حز في نفس هؤلاء الذين اخذوا على عاتقهم خيار مواجهة التحدي العسكري الإسرائيلي بتحد إنساني لغته التعاطف وكسر القوة باللين. ثم بماذا يمكن تصوير التصرف الإسرائيلي بقتل عشرة متضامنين سوى بالقول انه جريمة أخرى ضد الإنسانية تستحق إحالة مقترفيها على محاكم دولية بصفتهم مجرمين تكون نهايتهم الحتمية السجن المؤبد. وأما وقد تأكد العالم من النزعة العدوانية لإسرائيل فماذا يمكن أن يفعله من أجل لجم هذه النزعة ووضع حد لتصرفات صناع الموت الإسرائيليين. ويمكن القول دون تردد أن العالم كله لن يقدر على فعل شيء ضد هذا الكيان وقد كانت تصريحات نتانياهو الموجود في كندا المبتهجة بما اقترفه جنوده اكبر رد على ذلك حيث راح يحيي ما أقدم عليه هؤلاء ضد أبرياء في عرض المياه الدولية ذنبهم الوحيد أنهم تحركوا بعاطفة إنسانية لنصرة أناس آخرين يموتون موتا بطيئا في عالم يدعي حماية الحق في البقاء ويضمن الحريات ومساواتهم أمام القانون. وحتى وان سارعت إسرائيل إلى إيجاد المبررات والذرائع للتغطية على جريمتها فإنها لن تتمكن هذه المرة من إقناع أي احد بشرعية ما اقترفته وخاصة وان نشطاء حقوقيين ومحامين ورجال قانون وفنانين وكتاب ركبوا سفن أسطول الحرية للقيام بما لم تستطع الحكومات القيام به في وجه احتلال مقيت ولا يمكن لإسرائيل أن تنعتهم لا بالإرهابيين وبالمعادين للسامية ولإسرائيل نفسها مادام بينهم نشطاء يهود لا يحبون حركة حماس ولكنهم كرهوا الصورة المقيتة التي ألصقتها بهم حكومات الاحتلال بسبب جرائمها المتواصلة منذ اكثر من ستة عقود. والمفارقة أن جريمة إسرائيل أمس ضد أبرياء حقوقيين وهم في عرض المياه الدولية جاءت والوزير الأول الإسرائيلي يحل ضيفا على الوزير الأول الكندي وكان حريا بهذا الأخير أن يرفض استقباله ولكنه في النهاية لم يقل أكثر من عبارة تأسف على ما حدث. والسؤال الذي يفرض نفسه: ماذا لو ارتكبت دولة أخرى مثل ما أقدمت عليه إسرائيل؟ وحادثة ضرب فرقاطة كورية جنوبية مازالت قائمة ولم تتوان واشنطن في إلقاء ثقلها من اجل تشويه صورة كوريا الشمالية على أنها دولة مارقة يجب تقليم أظافرها ولكنها لم تر في خرق إسرائيل لقداسة قانون الملاحة الدولية انتهاكا لهذا القانون. ويلخص هذا الموقف مواقف كل الدول الأخرى الداعمة لإسرائيل في غيها وتحديها لكل العالم وقد كان الأجدر أن تتحرك ولو عاصمة أوروبية واحدة لإصدار أمر دولي بإلقاء القبض على نتانياهو وإحالته على محكمة جنايات دولية لأنه المسؤول الأول الذي أعطى الأمر النهائي لاقتراف مثل هذه الجريمة التي سوف لن تكون الأخيرة.