قرر أعضاء مجلس الأمن الدولي في جلسة ساخنة كانت إسرائيل فيها محور انتقادات لاذعة، فتح تحقيق دولي مستقل حول عملية القرصنة الإجرامية التي نفذتها قوات إسرائيلية في أعالي البحار وقتلت خلالها قرابة عشرين متضامنا إنسانيا مع سكان قطاع غزة المحاصرين. وألح قرار مجلس الأمن الدولي الذي تمت المصادقة عليه فجر أمس على الإسراع في إجراء تحقيق غير منحاز وذا مصداقية وشفاف وفق المعايير الدولية لمعرفة ملابسات اقتراف تلك الجريمة. ويكون مجلس الأمن الدولي من خلال ذلك قد جنب إسرائيل ورطة دبلوماسية وقانونية حقيقية إذا سلمنا أن ما وقع لم يكن يستدعي مثل هذا التحقيق ولا تشكيل فريق تحقيق دولي على اعتبار أن ما حدث اعتداء خطط له قبل أن تقلع السفن الإنسانية من موانئها ولأن نية القتل كانت مبيتة والصور التي بثت أظهرت أن عملية الإنزال العسكري ضد مسالمين لا لبس عليها ودليل قاطع على فظاعة التصرف الإسرائيلي. ويحق لإسرائيل أن تتنفس الصعداء بعد جريمتها لأنها مقتنعة أن سياسة التحقيقات المستقلة ستنتهي إلى طي النسيان بنفس النهاية التي انتهت إليها كل التقارير التي أنجزت حول جرائمها في قطاع غزة خاصة وان نتائج تحقيق القاضي الدولي ريتشارد غولدستون حول جريمة أفظع اقترفها جيش الاحتلال في غزة نهاية سنة 2008 طويت صفحته وكأنه لم يكن. والمؤكد أن فريق التحقيق الذي سيتم تشكيله لهذه المهمة سوف لن يأتي بجديد أكثر مما تناقلته شهادات الناجين وصور القنوات التلفزيونية وما سيكشف عنه الصحافيون الذين كتبت لهم النجاة بعد عودتهم إلى بلدانهم ولأنه ببساطة سوف لن يجد لدى الجانب الإسرائيلي سوى التستر بذريعة حماية الأمن القومي الإسرائيلي والرد على الاستفزازات التي قام بها المبادرون بهذه القافلة. وحتى إذا سلمنا أن التحقيق سيكون منصفا لأرواح من ذهبوا ضحية الغطرسة الإسرائيلية فهل نأمل يوما في إنزال عقوبات على الكيان الإسرائيلي المحتل كما طالبت بذلك دولة النرويج التي طالبت برفض حصار على بيع الأسلحة للكيان الإسرائيلي كتصرف حسن نية على الأقل من المجموعة الدولية باتجاه إسرائيل. ولكن المؤكد أن الولاياتالمتحدة التي ألقت بكل ثقلها اول أمس في مجلس الأمن للتخفيف من حدة لغة البيان النهائي للمجلس سوف لن تسمح بتشويه صورة إسرائيل بأكثر ما شوهها اعتداؤها على قطاع غزة نهاية العام .2008 وهو السند الذي جعل إسرائيل أمس تشدد اللهجة بأنها لن تسمح أبدا بسفن مساعدات قادمة باتجاه سكان غزة والقراءة الوحيدة أنها ستواصل قرصنتها ضد نشطاء حقوق الإنسان في العالم والأكثر من ذلك أنها لن ترفع الحصار على قطاع غزة . وهي كلها حقائق تجعل الغزاويين وكل الفلسطينيين يفقدون كل أمل في رفع الغبن عنهم مادامت الأممالمتحدة تحت رحمة ''فيتو'' الولاياتالمتحدة وإسرائيل محمية من جانبها.